تنويه: هذا النص تتخلله العديد من الاحتمالات والشكوك والاستقطاعات الوظيفية التي تفيد الاستدراك.
الجفاء في اللغة العربية، خلاف البِر ونقيضُ الوصل، يقال أيضاً غُلظ الطبع، لكن الفاعل بالعديد من المواضع قد يكون بعيد كل البعد عن هاتك الصفة.
يُقال: جفاه إذ بعُد عنه غالباً دون تحذيراتٍ سابقة أو أسباب واضحة للعيان، وقد يكون هناك أسباب معروفة للمُتسائل لكنه يُفضِل تجنّب السؤال عنها، خشية قطع الشك باليقين.
للتخلص من شجن الجفاء قسم ابن حزم الأندلسي الصبر على الأخير ثلاثة أقسام:
. صبر عمَّن يقدر عليك، ولا تقدر عليه.
.صبر عمَّن تقدر عليه، ولا يقدر عليك.
.وصبر عمَّن لا تقدر عليه، ولا يقدر عليك.
فالأوَّل ذُل ومهانة، وليس مِن الفضائل، ولكني أراه سيّد الفضائل و الهُيام بحد ذاته، فمن الصبر تأتي روح الأمل اللتي أدرك الناس منذ العصور القديمة أن لديها القدرة على شفاء آلامهم ومساعدتهم على تجاوز الآلام التي تسببها الأرواح والأحداث الشريرة، التي ظهرت على هيئة الإله Elipse في الاسطورة اليونانية زيوس وبروميثيوس، وذلك عندما سرق بروميثيوس النار من الإله زيوس الأمر الذي أغضبه فبدوره أنشأ صندوقًا يحتوي على جميع أخلاق الشر، دون علم المتلقي في الصندوق. فتحت باندورا الصندوق بعد تحذيرها من ذلك، وأطلقت العنان للعديد من الأرواح الضارة التي تسببت في الأوبئة والأمراض للبشرية.
ومع ذلك، فإن الأساطير الإسكندنافية اعتبرت (هوب) هو السم الذي يقطر من فم فينريس وولف، و صنف مفهومهم للشجاعة على أنه شجاعة مبهجة للغاية في غياب الأمل.
وعلى سبيل الشجاعة لا يمكنني سوى أن أستذكر جزءاً من رسائل نوبوكوف إلى فيرا اللتي يُمكن إعادة توجيها للجافي على وجه الخصوص:
هنالك أشياء يصعب الحديث عنها، لكنكِ تستطيعين بكلمة واحدة التخلص من كل طبقات الغبار فوقها..
نعم، أحتاجك، يا قصّتي الخياليّة، لأنك الشخص الوحيد الذي أستطيع التحدث معه عن ظل غيمة، عن أغنية فكرة، عن الوقت الذي ذهبت فيه للعمل ونظرتُ إلى زهرة عبّاد شمس، ونظرتْ إليّ، وابتسمتْ كل بذرة فيها.
كيف بإمكاني أن أشرح لك أنني لا أستطيع كتابة كلمة واحدة دون أن أتخيّل طريقة نطقكِ لها، ولا أستطيع تذكر لحظة واحدة تافهة دون ندم لأننا لم نعشها معًا، سواءً أكانت لحظةً خاصة، أو لحظةً لغروب الشمس، أو لحظةً يلتوي فيها الطريق.
أعلم أنني لا أستطيع إخبارك بكل ما أريد في كلمات وعندما أحاول فعل ذلك على الهاتف، تخرج الكلمات بشكل خاطئ تمامًا. وعلى من يتحدث معك، أن يكون بارعًا في حديثه.
وأهم من هذا كلّه، أردت لكِ أن تكوني سعيدة، وبدا لي أن باستطاعتي منحكِ هذه السعادة سعادة مشرقة، بسيطة، وليس سعادة كليّة أبديّة.
أستطيع أن أشعل عشرة قرون بحبي، بأغنياتي وشجاعتي. عشرة قرون كاملة، مجنّحة وعظيمة، مليئة بالفرسان الذين يصعدون التلال الملتهبة، وأساطير عن العمالقة وطروادة، وعن الأشرعة البرتقاليّة، عن القراصنة والشعراء. وهذا ليس وصفًا أدبيًا، لأنك إن عدتِ لقراءته مرةً أخرى ستكتشفين أن الفرسان يعانون من زيادةٍ في الوزن.
أحتاجكِ بشكل لا يطاق، عيناكِ اللتان تشرقان عندما تسندين رأسك للخلف، وتحكين قصة مضحكة عيناكِ، صوتكِ، شفاهكِ، كتفاكِ ،خفيفان، مشرقان…
لقد دخلتِ حياتي، ليس كما يدخل الزائر، بل كما ترجع الملكات إلى أوطانهن..
-
ولاءطالبة علم اجتماع، مهتمة بعلوم الأحياء والفيزياء الكمية، أيضا بالأعمال الأدبية العربية عن طريق دمجها بالمسرح مع الأعمال الأوروبية.