✍🏻 بقلم / شيماء محمود الدالي
#حال_البخيل
ترى حال البخيل عجيبا ! لديه المال ويشتهي الأشياء ولا يقتنيها ، يعيش عيشة الحرمان ، يحرم نفسه ومن يعول من متع الحياة وضرورياتها ،
إذا أطعمهم لا يشبعهم، وإذا اشترى لهم الثياب اشتري أرخصه ، وإذا أعطاهم المصروف تكاد روحه أن تبلغ الحلقوم .
يَدَّعِي الفقر دائما جحودا لنعمة الله عليه.
يراه من يجهله يظنه فقيرا من شدة ما يبدو عليه من البؤس ،
ترى الفقير المعدم أحسن حالا منه .
إذا نظرت لحاله مع الناس وجدته عجيبا ! يتطلع إلى ما في أيديهم ويسعى في استقطاعهم وتحصيل ما يستطيع تحصيله منهم ،
تجد الناس ينفرون منه ويبغضونه ، يبغضه القريب والغريب حتى أهل بيته .
يدفعه بخله وحرصه على فعل ما يطعن في مروءته ، فتراه يَذِل إلى الناس رجاء منفعة يصيبها منهم .
يبيع دينه بعرض من الدنيا ؛ فيسعى في كسب المال بطرق مشروعة وغير مشروعة غير مبال بحلها أو حرمتها .
يحمله بخله على ترك الواجبات وتضييع الحقوق ؛ فلا يؤدي الحق الذي عليه ، حتى النفقة على العيال، وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من التفريط في النفقة على العيال ، فقال صلوات الله عليه :
( كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته ) 📚 رواه مسلم ،
📚 وراه أبو داود بلفظ : ( كفى بالمرء إثما أن يضييع من يقوت)
#وماذا_بعد_البخل_والحرمان_وارتكاب_الآثام
إنه الموت أيها البخيل ، ستترك ما كنزته لورثتك يتمتعون هم به وتحاسب أنت عنه أمام الله تعالى ، ستحاسب يا بخيل عن كل فلس جمعته .
#موقف_الدين_من_البخيل
البخل خلق ذميم لم ترضه الشريعة الإسلامية ؛ بل نهت عنه وحذرت منه ونبهت على أن البخل لا يجتمع مع الإيمان ،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(... ، ولا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد ابدا ) 📚 رواه النسائي وصححه الألباني
وذلك لأن البخل هو أصل كل بلية ، فقد ينشأ عنه التحاسد والتباغض ويوقع العداوة والبغضاء ، ويحمل الإنسان على سفك الدماء وقطع الأرحام وانتهاك الحرمات وأكل أموال الناس بالباطل مما يؤدي إلى هلاك الأمة ، كما أدى إلى هلاك أمم سابقة ،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
« ...، وإِيَّاكُمْ والشُّحَّ ، فإنَّهُ دعا من كان قبلَكُمْ فَسَفَكُوا دِماءَهُمْ، ودعا مَنْ كان قبلَكُمْ فَقَطَّعُوا أَرْحامَهُمْ، ودعا مَنْ كان قبلَكُمْ فَاسْتَحَلُّوا حُرُماتِهمْ» 📚 صحيح الترغيب .
إن الشح يودي بالإنسان في المهالك في الدنيا بما ينتج عنه من آثار مدمرة ، وفي الآخرة بما يرتكبه الإنسان من آثام سيحاسب عنها يوم القيامة .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« ثلاث مهلكات : فشح مطاع ، وهوى متبع ، وإعجاب المرء بنفسه » 📚 رواه البزار والطبراني وحسنه الألباني.
#عاقبة_البخل_في_الدنيا_والآخرة
لقد جاءت الشريعة محذرة من عاقبة البخل في الدنيا والآخرة ، فبشرت البخيل بتلف ماله وضياعه أو هلاك البخيل نفسه ،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« مَا مِنْ يوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلاَّ ملَكَانِ يَنْزلانِ، فَيقولُ أَحدُهُما: اللهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقاً خَلفاً، ويَقولُ الآخَرُ: اللهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكاً تَلَفاً » 📚 متفقٌ عليه.
إنه سَيُعَرِّض نفسه لدعاء الملكين عليه وذلك في كل يوم ، ولا شك أن دعاء الملكين مستجاب .
كما توعد الله تعالى البخيل في القرآن بالعسرى ، وذلك بأن ييسر عليه عمل الشر ويعسر عليه فعل الخير ، وأنه إذا أفضى إلى الآخرة فلا ينفعه ماله هذا الذي جمعه واكتنزه وبخل به ، فإنه لن يغني عنه من عذاب الله من شيء .
قال تعالى : ﴿ وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى . وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى . فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى . وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى} [الليل:8-11]،
بل إن هذا المال الذي بخل به سَيُجْعَل طوقا حول عنقه يُطَوَّق به في نار جهنم،
قال الله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ ۖ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ ۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [آل عمران:180]،
فعد أيها البخيل إلى رشدك ، واستعمل عقلك ، وتفكر فيما يؤول إليه حالك ، وسل نفسك سؤالا :
لماذا تكنز هذا المال ؟!
وإذا كنت لا تنفقه فما الغاية من جمعه إذا ؟!
إذا كانت هذه حالك ؛ فالحقيقة أنه ليس بمالك ، وإنك بمنزلة الخازن عليه الذي تحرسه لغيرك ، غير أنك ستحاسب عنه،
عَنْ عبْدِاللَّه بنِ الشِّخِّيرِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وهُوَ يَقْرَأُ: أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ [التكاثر:1]
قَالَ: يَقُولُ ابنُ آدَم: مَالي! مَالي! وَهَل لَكَ يَا ابْنَ آدمَ مِنْ مالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَو لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ؟! 📚 رواه مسلم.
إن مالك الحقيقي هو الذي تنفقه على نفسك وعلى غيرك في الواجبات والمستحبات ، وما تبقى منه فإنه ليس بمالك ، إنه مال ورثتك ،
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
«أيُّكم مالُ وارثِه أحَبُّ إليه من مالَه؟» قالوا: يا رسول الله، ما منَّا أحد إلا مَالُه أحَبُّ إليه. قال: «فإن مالَه ما قدَّم، ومالُ وارثِه ما أخَّر». 📚 رواه البخاري
فالله الله في نفسك لا تهلكها ، فَتَخَلَّص من شح نفسك ، وأدِ ما عليك من حقوق ، وأنفق في أوجه البر والخير ، يخلف الله عليك ، وتفز بخيري الدنيا والآخرة ، وتنج من عذاب النار .
قال الله تعالى : ﴿ وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين﴾ [ سبأ : 39]
وقال سبحانه : ﴿فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فاؤلئك هم المفلحون﴾ [التغابن : 16]