لعلي لا أجد روحي بينهم !
كثيراً من الأحيان ما أهمّ بالخروج من المنزل ،ولكن لم أصطحب روحي معي ، لعلها فضلت البقاء بعيداً عن ترّهات ذاك العالم الخارجي !
ويكأنها تعلم ما يخفيه هذا العالم ويضمره ، بل قد تصل حيناً فتنصحني من وقت لآخر لا تذهبي هنا ولا تمكثي هناك ، ولكن كثيراً ما أخالفها وقليلاً ما أوافقها ولكن أستطيع أن أجزم أن تلك المرات التي نصحتني بالبقاء معها وتمردت عليها قد كانت على صواب !
وكنت كالطفل الذي يبكي حتى يعود لأمه بعدما طلب منه أحد قربائه المبيت معه وانساق وراء كلماته ، ثم اعتراه الندم !
كثيراً ما تمكث في مكان ما مع أشخاص ما في هذا العالم ، ولكنك تجد أنك جسد بلا معنى ، قد تركتك روحك بمعنى الكلمة ، جسداً هامداً قد تخلت روحه عنه !
فوجهك الآن يبدأ باصطناع تلك التعابير المختلفة من الابتسامة والفرح وغير ذلك !
ويكأنك ارتديت ذلك القناع أمامهم تخفي فيه روحك ، لا يظهر إليهم سوى تلك الأقنعة الزائفة ، وتلك الابتسامات المصطنعة والفرح المفتعل ..
حتى أن لسانك قد تنكر بتلك الكلمات المزينة المزيفة التي يتفوه بها لكل البشر تقريباً ...
لا أذكر متى كانت المرة الأخيرة التي اصطحبت فيها روحي معي ، لعلها كانت منذ سنوات ...
فنادراً ما تجد ذلك المكان الذي يطمئن له قلبك ، وتطرب له روحك ، وينتشي له قلبك ، وتزهو فيه النفس عالياً ..
مكان تلفه أواصر المحبة مكان لا يكلفك ما لا تطيق .
مكان قبيل دخولك له تضع تلك الأقنعة الزائفة خارجاً ، ويكأنك تتحرر من قيود عبودية تلك الأقنعة وعبودية التكلف .
مكان تستكين فيه النفس ، وتقابل الروح من على شاكلتها ، من يهمها أمرهم من تجد نفسها بينهم .
تجد الروح أولئك الذين تقابلهم يومياً في أحلامك ..
ما تجد فيه الروح من يروّح عنها !
فاذا وجدت الروح المكان المناسب لها ، أجزم لك سيظهر أثر ذلك على جميع جوارحك ، ستظهر تلك المعاني الصادقة وتلك التعابير غير المتكَلفة ، وستتولد تلك الابتسامة التي تشف ما يخبئه قلبك .
لعلك الآن بدأت تراودك العديد من الأسئلة أين هذا المكان ، أين تلك البقعة من الأرض ؟
حسناً يا صديقي أعدك أنك لو بحثت في أقطار الأرض جميعاً لما عثرت عليه !
حتى إن بحثت في تلك الكواكب المجاورة لن تجده !
أتدري لماذا !
لأن المكان ليس بكونيته ، ليس مكان قابع على الخريطة .
فمكان الروح بما يحتويه !
حسناً ، فلنتحرر من تملق تلك الكلمات التي يعظم فهمها ...
مكان الروح هو صحبتها ، مكان الروح هو مكان وهمي يُبنى من المحبة بينها القليل من المودة والرحمة أساسها الصدق .
مكان تجد فيه راحة الروح ، تجد فيه الروح من يبث فيها الأمل ...
مكان لا يشيده إلا القليل، حتى يصبح المأوى والملجأ لروحك المرهقة !
لذلك هناك كثير من البشر ممن أقابلهم يومياً وأحادثهم ولعلني لا أجد روحي بينهم، لعل ذلك المكان مازال قيد البناء !
-
Maryam Tahaطالبة بكلية الطب ، أهوى الكتابة شعراً ونثراً ، لي آرائي الخاصة التي أحب أن أبرزها للعيان بشكل بلاغي ..