سحر الخيال .. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

سحر الخيال ..

  نشر في 19 يناير 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

ولولا الخيال .. لما أستطعنا مُجاراة مرارة الواقع ! ..

نلجأ إليه , نحتمي به وكأنه الحصن المنيع لما ينتظرنا في واقعنا من يأس فتاك وحقائق تُزيد من وحشية الحياة ! , يقذف داخلنا الهدوء والسكينة والآمان , وفي الجهة المقابلة تجده يفيض على الحياة بالإضطراب والتشتت , وذلك لأنه قد إنتشلنا من تيارها الذي لم يعرف سوى القسوة , أربك خطتها , جعلها في موضع لا تُحسد عليه , شتت خطاها وسلب منها كل مظاهر القوة التي تمتعت بها وبجدارة , وحده الخيال قادر على فعل كل هذه الأمور التي لا يستطيع حتى أمهر السحرة على فعلها بين ليلة وضحاها ! , ولكن كيف للحظات لم تستطع حتى الآن كشف ملامحها أن تُشيد قصوراً من الأحلام وتُهشم دون ذلك ؟! , متى تأتيتك تلك اللحظة وكيف تستطيع أن تُسيرها أنت بكامل إرادتك ؟! , أنت المتحكم الأول بها , أنت من يأمرها بأن تبني لك أحلاماً بعينها وتتفنن في وضع لمساتك السحرية على تلك الأحلام وتُزينها بلحظات من السعادة لن تُنسى , وحينما تجد أن حلماً ما لم يبعث داخلك السعادة المرجوة تمحيه ! , وكأنك تُقلب بقنوات تلفزيونية وتبحث عن القناة الأمثل لمزاجك , وحينما تجدها تُبقيها وتبدأ في التخطيط لجعلها أجمل ما يكون , اللحظة الأسعد على الإطلاق , تُشيد الحلم على أرض صلبة من الأمل , إرتفاعه لن يصل بصرك لنهايته وقمته تعجز عن رؤيتها وإن كان نظرك الأقوى بين البشرية بأكملها ! , تُزيد وتُزيد ولا تتوقف عن الإبحار بهذا العالم الغريب , الغامض , وبرغم غموضه تجدك فيه متألقاً واضحاً كأنك لم تُدرك حقيقتك من قبل ! , هو السحر الذي لن يتوقف عن إبهارك , عصا سحرية تتحرك بمُخيلتك تتصبب سعادة وحياة , حياة حقيقية وليست حياة تخلو من الحياة ! , تستنشق بهذا العالم نسمات الحرية الأصلية , التي تغنى بها العالم ونادوا بها ولكنهم فشلوا في إيجادها بمعناها الصحيح , وبهذا العالم قد وجدتها أنت وحدك أخيراً , تتحرر من قيودك وتنطلق بسماء خيالك , لا يمكن لأحد أن يُجبرك على الرجوع , أنت وحدك المُمسك بزمام الأمور , حركتك حينها لا تتقيد بقيود النمطية والروتين , ومقصدك مُبهم , لا تستطيع أن تُجزم بمعرفتك أين تذهب ! , أنت طليق , لك كامل الحرية بأن تذهب أينما شئت , تذهب لحلماً حسبته لن يتحقق حتى في الأحلام ؟ , أم تذهب لحلماً أضاعته الحياة منك قديماً وحتى الآن لا تعرف أين خبأته منك ؟ , أم لحلماً قطعت فيه الجولة الأولى من جولات لا نهاية لها وبإمكانك بما تمتلكه الآن من قوة حالمة أن تصل إليه إذا أردت ؟ , كل طلباتك مُجابة الآن , الآن أنت في حضرة الخيال , وإن إنقلب عليك لحظات وأفاقك من غفوتك التي وإن كانت حالكة الظلام فهي مُنيرة مُتوهجة بنجوم الأماني التي تُزين سماءه , ولكنه سيبقى المُنقذ الوحيد مما نراه من هلاك تفرضه علينا الحياة دون أن نملك القوة والقدرة على قول " لا " ! ..

ما أجمله , وما أكثره غموضاً أيضاً ! ..

في تلك اللحظة , التي تجدك عابساً , لا تقوى على تلفظ بعض النكات ليس لتُضحك غيرك , بل لتُهون عليك مما أصابك من ضيق مفاجئ وحنق لا تجد له تفسيراً واضحاً ! , جالساً تتأملك وتتأمل ما وصلت إليه من حالة يُرثى لها , تعجز حتى على ذرف دموعاً لتُعبر عن مدى حزنك عما أصبحت عليه من حالة لم تخطر على بالك يوماً , لطالما كنت السعادة بعينها , لم تعرف البشرية معنى للفرح إلا حينما تجدك تعبر طرقاتها , وإن غبت يوماً تكن على يقين أنك قادماً في الغد حاملاً بين يديك هدايا من السعادة والبهجة لتوزعها على أتعس الخلق , كلما تأخرت كلما أيقنت ذلك وابتهجت أكثر , فحجم الهدايا بنظرها يتناسب طرياً مع عدد أيام مغيب شمسك عنها , وكأنها تُمطر بعد غيمة طويلة وأنت الغيث المنتظر , ولكن ..

يوم , شهر , دهور ! , ولم تأتِ ! , ماذا حدث ؟! , هنا ينقلب القانون ويصبح عكسياً وللمرة الأولى ! , غيابك يعني نسيانك لأمرها وأمر الخلق الذين لم يُبهجهم سوى وجودك , وماذا الآن ؟! , هل ستطول الغيبة أكثر من ذلك أيها المُبهج ؟! , كيف يحق لك أن تتغافل عن مسؤليتك تجاههم ؟! , كلها تساؤلات راودت الحياة حينما ظلت شمسك في حالة غروب تتمنى ألا يكون أبدياً , تتمنى ألا تبخل عليها بهداياك البسيطة بظاهرها العظيمة بمحتواها , أنت الوحيد القادر على ذلك , ولكن أنت لم تعد كما كنت ! , تبدلت , أصبح المعطياً للشئ يفقده , ولا يُعطيه , وتحققت أمنيه على الجانب الأخر , أمنية اليأس ! , تغلب عليك وأنت الخاضع لأوامره بكامل إرادتك ! , ولكن انتظر ..

ألم تذكر أنك تستطيع أن تذهب بعيداً عن كل هذه الضوضاء التي وضعت نفسك داخلها , ضوضاء إستنكار وتساؤلات من الحياة عما وصلت إليه , وضوضاء غبطة وسرور من اليأس لما وصل هو إليه من إنتصارات لا هزيمة بعدها , فلتُلقي كل هذ جانباً الآن ودعنا ننطلق برحلة أخرى ستجد بها حياتك الأصلية , تنشق قليلاً مما أنت مُنغمس فيه وبه لن تجد سوى الهدوء الذي أصبح هو حلمك الأول والأخير ..

الخيال , محطة جديدة لابد وأن تستقلها ..

حينما أشتد عليه الضيق , وضاق عليه المقام , وأصبحت أنفاسه تُثقل كاهله , انسحب , ولكنه ليس بإنسحاب بل هو إنقاذ مؤقت , ما أنت فيه يستدعي أن تبتعد , تهجر دنياك ولو قليلاً , وتستعيدك من جديد , ليس هرباً , ليس جُبناً , الهرب الحقيقي أن تظل غارقاً داخل قوقعة نفسية وفكرية ليس لها منفذ تستطيع حتى من خلاله أن تلتقط أنفاسك , أتختنق أم تهرب لعالم يمنحك أنفاس الحرية والحياة دون مقابل ؟ .. قرارك أصبح معلوماً للجميع ..

والآن , مرحباً بك على متن رحلة الأحلام ..

إنطلق , تنسم الحياة التي لم تراها على حقيقتها من قبل , وحان وقت ذلك الآن , ابحث عن أحلامك الضائعة وعش لحظات من تحقيقها , عش تفاصيل الرحلة ولا تعود لواقعك إلا وأنت مُلماً بكل جوانب السعادة التائهة من ضلوعك منذ زمن , فرصة الإنسان تأتيه في لحظة وفرصتك أتت فهل ستقتنصها أم سيتملكك الغباء حيال أمرها ؟! , امنح لحظاتك المعدودة في هذا العالم رونقاً , ازرع فيه وروداً وارويها , ثم اقتطفها واحملها معك وأنت عائداً من حيث جئت , فلا داعي للخوف , ما من بشر أخرين معك بتلك اللحظة , تصرف على سجيتك , تمايل بين الأحلام واقتطف منها ما طاب لك , ولا تكن حريصاً , فزهور الأحلام تُمنح دون ثمن , لك الحرية في قطف ما تود قطفه , وكن على علم بأن رحلتك هذه قابلة للإعادة , عند عودتك لواقعك , انتظر أنت تأتيك فرصتك من جديد لتنتقل إلى هذا العالم , توقيتها سرياً , يأتيك دون أن تدري , يأتيك وأنت منشغل بأعمالك ولا تمتلك الوقت حتى لتُجيب على هاتفك , أو تأتيك حينما تكون لا تمتلك وقتاً إلا لتُضيعه ! , انتظرها على أي حال , فهي قادمة لك من جديد ..

وأخيراً .. تذكر , الأحلام التي اقتطفتها من بستان الخيال , ليست مجرد ذكرى تحملها معك من هذه الرحلة الممتعة وفقط , بل هي دافع لتُتم إزدهارها على أرض الواقع , حملتها وهي متألقة مُفعمة بالحيوية , ولكن هل تتخيل أن تبقى الزهور بهذا الجمال إن تركتها دون أن ترويها بماء السعي ؟ , لا تتركها تذبل وتموت , هي بيديك الآن , فلتمنحها الحياة أو تتركها ليقتطفها من هو أحق بذلك ..

والآن .. عد لواقعك وواجة , فقد تسلحت بكامل أسلحة القوة والــ " أحلام " ..


  • 10

   نشر في 19 يناير 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

وأخيراً .. تذكر , الأحلام التي اقتطفتها من بستان الخيال , ليست مجرد ذكرى تحملها معك من هذه الرحلة الممتعة وفقط , بل هي دافع لتُتم إزدهارها على أرض الواقع , حملتها وهي متألقة مُفعمة بالحيوية , ولكن هل تتخيل أن تبقى الزهور بهذا الجمال إن تركتها دون أن ترويها بماء السعي ؟ , لا تتركها تذبل وتموت , هي بيديك الآن , فلتمنحها الحياة أو تتركها ليقتطفها من هو أحق بذلك ..
دائما اتذوق رزانة لغتك و انسجام المعنى منها نورا..هو الحرف المصري من علمني في احدى الأيام ثقافة الحرف المنبطح على ضفاف نهر النيل بامتداد حضارة عمرها 7000 سنة.
شكرا لفنك اللغوي.
2
نورا محمد
أستاذتي الغالية .. كم من حروف تتقاذفها المسامع ولا تمنحها ولو القليل من المعنى , أما كلماتك .. فهي المعنى والسعادة الحقيقية لي .. أعجز عن التعبير , أعجز عن شكرك , أنتِ منبع كل رقي وإبداع وما أنا إلا تلميذة مخلصة لكِ :)
.سميرة بيطام
الشكر لك و لمصر من علمتني في الماضي القريب حروف الجمال.
صحيح اخت نورا الاحلام والخيال من اجل قوى الانسان لاغنى عنهما ..و الخيال نعمة من اجمل النعم التي من الله علينا بها . يعني هي المكان الوحيد الذي لا تشوبه نظرات المتطفلين فهي ملكنا منا والينا ....صدقت فالاحلام لم توضع هباءا منثورا بل خلقت لسبب قد يختلف من شخص لشخص ..فهناك من يحلم ليبتعد عن واقع مرير و هناك من يحلم املا بغد جديد وهناك من يحلم فرحا و هناك من يحلم كجرعة تحفيز لمواجهة الواقع ....وتختلف مواطن الاحلام بااختلاف من يراها و يسطرها و يحيكها ...طال غيابك الاخت نوراااا( ان شاء الله خير ) لكنك عدتي بمقال جميل دام قلمك وفكرك اخت نورا ♡♥♥♥♥
2
نورا محمد
أختي الغالية العزيزة أعتذر لكِ عن الغياب , أنا بخير الحمدلله .. جميلة كلماتك كالعادة ومفعمة بالرقي وجعلت المعنى يتضح أكثر بأسلوبك الخاص الخلاب .. أنتظر تعليقاتك دائماً حتى أتعلم منها كل إبداع وأتشرب من فكرك المختلف .. أشكرك وإن عجز الشكر ذاته عن شكرك , دمتِ في رعاية الله وحفظه غاليتي :)
حقا نورا .. زهور الاحلام تمنح دون مقابل ... كما ابدعتى في مقالك الجميل ( تمايل بين الأحلام واقتطف منها ما طاب لك , ولا تكن حريصاً , فزهور الأحلام تُمنح دون ثمن)
مرحباً بك على متن رحلة الأحلام ..دعوة رقيقة بقدر ما تحمله الجمل من معانى..فعلا ان من الخيال لسحر ... دمتى بكل خير نورا ...
2
نورا محمد
أبدعت بكلماتك كعادتك يا مبدع , وأسعدني أن كلماتي البسيطة نالت إعجاب فكرك الراقي .. ويبقى التحدي الأصعب " الأحلام تُمنح دون مقابل ولكن .. وحده من يضيف لها قيمتها الحقيقية هو الأحق بها دون غيره " ..

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا