أرأيت النخل يوما يطرح تفاحا؟؟ أو بذور المشمش تُنبت خوخا؟؟
كلّ شيئ خُلق بقدر..الدّقّة و النّظام أسس بُني عليها هذا الكون..
و لهذا كان هذا الجمال و الإبداع..
إعصر برتقالة و قرّب الكوب من فيك..أيمكن أن تتذوّق شيئا آخر غير عصير البرتقالة؟ طبعا لا..فكيف بك إن غرستَ بذور الحقد و الغلّ من حولك..أيمكنك أن تجني الحبّ و التسامح؟ طبعا لا..و لن تجد لسنّة الله تحويلا و لا تبديلا..و إلاّ إختلّ التوازن و تُهنا في دوّامة لا أوّل لها و لا آخر..
إن كنت تتوق إلى الحب فازرع بذوره من حولك..
و إن كنت تحب أن يُغفر لك فازرع بذور التسامح و العفو..
إن كنت تطمح إلى الغنى فكُن كالرّيح المرسلة عطاءا و جودا..
و إن كنت تريد الإهتمام و التقدير فاهتم بمن حولك..و زِد على ذلك ما شئت..
كما تدين تدان..قانون إلهي رائع يمنحك الفرصة لأن ترسم قدرك بنفسك و يُساعدك لأن تعيش بوعي ، و تختار لنفسك إمّا طريق العفو و التسامح و العطاء و الحب..و تكون بذلك مؤمنا فطنا كيّسا،قد فهمت لعبة الحياة و قوانينها و جنيت أضعافا مضاعفة ممّا أعطيت..
أو تختار طريق الحقد و الإنتقام و سوء الظّن و النّميمة و كشف العورات و التّجسّس.. و ثق ْ بعدها بأنّ الكرة ستلتفّ و تعود إليك بأضعاف ما صنعت..و تكون عندها قد حكمت على نفسك بالإفلاس في الدّنيا و الآخرة..
هذا عدل اللّه.. وهو تحفيز لنا لنرتقي إلى عالم أنظف و أجمل ..إلى عالم يُقرّبنا منه عزّ و جلّ..لأنّه أصل الحب و التسامح و العطاء..و هو دفعٌ لنا لنكون كالبنيان المرصوص يشدّ بعضه بعضا..
فإن كنت ممّن يحمل في جعبته الكثير من سهام الشّك و الوسواس و سوء الظّن و كُنت بين الحين و الحين تُصوّب سهما نحو صدر أخيك فتصيب قلبه و تُسيل دمه و تُدمع عيناه..فثِقْ بأنّك بين الحين و الحين ستلتقي بمن سيُسيئ الظنّ بك و يجرح قلبك و يُفيض مُقلتيك دموعا، و عندها ستظنّ بأنّك قد ظُلمت..
كلا..بل إنّها تذكرة، فاخلع نعليك و تطهّر و استغفر ..فكلّ نفس تُجزى بما تسعى..
و إن كُنتَ ممّن يكشف العورات، و يتصيّد أخطاء أخيه ليهتك السّتر و يفضحه على رؤوس الأشهاد مِن طلوع الشمس إلى غسق الليل،فستشرب من نفس الكأس و تتذوّق نفس المرارة و ستُفضح و لو في قعر دارك..
فجدير بنا بعد هذا أن نخاف و نخشى على أنفسنا بعدما فهمنا بأنّنا سنحصد ما زرعنا بتفاصيله إمّا الجميلة أو للأسف المؤلمة ، و شتّان ما بين الخبيث و الطيّب ،و ما بين شراب مالح و آخر عذب سائغ شرابه..
إنّ الله لم يسنّ هذا القانون الرّائع إلاّ لنتذوّق كلامنا قبل أن نجرح به غيرنا..و أن نفكّر ألف مرّة قبل أن نُؤذي من حولنا..و لا يظلم ربُّك أحدا..و بهذا نعيش إخوة مُتحابّين بقلوب تشعّ صفاءً و نقاءً و بأيادي بيضاء متشابكة..نحو الحضارة و عمارة الكون و إنمائه..بدل سفاسف الأمور التي تشدّنا إلى الحضيض..
"إليه يصعد الكلم الطيب و العمل الصالح يرفعه" سورة فاطر
"و من أظلم ممّن ذُكّر بآيات ربّه فأعرض عنها و نسي ما قدّمت يداه" سورة الكهف