إن الطفل الصغير حينما يبدأ بتعلم المشي يسقط مرة تلو الأخرى. لكنه ما يلبث أن يعاود المحاولة مرة بعد مرة. ليس في قاموسه اليأس ابدا. يسقط اليوم ثم يعاود المشي مرة أخرى في اليوم الثاني. يسقط في هذه الساعة ثم يعاود المشي مرة أخرى في الساعة الأخرى. إنها الفطرة السوية التي تتحدث عن أن التوقف عن المحاولة والتجربة ليست في قاموس الإنسان. فشلك ليس لأنك لم تحاول مرة أخرى أو تجرب طرقا أخرى بل فشلك لأنك توقفت عن المحاولة.
أتعلم منك يا طفلي الصغير حينما تحاول مرة بعد مرة المشي وأسرتك من حولك لا يأبهون بك ولا حتى تسمع اصوات تصفيقهم الحار تشجيعا لك بما تصنع من محاولات. أتعجب من محاولتك النجاح بطرق أخرى غير التي ينتظرها الناس منك. فمرة تحاول المشي مستندا إلى الجدار ومرة مستندا إلى الكرسي تتلوا عليهم صيحاتك وأنغامك فرحا بما تصنع. اختراعاتك لأدوات جديدة للمشي أذهلتني.
العجيب يا طفلي أنك تسمع أصوات نشاز من خلفك تحبطك عن المشي فلا تأبه بها. تسمع من يقول إنه لن يمشي اليوم وليس مهيئا لأن يلحقنا بالمشي فلا تتراجع عن طموحك في المشي. كأنك لم تسمعها بل لا زلت تردد آهاتك وصيحات الفرح مبتهجا بمحاولتك غير مكترثا بما يقولون.
ترى من حولك يسبقونك في المشي بل اكثر من ذلك ركضهم من حولك بكل تبختر وعلو فلا يردك ذلك عن محاولة المشي مرى تلو الأخرى. تتعجب من هذا الطفل كيف أنه يحاول اللحاق بهم مع أنهم سبقوه في المشي حتى وصلوا إلى الغرفة الأخرى لكن مع ذلك لم يتوانى عن اللحاق بهم. ويرددا اهاته وصيحاته فرحا بما يصنع.
لا يهمه أنه يصل الأول أو الثاني المهم أنه وصل إليهم في الغرفة. المهم أنه حصل على الهدف الذي يريد. حتى ولو وصل متأخرا فهو في النهاية معهم يشاركهم اللعب.
لم أسمع بكائه وكثرة شكاويه و هو يحاول اللحاق بهم في الغرفة الأخرى مع أنهم سبقوه. فهو لم ينتظر ذلك الأب الذي سوف يستمع إليه بكل إنصات لما سوف يقول عن سقوطه عن المشي وسرعة وصول إخوانه إلى الغرفة الأخرى. بل بادر بمحاولة المشي مرة أخرى للحاق بهم.
حاولت أن أساعده في المشي ساعات وساعات لكن انشغلت عنه بأعمالي مع ذلك رأيته يبدأ مرة أخرى محاولة المشي معتمدا على محاولاته المتكررة بنفسه. فإذا وجد معينا يشاركه محاولاته في المشي رحب بذلك وإن تركوه أكمل مسيرته بمفرده.
-
عزيز عبدالله الشهريمهتم بالقراءة والتنمية البشرية وتطوير الذات