اذا كان يوم القيامة ودخل اهل الجنة الجنة ، واهل النار النار ، فمن شدة ما يعانيه اهل النار من اليم العذاب يبدأون بالتلاوم فيما بينهم ويقول التابعون للمتبوعين ( لولا أنتم لكنا مؤمنين ) ويسب بعضهم بعضا ثم ينصب منبر من نار ليخطب فوقه الشيطان ويسمعه كل اهل النار ويلقي عليهم محاضرة يتنصل فيها من التبعة ، ويحملهم المسؤلية .

وهنا تبدوا لهم حقيقته وتتكشف لهم وعوده وتحريضه على المعاصي ( يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا ) .

ان الشيطان الذي وسوس في الصدور ، واخرى بالعصيان ، وزين الكفر ، وصدهم عن استماع الدعوة ، هو الذي يقول لهم وهو يطعنهم طعنة اليمة نافذة ، حيث لا يملكون ان يردوها عليه وقد قضي الامر ، وهو الذي يقول الان ويتظاهر بالصدق ولكن بعد فوات الاوان .

( إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ) ثم يأخذ بوخزهم بالسب والسخرية حيث استجابوا لنصحه مع علمهم بعداوته لهم ، وتخلوا عن استخدام العقول واستجابوا للشهوات ، ثم يتجهون بالسب والشتم على اصحاب السوء ودعاة الضلال الذي كانوا هم القدوه والسبب ، حيث تأسوا بهم ( وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا 67 رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا) 67 ـ 68 سورة الاحزاب .

وبعد ان يتبرأ إبليس تعظم عليهم الحسرة ويؤنبون أنفسهم ( وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) 10 ـ 11 سورة الملك.

وهذا نص المحاضرة التي ينهي بها معركته مع بني ادم ، يقول الله تعالى: ( وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) 22 سورة ابراهيم ..