الصحافة الورقية .. مهمة مستحيلة
كيف استفادت السينما من التقنيات الحدبثة ولم تطور الصحافة نفسها ؟
نشر في 22 غشت 2018 .
فيلم (ميشن إمبوسيبل - فول أوت) بطولة الفنان الأمريكي الأشهر (توم كروز ).. صورة حية من تطور تقني مدهش .. الفيلم تشاهده بنظارة خاصة لترى صورة مجسمة (ثري دي) .. والكرسي الذي تجلس عليه يتحرك بك مع أحداث الفيلم .. يتحرك يسارا ويمينا مع السيارة التي أمامك في المشهد ويتراجع ويهتز بقوة خلال المشاهد العنيفة .. لتكون جزءا من الفيلم وكأنك ضمن المشهد .. امتلأت قاعة السينما بالبشر من مختلف الاعمار من الأطفال وحتى كبار السن .. بطل الفيلم توم كروز نفسه عمره 56عاما والفيلم كله حركات عنيفة من قتل وتدمير ومدافع رشاشة تحصد الجثث.. ومطاردات بالسيارات والموتوسيكلات والطائرات الهليوكبتر .. لدرجة ان الثلث ساعة الأخيرة من الفيلم وهي الأعنف كانت عبارةعن صراع دموي بين البطل ومنافسه بطائرتين مروحيتين فوق كشمير ..حيث الصحراء الشاسعة والجبال والوديان وشاهدنا تحطم الطائرتين فوق الجبال .. وقبلها كانت رحلة هروب البطل من لندن بالقفز فوق العمارات الشاهقة ومطاردة السيارات بالرشاشات .. ويقوم كروز في الفيلم بالقفز من طائرة نقل عسكرية من على ارتفاع 25 ألف قدم.. ويقود طائرة هليكوبتر.. و دراجة نارية دون خوذة في الاتجاه المعاكس لحركة المرور بشارع الشانزليزيه في باريس .. الشارع الأهم والأكبر في العالم ..الفيلم غير العادي وصلت ميزانيته الى 178 مليون دولار .. وحقق عائدات ضخمة بلغت 153 مليون دولار منذ بدأ عرضه في معظم دول العلم قبل ثلاثة أسابيع .. وخلال مشاهدة هذا الفيلم لم يفارقني السؤال الملح بحكم مهنتي : لماذا تطورت السينما الي هذه الدرجة واحتفظت بجمهورها ..بينما فشلت صحافتنا الورقية في الاحتفاظ بقرائها الذين هجروها الي الصحافة الألكترونية .. ؟
والإجابة بكل وضوح هي أن السينما استفادت من عصرها .. أخذت الصورة بالغة الدقة والنظارة الثري دي .. والأفكار المبتكرة .. واستخدمت الكمبيوتر والبرامج الحديثة واستعانت بعباقرة الجرافيك ليقدموا فيلما يثير خيالك ودهشتك .. ويدفعك الى أن تدفع مايقرب من مائة وخمسين جنيها لمشاهدته فيما يقرب من الساعتين
أما نحن في عالم الصحافة فقد ظهرت الإنترنت و معها الصحافة الالكترونية .. لم تتجاهلها بعض المؤسسات الاعلامية وطورت نفسها واستفادت من الديجيتال ميديا .. فنجحت في أن تقدم إعلاما جديدا متطورا ..وحافظت على قرائها القدامي واضافت إليهم القراء الجدد الذين لايهتمون إلا بالالكترونيات .. وقدمت مزيجا صحفيا ورقيا ممزوجا بالسوشيل ميديا .. أما المؤسسات الأخرى فمازالت تعاني من ضعف توزيع صحفها الورقية وضعف إعلاناتها لأن القارئ والمعلن ذهبا الي الكمبيوتر والسوشيل ميديا
ان اية وسيلة حديثة لاتقضي على القديمة الا اذا توقفت القديمة عن تطوير نفسها
علي مدى التاريخ البشري لم تأت وسيلة لكي تقضي على أخرى .. وانما جاءت لتطورها .. كان ذلك واضحا عندما ظهرالتليفزيون الذي لم يقض على الاذاعة بل تطورت هي الأخرى ومازالت موجودة كوسيلة إعلامية .. والكمبيوتر لم يلغ التليفزيون .. والتليفزيون لم يلغ السينما ورغم أن التيفزيون كان ثورة وانتج مسلسلات وبرامج وافلاما إلا أن السينما لم تختف بل تطوت وصارت تجذب جمهور التليفزيون بأفكارها المبتكرة وتقنياتها العالية .. وهو ماتحتاجه الصحافة الورقية في عالمنا العربي
Sharkawy11@gmail.com
التعليقات
من جهتي لا أحسب لها بديل، فقد أهلكت أذهاننا الأجهزة وأضعفت ذاكرتنا وأبصارنا، ولكني كذلك لا أهمل الأجهزة لأهميتها كما هو حال المنصة .
بارك الله فيك .