ضد الإنكسار
انا الكمال، من الصعب ان تهمش كياني وتنفي وجودي لاني #ضد_الإنكسار !!
نشر في 25 أكتوبر 2017 .
ضربَتْ كريمة سلامتها بعرض الحائط حين قررت العودة و ابنها الرضيع الى منزل الزوجية حيث زوجها الثمل و المتعاطي الذي يكبُرها بسبعة عشر عاما و قد لُقنت درسا لمدى الحياة ,على حد قولهِ, على امل ألا تطلب منه مجددا الاقلاع عن هذه العادات السيئة .
لم تدُم ايام "العصيان"و الابتعاد عن منزلها طويلا ,حتى عادت مع طفلها و ملابسها في خِرقةٍ كبيرةٍ ضمت كذلك متطلبات العناية بالطفل , نظرت الى الباب المفتوح-باب بيتها- او الباب الذي من المتوجبِ عليه ان يحميها ,لكنها تذكرت ان لديه الفضل بحجبها عن العالم الخارجي و اخفاء المها اليومي ...
لم تكن تتوق فعلا للعودةِ مجددا و شعرت ان طفلها يبادلها نفس الشعور و انهُ يعلم ان الاحداث ستتكرر ذات يوم , لم تشعر بخوفٍ او رهبة اكثر من الذي شعرت به حين كانت تتقدم و تدفع جسدها للامام لتصعد الدرجات ذات الحُفر البشعة و التي تشبه نوعا ما تلك الكدمات التي استقرت في جلدها الحريري و تزاحمت كما الطيور في موسم الهجرة ان ضاقت بها السماء...
تظاهرت كريمة بالقوة و ارادت فعلا ان تتحلى بها حين واجهت زوجها , وجدت ان حالته مازالت على حالها: رائحة المشروب تفوح من ملابسه, شعره اشعث و في طريقه للسقوط من الجبهة الامامية , جسده هزيلٌ لا يقوى على حمل شيء و اسنانه الصفراء لم تزل في وضع فراغٍ مميت , اعتذر لها و قبّلهاعلى جبينها ليؤكد لها انه سيتغير ان اعطته فرصة اخرى و بقيت بجانبه, هزت كريمة راسها و شعرتْ بالاشمئزاز منه و من كلامه و رفضت تصديقه؛ كان قد كذب عليها مئات المرات من قبل، أيصدق هذه المرة ؟؟!
بدت كريمة كالغريبة في منزلها او كالمحاربة الجبانة التي تنتظر اول اشارة للحرب لتختبئ ، الغرف باردة و مظلمة و قسوة بلاط الارضية تغزو قدميها العاريتين كانما تحذرها و تنصحها بالفرار و "النفاذ بريشها" .جلست وحيدة في الصالة تنظر للحائط المجرد ؛لا صور عليه و لا ساعة و لا اي شيئ! ليس مثل الجدران التي راتها في بيوت صديقاتها و ازواجهن , كانت تموت ببطء و تستشعر قدوم الشر خاصةً و ان الساعة قد تجاوزت منتصف الليل و حان موعد قدومهِ... هل تذهب للغرفة علَّ النوم و الاحلام يدركانها ام تبقى جالسة في الصالة لتشهد اليوم الذي يدخل فيه زوجها رجلا طبيعيا صاحٍ على دراية بما يجري حوله؟
دار المفتاح في القفل, و فُتح الباب ...
ظهر من العدم كالشبح يترنح و يدور و يرتطم بكل شيء حوله فيقع، يعود لينهض من جديد كي يصل الى كريمة ، طلب منها ان تحضر له كاسًا من المطبخ لكنها ردت ان لا كحول في المنزل ، نهض ووقف امامها و قد كانت ترتعد من الخوف ، اتجه نحو المطبخ و احضر قارورة و سالها ما ان كانت ستمنعه من شربها... بقيت واقفة في مكانها دون حراك ورفضت الرد ، اثار ذلك غضبه بشدة فقام بكسر الزجاجة على راسها و ضربها ضربا مبرحا ، توسلتْ له كثيرًا ان يتوقف عن ضربها و تعنيفها كي لا يستيقظ الطفل من النوم و حين سمع هذا قام بكسر يدها و قال :" انتِ من اتيتِ الى الموت على اقدامكِ ...ستموتين, ستموتين!!"
لم تمت كريمة تلك الليلة لان روحها بقِيت معلقة بين السماء و الارض متشبثةً بروحٍ اخرى ترغمها على العيش و الاستمرار بالحياة ، حتى حكم لها القاضي بعد طلاقها كامل الوصاية على طفلها و تخّلت عن النفقة التي كان على زوجها السابق ان يدفعها لها بعد الطلاق لانها و ببساطة كانت تعلم ان مالهُ يكاد لا يكفيه قوت يومهِ و جرعة مخدرٍ و عشرة كؤوس من المشروب!!
بقلم: ياسمين محمد خلف
-
ياسمين محمد خلفهاوية في الكتابة بشتى اصنافها ... حلمي ان اكون صاحبة رؤية و صانعة قرار , في هذه الصفحة تجدون العديد من النصوص بقلمي منها الخواطر و القصص وحتى الاشعار... تابعوني على الانستقرام - > writer_yasmen تابعوني على تويتر - > Writer yasmen