قصة مسيحي 'لقيط'.. حمل راية التوحيد في داعش - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

قصة مسيحي 'لقيط'.. حمل راية التوحيد في داعش

من بولا إلى أحمد

  نشر في 26 غشت 2017 .

مارس 1999

يوم عادي في حياةعبد المجيد 'عبده' حارس العقار المقابل لأشهر كنائس الإسكندرية، شهرة الكنيسة إكتسبتها من خبراتها العميقة في مواجهة التفجيرات والعمليات الإرهابية واحدة تلو الاخرى، أما عن حارس العقار فشهرته الوحيدة تتلخص في كونه ينبذ كل ما هو على هيئة صليب، أرجع البعض ذلك لتدينه الشديد كمسلم لا يترك فرضًا، فيما أكد البعض الآخر من ساكني ذات العقار، بأنه دائمًا ما كان يرى بأن حياته وزوجته مهددة فقط لأنهم يبعدون أمتار بسيطة عن تلك الكنيسة المستهدفة دائمًا.

الكنيسة تتوسط ناصيتان، مقلب قمامة على يمينها يليه الكثير من المحالات التجارية، في ذلك التاريخ خصيصًا، شاء القدر أن يلتقي عبده حارس العقار، بطفل مُلقى بجانب القمامة، لم يتردد كثيرًا قبل ان يقرر أن ذلك الطفل سوف يكون سنده الذي لم يُكتب له بالشكل الطبيعي، عجز عن الإنجاب والحرمان من مشاعر الأبوة، وبالطبع بكاء الطفل، 3 أمور لم تترك مجال للتفكير إلا في نهاية واحدة، الطفل سيتم تربيته بواسطة العم عبده.

مارس 2011

يجلس أحمد عبد المجيد يتابع بحماس شديد ما يحدث من الأقباط في مصر، مطالبات بتحسين أوضاعهم تنتهي بإشتباكات والحديث عن الدماء تجاوز اي حديث عن المطالب ذاتها، ساعات قليلة كانت كفيلة بشعوره بالضيق من هؤلاء المسيحيين الذين تعدوا كل الحدود كما يرى، علم وقتها أن الإشتباكات إمتدت إلى مناطق أخرى دفاعًا عن هيبة الإسلام في مواجهة الفُجر النصراني، هكذا قالها وهو يُقنع أحد أصدقاؤه لمرافقته إلى منطقة قريبة منه، علم أنها تشتعل بتجمعات أفراد الجماعة الإسلامية الذين يحاوطون إحدى كنائسها، 3 قرارات إتخذها أحمد في ذلك اليوم، أولها كان الدعوة إلى الحشد وثانيها المشاركة في تكسير بعض ممتلكات المسيحيين في تلك المنطقة وأخرها الإنضمام إلى إخوته المرابطين أمام كشك عم جرجس ليس فقط في محاولة هدم ذلك الصرح الصليبي، ولكن المبايعة التامة بحضور الدروس الدينية والنشاطات الإجتماعية، ومن ثم أصبح في فترة قليلة الشيخ أحمد شيخ شباب الجماعة في تلك المنطقة.

مارس 2016

رحلة عودة أحمد من باكستان إلى مصر لم تكن سهلة أبدًا، تنقلات كثيرة جعلته يمر بإيران ثم تركيا ومنها إلى سوريا قبل أن يصل قطاع غزة ومنه إلى مصر.

مقتل 60 شخص و3 أضعافهم جرحى مسيحيين في إحتفالات عيد الفصح، تلك كانت مُحصلة الهجوم الإنتحاري بمنطقة لاهور الباكستانية، شارك أحمد في الإعداد لتلك الغزوة بالتأكيد، ولكل غزوة فائدتان، التدريب ونصر الله، تم نصر الله كما رأى أحمد بكل تأكيد، وأما عن التدريب فهو كان في أمس الحاجة إليه قبل أن يعود إلى مصر لمواجهة شعب كامل رفض حكم الله وإنقلب على الإسلاميين قبل 3 أعوام.

قبل أن نتحدث عن ما حدث في مارس 2017 دعنا نعود إلى أول مارس تم ذكره 1999، حينما عثر عم عبده على الرضيع الذي أصبح الشيخ أحمد فيما بعد،،

بالرغم من التشدد الكبير الذي قبع بداخل قلب حارس العقار إلا أنه لم يكن راضِ عن ما تحول إليه طفله، تربيته على كره هؤلاء لا يعني قتلهم، هكذا تحدث الأب البديل إلى طفله الشيخ في محاولة جديدة لإثناءه عن ذلك الطريق الذي سلكه، ولكنه لم يكن يعلم أن حتى ذلك الطريق قد تغير بالفعل، وكما تحول اللقيط إلى الشيخ أحمد، تبدلت الجماعة الإسلامية لتصبح الدولة الإسلامية داعش، فقد مل الأخير من سلمية الجماعة التي تلخصت في بضع عصيان خشبية وسيوف للترهيب فقط، فبحث عن ما هو أفضل ووجد ضالته بالتأكيد في المجموعة الصغيرة من الشباب الباحثين عن حلم الوصول إلى معقل التنظيم.

انت مسيحي!!

هكذا بدون أي مقدمات ألقى عبده كلمته على أحمد، 'انت مش ابننا انت مسيحي وانا وأمك عارفين من وقت ما لقيناك في الشارع وعرفنا مين أهلك بعدها بـ 3 شهور لكن حبيناك ومقدرناش نسيبك ليهم'

لقيط؟ مسيحي؟.. مفاجأتان أفقدت أحمد النطق للحظات قبل أن يكمل حارس العقار عم عبده رواية تلك الليلة القديمة، نصف ساعة تقريبًا بدلت العالم الذي عاشه أحمد بالكامل، والمفاجأة الثالثة كانت أن أهله الحقيقيون لم يتخلوا عنه، الرضيع تم خطفه قبل أن يُفاجئ خاطفيه بأفراد الأمن الجالسين على أبواب الكنيسة، إرتباكهم ونظرات الأم الباحثة عن رضيعها في خلفية المشهد تركت لهم مهرب واحد، إلقاء الطفل بجوار صندوق القمامة والإبتعاد قدر المستطاع.

3 مفاجآت يقابلها أسئلة دارت في عقل أحمد حينها، السؤال الأول: ماذا لو كنت الآن في عالمي الحقيقي وسط أسرتي المسيحية، السؤال الثاني: أين هم الآن، السؤال الثالث: أنا مسيحي؟

خوف عم عبده من مصير أحمد جعله يتخذ القرار الأصعب في حياته، ترتيب لقاء مع والدته الحقيقية مريم، دخل الشيخ أحمد بخطى ثقيلة إلى منزله الأول الذي ولد به، صليب كبير على الحائط، صورة للعذراء على حائط آخر، ولأول مرة لم يستطع أن يشتم الرائحة السيئة التي إعتاد أن يتأفف منها كلما ساقه الحظ في جلسة تشمل قبطي، هل كان هناك رائحة بالفعل في تلك الجلسات؟، تابع عبده ما يدور حوله بصمت تام، نظرة الأم مريم إلى أحمد هي ذاتها النظرة المتلهفة التي تملكتها في مارس 1999 وهي تبحث عنه، لم ترى لحيته ولم ترى الهيئة الواضحة لذلك الشيخ الذي يقف أمامها، كل ما رأته كان بولا رضيعها الذي أعاده الله إليها بعد كل تلك السنوات.

قرر أحمد 'بولا سابقًا' المكوث في بيته القديم لـ 7 أيام، الإجابات التي يبحث عنها هنا على كل حال، السؤال الأول كان الأكثر ثقلًا في إجابته، ماذا لو كنت الآن في عالمي الحقيقي وسط أسرتي المسيحية؟، رد والدته صعقه بالكامل حينما أشارت إلى صورة أخرى معلقة على الحائط لوالده وعلى حوافها تلك الشارة السوداء، وقصت عليه كيف قُتل في مارس 2011 بعد أن تعدى عليه مجموعة من المتشددين في طريق عودته إلى المنزل.

تلك الإجابة كانت كفيلة للغاية أن يغرق أحمد في التيه داخل كل تلك المغارات من الأفكار، المسلم مسيحي وأحمد هو بولا، الرضيع أصبح شيخًا ولو تُرك لربما كان الآن رهبانً، والده قُتل على أيدي متشددين وقد يكون هو ذاته أحدهم.

مارس 2017

داعشي يُفجر نفسه وسط أقرانه بإحدى مناطق حلب والسبب مجهول..!


  • 1

   نشر في 26 غشت 2017 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا