مهنة التمريض بين الصورة النمطية وخطورة المهمة الصحية - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

مهنة التمريض بين الصورة النمطية وخطورة المهمة الصحية

  نشر في 27 يناير 2017 .

بقلم: الدكتور نعمه العبادي - مدير المركز العراقي للبحوث والدراسات

تمثل الصورة النمطية أهم التحديات التي تواجه المشتغلين في توجيه الرأي العام وإعادة صياغة أفكار المجتمع ،فالتنميط أعتياد مركوز مستقر يترسخ تدريجيا مع مرور الزمان ويتكاثف بالتكرار ويصبح حالة صلدة متحجرة ومستقرة.

تعاني مهمنة التمريض في العراق من صورة نمطية عند النخبة وعند الجمهور الشعبي تتعلق بقيمة وأهمية هذه الوظيفة العظيمة والمهمة ،ففي عين النخبة لا يمثل التمريض خيارا مستقبليا جيدا ضمن المشاريع الدراسية ،وهناك فارق عظيم في ذهنية النخبة بين الصورة النمطية للطبيب والصورة النمطية للمرض أو الممرضة ،كما أن الأعتبارات الأجتماعية للنخبة لا تحبذ هذا الخيار كمشروع مستقبلي لأبنائهم سواء كان منطلق التفكير من تأمين ضمانات مستقبلية لهم أو من جهة التباهي أمام الآخرين ،وأما في العقل الشعبي فإن منظور النخبة أثر كثيرا على صورة التمريض وربما بل أكيدا ساهمت طبقت الأطباء في "نرجسية النظرة" لكل ما دونهم من العاملين في القطاع الطبي في خلق هذه الصورة المشوهة للتمريض .

"الماسيرة" أو "السستر" هي ألفاظ وتوصيفات أرتكزت خطأ في العقل الجمعي عن مهنة الممرضة والممرض ،فصار حتى الذين لا يمانعون في توظيف بناتهم لا يحبذون هذا الخيار أي خيار ممرضة ،وقد خلقت السنوات الماضية من التاريخ الشعبي في نظرنه وتقديره لعمل الممرضة ومكانتها الأجتماعية تكلسا سيئا يتعلق بهذه الصورة أي ساهم بشكل كبير في أن تترسخ الصورة السيئة عن عمل الممرضة.

وبالرغم من التحدي الكبير الذي يواجه العملية الصحية في ظل النقص الحاد في مهنة التمريض وخصوصا الممرضات إلا أن المؤسسة الثقافية الرسمية والصحية لم تمارس ما ينبغي من خطوات من أجل تفتيت وتحطيم تلك الصورة النمطية السيئة وأعادة بناء صورة حقيقية لمهنة التمريض الجليلة والنبيلة ووضع معطيات أعتبارية ومكاسب مادية حقيقية ودافعة تضع التمريض في مكانه المناسب كما تم معالجة موضوع أطباء التخدير مثلا في دعمهم بمخصصات تميزهم عن غيرهم لخطورة عملهم وكما تعامل طبقة الأطباء والطبيبات في بعض المخصصات المشجعة.

إن نظرة مخطوئة تختزل العملية الصحية بشقيها "الوقائي" و"العلاجي" في أنها قائمة على الطبيب لوحده ،فبالرغم من أهمية الطبيب في كلا الشقين وكونه العمود الفقري للممارسة الطبية وشؤونها إلا أن هناك "كادرا" وسطيا يمتد إلى العامل الذي يحمل المريض بالنقالة أو الكرسي المتحرك المسمى شعبيا بالمعين أو المعينة أو الفراش أو الفراشة ويمر بالصيدلي والمختبر والاشعة ومصرف الدم وبينهم يلمع نجم الممرض أو الممرضة وهم يقودون عملية الرعاية والمتابعة وتنفيذ برنامج العلاج وكل شؤون المسألة الصحية.

إن تزايد أعداد السكان بحيث يتجاوز العراق اليوم أكثر من ثلاثين مليون نسمة ومعها تزايد مهام العملية الصحية ،فالأمراض والأدواء القديمة والجديدة ومخلفات الحروب والحصار وقهر السنين ومشكلات البيئة وتحدياتها وحمى الأرهاب وحصاد المفخخات وضحايا المعارك كلها تمثل زخما مرهقا يقع على عاتق العملية الصحية ويتطلب بالدرجة الأساس تدارك عاجل وعلمي لتعويض المهن الطبية وعلى رأسها التمريض ووضع هذه الأولية ضمن خطة تتكفل تعديل الصورة النمطية المشوهة وأعطاء الأستحقاقات اللازمة المادية والمعنوية لغرض أن يمارس الممرض والممرضة دورهما على أكمل وجه.

إن معهد المهن الصحية العالية وهو يضطلع بدوره في رفد العملية الصحية بهذه المهنة إلى جانب العديد من المؤسسات المماثلة ،إنما يساهم بشكل جوهري وفعال في سد النقص وتقديم كوادر كفوءة لرفد العملية الصحية ،إلا أن مهمته لا تتوقف هذا الحد بل عليه دور أكبر من ذلك ،فهو شريك فاعل في العملية الصحية وعليه أن يشتغل على تحفيز الرأي العام النخبوي والشعبي ويثير أمامهم التحديات التي إشرنا إليها من جهة وأن يضمن تقديم طاقات كفوءة ومحبة للمهنة وعلى وعي كامل بالدور المحوري والانساني الذي تقوم به في حياتنا ،بحيث لا تكون تلك المهن ذات الطابع الأنساني المميز ليست مجرد نوافذ للرزق أو عنوان أعتباري وإنما هي مدخل لعمل له أهمية مميزة على العاملين فيه والمجتمع وله خصوصية متفردة دنيويا وأخرويا.



   نشر في 27 يناير 2017 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا