ثلاث قصائد تجريدية - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

ثلاث قصائد تجريدية

  نشر في 30 غشت 2016  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .


- التجريدية شعور عميق بالاشياء و اتحاد بها و ادراكها بشكل مختلف و ايصال ذلك كله الى المتلقي فلا يرى سوى الشعور . انها اهتمام أقل بالمعنى و اهتمام اكبر بماوراء المفردات من زخم شعوري  و ثقل احساس ، في التجريدية يبنى النص من وحدات شعورية و ليس معنوية .التجريدية هي السرّ الأكبر للشعر . ( الموسوي)


1- صحراء

الرمال الداكنة لها وجه كوجه الغروب ، برّاق و أعمى . تختبئ خلف أوهامها كفراشة بنيّة لا تعرف شيئا عن الشمس . توزّع أزهار الموت في الطرقات ، عسى أن يعثر عليها سيارة جدد .

أجل أنني صحراء قديمة ، تركني أسلافي وحيدا وسط حكايات الليل ، الهواء الجاف أصنع منه لبنا مرّا للتائهين ، و أنفاسه البرونزية اصنع منها نهرا من عسل كاذب .

أجل ، هكذا أنا ، رمال نحسة ، أجلس فوق التلّ ، أردد اغنيات قديمة . مرحى مرحى لجسد شفّاف ليس له صوت و لا أسم ، اّنه أنا ، رجل عربي أنبت وسط الصحراء بروحي المالحة ، قميصي لا وجه له . أنا تلك الصحراء المقيتة الكارهة لنفسها ، أقدامي سافرت مع المساء كنخلة أتخمتها رائحة الدماء ، و حياتي مهملة كقطّة باغتْ أحلامها المطر ، فهي تجلس في الزاوية منذ قرون تنتظر الفجر الجديد .


2- شيء عدمي

الماء البرّاق يحتضن الاوزات الناعسة، يذهب بهن الى شلالات تفيض دفء. هناك حيث تقف الصخور الناعمة كعذارى شتائية تحمل سلال فاكهة ملونة. اذا اردت ان تراني يوما فستجدني شبحا اطير فوق اجنحة الفراشات احمل في جيبي نهرا و فلاحا و اغناما بنية . انني صوت الماء حينما ينزل في زوايا االمدينة يطرق ابواب الاحلام، فتشرق اضواء الشبابيك في ليلة شتائية كأنها عيد منسي قد عاد الى بيته قبل المساء. هكذا انا ، عاشق قديم اتجمد في بركة الانتظار، و بكل بهجة استقي من مائها كل حكاية تبعثرني في الفضاء شبحا عذبا لا يرى. هكذا انا لا أرى نفسي و لا اعرف مكانها ، و كل ما اتذكره اني اشعر بالوان غريبة تحتضنني بكل حب ، لذلك فانا شيء لا يموت . اذا اردت ان تعثر علي فستجدني عند كل لحظة آسرة و عند صوت الماء و عند الشبابيك المضاءة و عند كل صخرة تمرح قربها اغنام فلاح قديم ، و ايضا ابحث عني عند ضحكات اطفال يلعبون في الساقية. لأني و بكل بساطة شيء عدمي.


3- رجل رملي

بشرتي جافة كوجه الخريف، ليس بسبب حرارة الصيف، و انما لأنني فقدت آخر قطرة ماء من جسدي. فأنني كل يوم أمرّ على بائع الحزن فأتبرع اليه بما لدي من دموع. و أيضا هناك أسباب أخرى لكلّ هذا الجفاف في روحي؛ أهمها أنني شيء غريب عثرتْ عليه الايام مستلقياً فوق جزيرة خاسرة قد هجرها أهلها. كنتُ حينها كومة رمل. و ليس هذا هو الشيء الغريب فعلا، بل الغريب أنني حينها كنت أستطيع الحركة و لم أعلم أنني رجل رملي، لكن الأن و أنا أتكلم اليك؛ أشعر أني رجل من رمل لا أجيد أيّ شيء. و أشعر أنني جاف جدا و مصنوع من الموت. أترى تلك السعادة، إنها تلمع كلؤلؤة في خيمة فضّية. إنها لا ترضى الا بقلب رحلَ به الموت عن مدن الخراب، لذلك فقلبي هذا مليء بالسعادة؛ و ذلك لأنني رجل ميت يتحدث إليك .




   نشر في 30 غشت 2016  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا