انت فى الدائره ..
لا يمكنك ان تكون مختلف..
كنت إنسان بحق.. كان لك حلم .. و كان حلمك هو وطنك الذى كنت تنتمى إليه فخراً و اعتزازاً، كنت تعشق الورود و الشمس و الخُضرا .. كنت تعشق لون السماء والبحار، كانت حياتك لوحة مزدهره ملونه بأجمل ألوان الطبيعه .. امازلت تذكر شيئاً مما خطته يدك ؟ .. ألست أنت من كان يتكلم عن الإختلاف و التغير ليل نهار ؟.. كنت لا تريد ان تشبه احد .. كنت متفرداً فى كل شيء، فى أحاديثك رُقى و فى أفكارك نور، كان وجهك مشرقاً بشوشاً و كأنه يعكس النور الذى بداخلك، كان بك شيئاً من الصفاء و الطُهر و النقاء، كنت ملاك يمشى على الأرض !!..
نعم كان صعباً أن تظل قابضاً على معتقادتك و تقاليدك الجميله، بل كان درباً من الخيال أن تظل متمسكاً بقواعد العقل و المنطق و الحكمه فى ذلك العالم الذى يجتاحه الجنون .. جنون المال والشهره والسُلطه و النفوذ .. عالم لا يؤمن إلا بالقوه المفرطه.. عالم يؤسس القوانين ثم يتلاعب بها..شريعتة كشريعة الغاب ، لا صوت يعلوا فوق الصوت الكبير و لا مكان لضعيف بين الأقوياء..
نعم اعى كل ذلك جيداً..
لكن لا استسيغه..
لا يقبل عقلى فكرة ان تتغير أنت.. و أنت بالذات لأنك كنت مثلى الأعلى.. كنت بالنسبه لى خيط الأمل الوحيد الذى أتعلق به فى هذا العالم البغيض كغريق يتعلق بقشة النجاة وسط أمواج متلاطمة ، ماذا حدث لك ؟.. هل مللت من حياتك ؟.. هل شعرت بالغربه ؟.. هل وجدت نفسك وحيداً فى عالمك المثالى ؟.. فأصابتك الوحشه و قررت أن تتخلى عن كل شئ ، اخترت ان تنتمى إلى عالمهم وتكون مثلهم ؟.. فخلعت ثوب العفه و توشحت قوانينهم الباليه الرديئه ، لقد سرت مع القطيع، أصبحت تفعل مثلما يفعلون، تعتنق افكارهم، و تتحدث لغتهم ، لقد جردوك من أغلى ما تملك.. جردوك من ذاتك، اصبحت مسخاً ، انسان بلا روح و بلا طعم، كنت تكره الروتين و تتحدى الواقع ، اين ذهبت أفكارك ؟.. لماذا تركت كل ما تؤمن به ؟.. و خلعت مبادئك التى كنت تؤمن بها كما تخلع حذائك، اصبحت ترى الفضائل رذائل.. و القبيح جميل ..ماذا فعلوا بك؟ .. و بأي منطق اقنعوك ؟.. ، كيف رأيت أن كل اخطائهم صواب؟ .. كل الأشياء التى كنت ترفضها فى الماضى اصبحت من فعل يدك فى الحاضر، اضحيت تنتهج منهجهم و تسير على دربهم، اصبحت واحد منهم، لقد سرت معهم ، سرت مع العميان و تنازلت عن عيناك بمحض إرادتك حتى لا ترى نور الفجر و كنت لا تدرى فداحة ما تفعله ،لقد فقدت شغفك و اصبحت فعلاً كالشعلة المنطفأه ،أصبحت احد سكان مدينة الظلام، واحد من هؤلاء الخفافيش .. تلك الخفافيش التى باتت تعشق الظلام و برد الليل .. الليل الذى لايعشقه سوى مصاصى الدماء و اللصوص..
هناك دائماً لحظه فارقه فى حياة كل إنسان ، فيها يختلط الحابل بالنابل و يسود الظلام و ينتشر الخطأ ، فتصبح الرشوة منهج، و البذاءة لغة يتحدث بها الجميع ، يسود الجهل رغم انتشار الجامعات و المدارس ، تندثر العفة و يموت الخجل و المبادىء لا يصبح لها قيمة ، فيها أُناس يستحلون الحرام و يقبلونه عن طيب خاطر ، إن أحسنوا أحسنت و إن أساءوا أسأت.. لا تتخيل أنك كسبت شيئاً .. أنت خسرت كل شىء فى أول مرة قررت أن تتنازل فيها ، فأول تنازل دائماً ما يتبعه تنازلات كثيرة ، هل تعلم ماذا أصبحت الأن ؟.. ، أصبحت “إمعه”.
-
محمود حافظحياتي هي مملكتي لن أجبر احد على دخولها أو الخروج منها، و لكن استطيع ان أجبر من يدخلها ان يحترم قوانينها