في يومٍ مشرقً وجميلٍ داعَبَت خيوطُ الشمسِ الذهبيةُ وجهي وأيقظتني من نومي بأن اتبعيني هيا، لحقتها فأدخلتني الى غابةٍ جميلةٍ بأشجارٍ عاليةٍ وطويلةٍ وقَدَّمَت لي فأساً وذهبَت قائلةً الباقي عليكِ، فَصَرَختُ قائلةً: ماذا أفعل؟، فما أجابتني ولا أعطتني أيَّ اهتمام.
نظرتُ الى الأشجارِ وقرأتُ على إحداها حرفاً والأخرى حرفاً آخرَ فأمسَكْتُ فأسي وأردتُ أن أقطعَ الشجرَ ذي الحروفِ، فضربتُ بفأسي وظننتُ أنِّي بضربةٍ أو اثنتينِ سأقطعها، فحاولتُ وحاولتُ وضربتُ وقويتُ الضربةَ وما تغيرَ شئ، كأنِّي لم أفعل شيئاً، فجلستُ أرضاً من شدةِ التعبِ وانهارتْ أعصابي وانهالتْ دموعي، أبعدَ كلِ هذا التعبِ لا أرى نتيجةَ ما فعلتهُ ولا أحصدُ ثماره؟ُ، ونمتُ تلكَ الليلة.
ثمَّ عادتْ خيوطُ الشمسِ من جديدٍ، أيقظتني بكلِ لطفٍ وحنانٍ وقالت لي: أتعبتي من ضرباتٍ قليلةٍ ويئستي لأنكِ لم تجدي نتيجةَ ما فعلتيه؟، ما أعطيتكِ إيَّاهُ هوَ فأسٌ عجيبٌ يعملُ بالإرادةِ والتصميمِ وبذلِ الجهدِ، حاولي حتى تجعليهِ يعمل، وعندها سيترككِ ويكملُ تقطيعَ الأشجارِ ذاتِ الحروفِ ويجعلها في عبارةٍ وعندها سأعودُ إليكِ وأخبركي بالمرحلةِ الثانيةِ.
فوقفتُ من جديدٍ وبدأتُ أضربُ بالفأسِ مراراً وتكراراً بدونِ يأسٍ ولا تعبٍ ثمَّ تركني الفأس وقطَّعَ الأشجارَ وجُمِعَتِ الحروفُ وكونت عبارةَ " قليلٌ منَ العزمِ والإرادةِ مع رشةٍ او رشتينِ منْ مسحوقِ الأملِ وتوابلِ التفاؤلِ يصنعُ لكِ أجملَ منزلٍ تطلينَ منهُ على المستقبلِ".
ثمَّ عادتْ خيوطُ الشمسِ قائلةً: والآن اصنعي منزلكِ الجديد،َ فأوقفتُ الأخشابَ بجانبِ بعضها وصنعتُ منزلاً وإذ بالأخشابِ تضئُ قائلةً: هذا لهيبُ الأملِ ، تفضلي، ثمَّ دخلتُ المنزلَ أنظرُ الى الأخشابِ فتدفعُ في نفسي عبيرَ الأملِ وشذى المستقبلِ وكأنها مسحتْ من قلبي حزنَ الزمانِ وقضتْ على حياةِ الاكتئابِ.
ثم فكرتُ قليلاً وقلتْ: منزلٌ بدونِ نافذةٍ لا فائدةَ منهُ، فبدأتُ أصنعُ النافذةَ وأدعوا منَ اللهِ أن يوفقني في ديني ودنيايَ، فأصبحَ وكأنَّ كلَّ مسامٍ في تلكَ الأخشابِ امتلأَ بالطاقةِ الإيجابيةِ، ثمَّ وضعتُ الزجاجَ متكلةً على اللهِ وأغلقتهُ وجربتهُ، فتحتهُ ثانيةً لأرى أجملَ ما رأتْ عيناي رأيتُ الغدَ الباسمَ والمستقبلَ الزاهي والحلمَ المُنْتَظِرَ التحقيقِ فذهبتُ منْ تلكَ النافذةِ وبدأتُ أغرِسُ أجملَ أشجارِ الأملِ والثقةِ بالنفسِ والتفاؤلِ ورَأَيْتُنِي هناكَ أدمِّرُ الهمَّ والغمَّ، ثمَّ عدتُ الى بيتيَ الحقيقيِّ بعدَ أنْ وقعتُ عنِ السريرِ ونظرتُ من نافذةِ غرفتي الى الشمسِ وأخبرتها أننا بالعزمِ والارادةِ والقوةِ والتفاؤلِ نحققُ ما نشاءُ ونبني بيوتَ الحقِّ والعلمِ.
هذهِ هندسةُ الأملِ، هيَ هندسةٌ لا تحتاجُ دراسةً؛ فبأقلِ المعدلاتِ نحققها.
-
Huda Akkawiطالبة فيزياء سنة رابعة .... هوايتي الكتابة..... المقالات الادبية او العلمية بنكهة ادبية