إنِّي لأشمُ ريحَ يوسُف
سيبزغ الفجر
نشر في 25 نونبر 2018 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
يا دمعاً في ظلمة الليل يا جرحاً نازفاً في خاصرة الوطن سيأتي البشير ويرتد الوطن بصيراً .
خمسة عشر عاماً أسيراً في غرفة ضيقة، متسخة ،عفنة جدرانها غليظ سجانها لها شباك كأنه فتحة في تابوت يمنحك خيط ضوء
بإيجاز هو الموت على قيد الحياة .
عندما يحرم حسين من وضع رأسه على كتف ابنه الوحيد سينزف الجرح ويبكي عمر وليده الضائع في كل عام يكبره رامي يأخذ جزءاً من قلب والده،2003 هو عام الحزن لكليهما لجسد فقد روحه ولأب فقد سنده إذ وقع رامي حجازي أسيراً في سجون الاحتلال تاركاً أباه حسين ينتظره .
كيف لأب لا يذوب ألماً وهو يشاهد حياة وليده كقطعة جليدية تذوب شيئاً فشيء زيارة واحدة لا تتجاوز العشر دقائق سيكون نصيب الأسرى مع ذويهم حلم الواحد منهم أن يلامس يد والده أو ابنه يحول بينهما شباك زجاجي يحمل ملامح عدونا يقسو علينا ويترنح على أحزاننا .
"كيف حالك ابني والله مشتاقلك"هي بداية كل محادثة ونهايتها ثم تقطع العبارة انتهت الزيارة ...في هذه اللحظة ستتمرد الدموع على القلب لتعلن انتصارها عليه ويرجع القلب منكسراً جاراً أذيال هزيمته.
في سكون الليل وظلمته الجدران هي نديم الأسرى في وحشتهم هي من تسمع أناتهم وترى رغرغة الدموع في أعينهم ، تسمع تبادل الدعوات بين الأسير وأمه وأبنائه ،أم مغطى وجهها بتجاعيد كأنها خارطة الوطن في دعواتها تعدل بين الوطن وابنها تهم بالصلاة ثم يكون ونيسها يوسف ويس ،يلهج لسانها بالدعاء لوليدها أن ،يحميه ، يكلؤه برعايته .
لا شئ أمي أبي زوجتي ابني وحيدي سأكتفي باسترجاع صوركم في مخيلتي سأرسمكم في أبهى صورة سنتحدث جميعاً ونمازح بعضنا وتربتون على كتفي أن أوشك الليل على الرحيل كل ظلام سيزول وكل قيد سيكسر .
الله لقلوبنا جميعا ،إنها فاتورة التحرير لا تشترى بثمن بخس لا يظفر بها كل متهاون متخاذل من يستحقها هم أهل التضحية ، أسير لبث في سجنه بضع سنين ثم خرج والنور في عينيه قد خفت لكن نور قلبه راسخ رسوخ الجبال العاتيات هذا من يستحق هذه الفاتورة .
فلسطين وهل يوجد عروس مثلكِ تدلل!!؟
لو سألنا أهل التجارب المريرة من الأسرى عن الأسر لأجابونا بكلمة واحدة الحرية لا تقدر بثمن .
صدقتم أسرانا ما بالكم برجل لم يرَ ابنه منذ ولادته وكان يتمناه سنداً له إذا اشتد الدهر كان يتمناه رجلاً يستند عليه في المشيب وجاء المشيب والعين لم تكتحل برؤيته.
يا شوقهم لصوت مؤذن الفجر وتغريد عصافيره أن الصبح آتٍ آت يا شوقهم لرائحة التراب بعد أن يتبلل بحبات المطر .
ويسأل ابن الأسير عن أمنياته فيجيب "بدي كل الأسرى يطلعوا مش بس بابا ... الآه تتلوها الآه أطفال الأسرى هم رجال أنضجها الفراق .
وآخر لم يبلغ الخامسة عشر من عمره لازال بحاجة لحنان أمه وأبيه نزع غرسة ناعمة من حضن والديه إلى أن أصبح في سجنه شجرة طيبة أصلها ثابت وقلبها لرب السماء .
نعم هم أرادوا منهم مختلين عقلياً في أحكامفرضوهاعليهمالإداري،الزنازين،
وحرمانهم من زيارة ذويهم لكن وبإرادة الله ومن ثم قلوبهم الشامخة نراهم يكملون تعليمهم ويخرجون من السجن رجالاً أقوياء كل منهم قد ختم القرآن أو انتهى من تخصص أو أصبح مسؤولاً ورئيساً ،هكذا ببساطة المحتل هو الخاسر في كل طرقه في كل ألاعيبه الماكرة .
يا وطني أقفاس الحمام فيكَ ستحطم وهديل الحمام سيسمع من أعالي الجبال كلنا أحرار نهيم إليكَ شوقاً .
-
بسمة أيمن عنانأمي برضاكِ سأصل إلى أعلى درجات سلم أحلامي