يحدث أن نقع في حب الأشياء بدلا من حب الأشخاص، قد يعتبر الأمر هواية كالكتابة والرسم النحت ،المطالعة ،الركمجة ،ركوب الخيل والدراجات تسلق المرتفعات وغيرها ،لكل منا شغف في أمر يهوى القيام به يعتبره متنفسا يجد راحته حين يمارسه،وأنا كغيري كان لي نصيب من هاته العادة فوقعت في غرام كل ماتطاله عيناي قبل يدي من أشياء قديمة Vintage تحمل بين طياتها قصة،غصة،فرحة،دمعة تحكيها على خجل.

الرسائل المصفرة القديمة بما تحتويه من مشاعر كانت وقتها صادقة صدق حذام ،جهاز الفونوغراف بشكله الفريد ،الاسطوانات وأصوات الزمن الجميل، الكتب واوراقها العتيقة ورائحتها الزكية،،الورد المجفف القابع بين الأوراق وشكلها وهي تحتضنه بلطف كي تبقي عبقه الى مآل يذكر، اللوحات الفنية بإطارها الخشبي، العملات النقدية المنسي أمرها،طوابع البريد بمختلف أحجامها ورسوماتها،الأزياء، الاواني،آلات التصوير وألبوم صور إتخذت كي تبقي على ذكرى الحقبة حية ، صور أقل مايقال عنها أنها تحف  مجردة من كل الزيف الذي أصابنا في عصرنا هذا،عفويتها تجعلك تدمن تفاصيلها،الساعات حين كان للوقت أهمية،آلة الكتابة وصوتها الشجي،أجهزة الراديو والتلفزة ،الحقائب والأيادي الملوحة ،آلات الخياطة،دبابيس تزيين الشعر،العطور بألونها الفاقعة وأشكالها الغريبة، وأهم من كل ذلك القلوب العتيقة التي لاتنسى أحدا الوفية لأناس أحبوها واكترثوا لأمرها .

مصابة بحب  كل ماهو عتيق، تجذبني تفاصيل صارت مغيبة ونحن نفتقدها بشدة في زمننا هذا،أمور عنت لأشخاص فيما مضى الكثير، وكانت تمثلهم ،وهي تعنيني كذلك ،شغف جمع الأشياء القديمة يجعلك تعيد ربط الحاضر بالماضي ،ويمكنك من إعادة إحياء ماتم الإتيان عليه،كما أن الأمر يتيح لك تكوين صداقات لم يسعفها فارق العمر من البزوغ،فكما نعلم جميعا أن الهوة صارت كبيرة جدا بين الجيل القديم والجيل الجديد ،أصبح أجدادنا يعيشون تشويشا ينغص عليهم فرحتهم بأولادهم وأحفادهم،صارو يعيشون دوامة التكنولوجيا اللعينة التي فرقت الأسر وتمكنت منا جميعا دون إستثناء حتى كادت تنسينا طريق فرحنا بإنجازاتنا البسيطة وبأشيائنا التي قد تبدو لغيرنا تافهة فيما تعني لنا الكثير، هواية جمع الأشياء القديمة نعمة ينعم بها أصحاب ذوق جميل خالص من شوائب هذا العصر  لهم نظرة فنية بأبعاد إجتماعية ،فهنيئا لهم بهكذا شغف.