التنافس الامريكى الروسى على العالم العربى بعيون صهيونية
زئيف شافيتس - بلومبرج - ترجمة / محمد احمد حسن
نشر في 07 يوليوز 2019 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
( تنويه هام : قمنا بترجمة هذا المقال الذى كتبه مساعد رئيس الوزراء الصهيونى الراحل مناحم بيجن و الصحفى بمجلة جيروزاليم ريبورت فقط لكى نتعرف على رؤية النخبة السياسية و الاعلامية فى الكيان الصهيونى للتنافس الامريكى الروسى على العالم العربى )
كان جاريد كوشنر صهر ترامب و مستشاره موجودا فى البحرين لعرض الجزء الاقتصادى من صفقة القرن من اجل حل الصراع الفلسطينى الاسرائيلى . هذا المؤتمر يعد نوعا من العبث المنظم اما الحدث الاكثر اهمية فهو المؤتمر ثلاثى الاطراف غير المتوقع و الذى ينعقد فى القدس .
قاطع الفلسطينيون ممارسات كوشنر بعد ان اصبح واضحا انهم سوف يرفضون اى عرض امريكى للمساعدة الاقتصادية دون الاتفاق على دولة فلسطينية .
و فى الواقع فإن مؤتمر البحرين قد صمم لاستفزاز الفلسطينيين لكى يعترضوا و هى النقطة التى تستطيع عندها الولايات المتحدة ان تمنح موافقتها على مضى اسرائيل قدما فى خططها لضم اجزاء من الضفة الغربية و الاجهاز على السيادة الفلسطينية بشكل دائم .
و بينما كان تعرض مسرحية البحرين فإن صفقة القرن الحقيقية كانت تناقش من قبل مستشارى الامن القومى فى امريكا و روسبا و اسرائيل . ظاهريا فإن مؤتمر القدس كان معدا لمناقشة الموقف فى سوريا و دور ايران هناك و لكن اجندة المؤتمر الخفية كانت ابعد من ذلك فهذا المؤتمر يعد جزءا من المحاولات التى تبذلها الولايات المتحدة و روسيا لتقسيم الشرق الاوسط الى مناطق نفوذ. و قد حدث هذا لان القوتين العظميين فى الغرب لديهما مصالح فى المنطقة يمكن الاعتناء بها بشكل افضل من خلال التعاون .
هناك بالتأكيد ارضية لإقامة الصفقة . فروسيا بالفعل تسيطر على سوريا و تفضل ان تبقى هناك دائما . و الولايات المتحدة ليس لديها طموحات هناك اكثر من الحفاظ على السلام و حماية اسرائيل . و ليس صعبا على روسيا ان تقبل بهذا الامر . فقد صرح نيكولاى باتروشيف مستشار الامن القومى الروسى فى لقاء مع نتنياهو (( إننا نولى عناية خاصة لتعزيز امن اسرائيل )) و اضاف (( إنه شأن خاص بنا لأنه هنا فى اسرائيل يعيش مليونان من مواطنينا )) . تلك بداية جيدة .
الوجود الروسى طويل الامد منحها بشكل اتوماتيكى دورا اكبر فى المنطقة . فلبنان يعد امتدادا لسوريا . و العراق ممزق فعليا الامر الذى يفسح المجال للانفصال السهل بين الاكراد المدعومين من امريكا و بقية سكان البلاد . هذه البلاد عندما تركت لشأنها فإنها انتجت قادة من عينة صدام حسين و عائلة الاسد و قائد حزب الله الشيخ حسن نصر الله و زعيم تنظيم داعش ابو بكر البغدادى .
فى النظام الجديد على روسيا ان توافق على الامتناع عن التدخل فى شئون الدول الموالية لامريكا مثل مصر (( التى غازلت موسكو مؤخرا )) او الاردن . و عليها ان توافق على ايقاف محاولاتها لبيع منظومات الاسلحة المتقدمة الى تركيا ( تقاتل الولايات المتحدة من اجل ايقاف بيع منظومة الصواريخ S-400 الى تركيا )) . و على موسكو ان تقف جنبا الى جنب مع الولايات المتحدة لمواجهة الغطرسة الايرانية فى الخليج . و قد كان مايك بومبيبو وزير الخارجية الامريكية هذا الاسبوع لدعم هذا المشروع و الذى اذا تمكن من الاطاحة بالنظام الحالى فى ايران ( و هو الهدف الذى ينكره ترامب ) فإنه من المتوقع ان تتشارك روسيا النفوذ هناك .
التفاهم الروسى الامريكى حول الشرق الاوسط سوف يتطلب جهودا دبلوماسية تتجاوز حدود المنطقة . و قد جعل مستشار الامن القومى الامريكى جون بولتون هذا الامر واضحا بعد لقاءه الاول مع نظيره الروسى باتروشييف فى القدس . حيث كتب تغريدة على موقع تويتر قال فيها (( لقد تناقشنا نحن و فرقنا حول اوكرانيا و التحكم فى السلاح و فنزويلا و قضايا اخرى )) .
هناك بعض المساومات المحتملة فى هذا الصدد . حيث تنشط روسيا مؤخرا فى فنزويلا و هو ما يقع تحت طائلة عقيدة مونرو تنص على ان للولايات المتحدة الاولوية فى النصف الغربى من الكرة الارضية ( الامريكتين ) . و تعارض الولايات المتحدة كذلك المزاعم الروسية حول جزيرة القرم و الحزء الشرقى من اوكرانيا .
حول هذه المائدة تعمل اسرائيل كوسيط بين بوتين و ترامب . و هو الدور الذى لعبه نتنياهو لاكثر من عامين . حيث يهدف الى التأكد من ان اى صفقة اقليمية سوف تلائم مصالح اسرائيل . و هذه المصالح تتضمن سيطرة امنية دائمة على الضفة الغربية و السيادة على القدس ( اللقاء الثلاثى نفسه خطوة فى هذا الاتجاه ) و التنسيق مع روسيا حول وجودها العسكرى فى روسيا و استكمال الضغط الامريكى على ايران .
بعد الحرب العالمية الاولى قامت القوى المنتصرة بريطانيا العظمى و فرنسا بتقسيم ممتلكات الامبراطورية العثمانية فى الشرق الاوسط . و بعد مائة عام اختلفت الظروف و القوى الكبرى و لكن المبدأ ما زال قائما . إن المنطقة اهم من ان تترك لأنظمة متعصبة و غير مستقرة و فاشلة . إن النظام الجديد تحت الرعاية الروسية الامريكية يمكن ان يكون مرغوبا فيه اذا كان متفقا عليه بين الطرفين . هذا هو مايجرى استكشافه حقا فى القدس هذا الاسبوع . اما ما حدث فى البحرين فهو مجرد عرض جانبى .
النص الاصلى للمقالة
https://www.bloomberg.com/opinion/articles/2019-06-26/jeruslaem-trilateral-trumps-jared-kushner-s-bahrain-conference