لماذا تحول الإنسان إلى إله - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

لماذا تحول الإنسان إلى إله

تشرنوبل

  نشر في 24 أبريل 2020  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

مقدمة

يقضي الإنسان منا عمره وهو لا ينظر إلى المرآة سوى ليرى ما يريد هو أن يرى.

لا نريد الحقيقة؛ فالحقيقة تبدو لنا أمرا غير محبب.

إذا اجتمعنا وأخذ كل منا بالسرد نجد أنفسنا وقد انشغلنا بالعالم لا بأنفسنا.

فيحكي فلان عن أحد ما ويحكي الآخر عن فلان ونبتعد أكثر لنتحدث عن مشاهير لا نعرف عنهم سوى الجانب المُقَنَع الذي تبثه لنا شاشات التلفاز ونتجادل ونتفق في أمور لا تخصنا.

ربما يبدو ذلك معقدا أحيانا لكنه مهما بلغ من تعقيد فإنه بالتأكيد أسهل بكثير من أن يتحدث الإنسان منا عن عيوبه ومشكلاته.

أسباب منطقية

أتفَهَم ذلك لأسباب كثيرة فنحن البشر لا نعرف كيف يستقبل الآخر معاناتنا، فالبعض يستقبل مشكلاتك بالتهويل والبعض يستقبلها بالاستخفاف وربما يمل البعض من شكواك لمعاناة ما ولا يعيرك الاهتمام والبعض الآخر وربما الغالبية يستمعون إليك ثم يمارسون هوايتهم المفضلة وهي الهجوم والسخرية هؤلاء هم من أسميهم _وأخشى أن أكون يوما منهم_ آلهة المجتمع.

الإله البشري

يرتدي الإله منا قناعه ويبدأ رحلته اليومية باحثا عن فريسته فهو بالطبع إله لا يعرف الخطأ عنوانه، تجلس بجواره منصتا لأحكامه التي يصدرها بكل بساطة على المارة، هو بالطبع نظرته مختلفة وقد أَلَمَ بجميع القواعد والأحكام التي يطبقها ويصدرها بثقة الإله العارف.

كيف نقرر ونُقِر بأمر ما بكل بساطة دون التمهل ودون التجربة؟

التجربة والتي هي الأخرى تختلف من شخص إلى الآخر حتى أنها تختلف بالنسبة للشخص الواحد باختلاف الزمان والمكان.

هل ألقيت نفسك في بطن الحوت؟ بالطبع لم ولن تفعل لكنك بكل بساطة ستلوم أحدهم على نفاذ صبره وقلة حيلته ولا تعرف أنه في بطن الحوت يحاول جاهدا أن يتأقلم.

اللوم والهجوم أسهل الأشياء التي يستطيع أن يفعلها الإله البشري تجاه الشخص العادي.

ربما لأنك تجهل ما يعاني منه الآخرون وما أدى بهم لتصرف ما، تصرف ربما صحيح وربما خاطيء وربما لا يحتمل التفسير حتى أن الإنسان منا ينكر تصرفا كان بالفعل قد قام به دون علم منه.

وتتعدد الآلهة

فهناك إله الأخلاق الذي بالطبع يخدش حياءه سب أحدهم للآخر لكنه لا يجد مانعا في أن يأكل حق غيره.

وإله الدين الذي ينظر لتارك عبادة ما بكراهية ويصفه بالكافر لكنه لا يمانع أن يؤذي زوجته وأولاده.

وإله المظهر الذي حدد بشكل ما مقاييسا للجمال ومن يخرج عنها يبدو له شاذا لا يستحق العيش

وإله الأفكار وهذا الأسوأ لأنه لا يكتفي بأن يصدر لنا أفكاره بل يحاول جاهدا أن يمنع كل ما هو مخالف لفكره.

وإله المكان وهذا بالطبع يشبه إله المظهر فإن كنت ريفي في المدينة سيلفظك إلٰه المدينة والعكس صحيح.

حياة الآلهة

الإله البشري لم يعاني لذلك لا يعرف سوى أن يطلق الأحكام دون النظر إلى أي اعتبار آخر فهو لا يراك، يرى أن العالم كله لا بد أن يشبه ملابسه وأفكاره وبيئته التي لم يرى مطلقا سواها.

حاولت جاهدا أن أجد أسبابا أو تصنيفا للبشر لكني فشلت فالنفس البشرية شديدة التعقيد فربما أصدرت أنت أو أنا حكما إلاهيا يوما ما على أحدهم، لكن لا تستمر في ذلك أرجوك وأرجو من نفسي، الجميع يتغير والأشياء تتغير وبالطبع الأحكام تتغير.

الإله الحقيقي يترك لنا المساحة لنخطيء ونعود.

نهاية عالِم

إن كنت جاهل تَعلَّم وإن تعلمت ستصبح دون شك شخص عادي لا يحمل الأحكام والدستور بين يديه بل يحمل التفكير والرحمة فلا عجب في أن نرى العلماء لا يسنون القوانين ولا يهتمون بوضع دستور للحياة وربما لا يؤخذ أحيانا برأيهم بل وربما يزج بهم في السجون. 


  • 10

  • محمود أنس محمد
    محمود أنس محمد طبيب أسنان مصري من المنيا مواليد سبتمبر ٩١ حاصل على المركز الأول على جامعة المنيا في شعر العامية وصدر لي ديوان شعري (شكة دبوس) ونشرت لي مقالات على منصات أخرى.
   نشر في 24 أبريل 2020  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

فلسفة عميقة وسرد سهل أعجبني المقال
1
Zeinab Sayed منذ 4 سنة
بالتوفيق
1
محمد تيسير منذ 4 سنة
سرد لذيذ وبسيط لفلسفة بعيدة !

أعجبتني يا رفيق حينما لامست العقدة البنائية للمجتمع، وطرحت منها راديكاليي الحماقة.

وفي النهاية ليس فقط الإله البشري هو الطفل المدلل ناعم اليدين، كلهم كذلك.
3

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا