القابع خلف المكتب - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

القابع خلف المكتب

  نشر في 06 أبريل 2020 .

لا شك انك تابعت أفلام هوليود الحالمة أو التي تروي السير الذاتية لمن نجح و سطع نجمه، و أكيد انه شد انتباهك ذاك الذي يرتدي البدلة الأنيقة، و الذي يطرق أبواب العمل قبل جميع الموظفين، ذاك الذي يجلس خلف المكتب ذو الخلفية الزجاجية الجميلة و هو يصدر الأوامر و النصائح و التوجيهات و هو في قمة الحرص على نجاح المؤسسة و رقيها .

في لغة الغرب ذاك المدير و المسير و النبراس الذي ينير الطريق ، من ينطفئ أو من يتم إطفائه فقط لحظة الفشل، بل قد ينتحر من الحزن و الأسى و الخجل من الظهور أمام الأهل و الرفاق و التاريخ في ثوب الفاشل.

إلى هنا لا يبدو التعريف غريبا لرجل تكفل بإدارة الرجال و إدرار المال و السيطرة على السوق خدمة للوطن و المواطن ، و بحثا عن المكانة في التاريخ ، فتجده كثير الإبداع و لا يعمل إلا صحيح الأشياء، كما انه لا يطبق إلا الأفكار الجادة و النافعة ، ليصل في النهاية لصناعة أبطال يرقون بالمؤسسة إلى أفاق عالية ، أما الاتصال معه فتجده عادة ما يستخدم أسلوب الزميل إلى الزميل.

و يقابله في عالمنا العربي بعض الخلائق تلبس نفس اللباس الأنيق، و تجلس في نفس المجلس الواسع، نادرا ما تكون الخلفية الزجاجية بنفس القدر من الجمال ، تقول فيسمع لها و تأمر فقد تلقى التنفيذ ، و يكون المصدر في غالب الأحيان..ما أريكم إلا ما أرى .فلا تراه إلا قابعا في مكتبه صانعا منه ملكيته الخاصة ، فلا يراه الموظفون ، و لا العمال لأنه الذي يستكثر فيهم مقابلته ، فتراه يستخدم أسلوب الرئيس و المرؤوس ، لا يشعرك أبدا أنك تشارك لا في القرار و لا في طريقة العمل ، فجل القرارات تكون في صالح الفئة المتمتعة بالحصانة نضير الخدمات التي تقدمها ، من وشاية ، و نميمة ، وعرقلة الصالح العام للمؤسسة .

ذاك الذي لا يواجه المشاكل أبدا قصد حلها، بل فقط يهرب من الحقيقة أملا ألا تصل الأصداء للوصاية ، و هو في قمة الحرص أن يعلم مديره العام أن كل شيء على ما يرام ، لذلك تجده يمضي السنوات الطوال دون إحداث أي تغيير أو تحقيق أية وثبة .

هو ذاك الذي يتحالف مع محيطه العفن لأجل وضع المتاريس و العقبات في طريق كل طموح ساع لتقديم الخدمة ، كما لا يشجع التكوين و لا مواصلة الدراسة ، فلا يجهد أبدا لجلب تربص أو تكوين أو دورة تأهيلية ، بل يستحق و بكل جدارة لقب سارق الأحلام و الطموحات ، و احد أسباب هجرة الكفاءات أو تخندقهم ، ليخرج هو في نهاية المطاف من الباب الخلفي تماما كما كان يفعل أيام المجد .

هو ذاك الذي لا يفرق بين العدل و المساواة، ففي أحسن الأحوال تجده غير قادر على نعت الفاسد بالبنان، و إنصاف الصالح المصلح و تشجيعه، أو على الأقل حمايته من أهل الفساد.

عموما هو الذي ستقتص منه الخلائق يوم القيامة لأنه ظلم هذا ، و أكل حق هذا ، و ضرب عرض الحائط بطلب تحويل هذا و طموح الأخر، و كسر خاطر هذا، أيضا هو الذي ينساه الجميع في أول لحظة بعد الرحيل ، فلا تكاد تجد أحدا يسال عنه أو من يذكره بخير، و لا أيام الأعياد و الأفراح .

هكذا فقط ندرك الفرق بين المدير القائد صانع النهضة، و بين القابع خلف المكتب ينتظر أخبار الوشاة، لتحرير الاستفسارات و تدوين العقوبات.

طبعا لا تزال فئة مخلصة قادرة على تقديم أضعاف ما يقدمه صاحب البدلة الأنيقة في أفلام الغرب ، هؤلاء عادة ما يجدون الحلول خدمة للمجتمع و الناس ، و يقدمون المشاريع و يكافئون بالطرد أو العقوبات أو التهجير أو السعي للدفع بهم لقبول حياة القطيع ، و انتظار نهاية الشهر........ و يوم صب الأجور.

محمد بن سنوسي

08-10-2018    


  • 3

   نشر في 06 أبريل 2020 .

التعليقات

بورك قلمك اخي الفاضل المحترم
1
بن سنوسي محمد
بارك الله فيك و شكرا على مرورك الطيب

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا