صراع الطاقة نشأ نتيجة للاحتياج الشديد للوقود الأحفوري من جهة و ومن جهة أخري ضرورة الانتقال للطاقة المتجددة نتيجة ما يسببه الوقود الأحفوري من تلوث الهواء والتسبب في الاحتباس الحراري الناتج بدوره عن غازات تغلف المجال الجوي وتمنع الانعكاس الحراري الصادر من الأرض من انتقاله إلى خارج الكوكب مما يسبب ارتفاعا في درجات حرارة الأرض ويزيد التصحر والجفاف.

معاناة المنطقة العربية من الاستخدامات الاحفورية

المنطقة العربية تعتبر من أكثر المناطق في العالم تأثراً بالتغير المناخي حيث يعاني العالم العربي كثيرا من الأضرار مثل شح الأمطار و العواصف وغيرها من الأضرار التي تسبب أضرار اقتصادية واجتماعية وعلى الرغم من امتلاك الدول العربية ما يؤهلها لأن تكون في مقدمة الدول المستخدمة للطاقة المتجددة ولكن ما زالت بلدان العالم العربي تسعى نحو الإستفادة من صناعات الوقود الإحفوري و تهميش المصادر الأخرى مما يؤدي إلى زيادة معدلات التغير المناخي وبالتالي حدوث العديد من مظاهر المعاناة . فقد أظهرت الأبحاث المحدودة التي أجريت في البلدان العربية أن تغير المناخ يؤدي دورا مهما في تفشي الأمراض المعدية التي تحملها الناقلات مثل الملاريا والبلهارسيا (مصر، المغرب، السودان). كما يهدد ارتفاع درجات الحرارة بانتشار أمراض حمى المتصدع وحمى الضنك والتهاب السحايا والملاريا والبكتريا العضوية في السعودية واليمن والمغرب وفلسطين وجيبوتي.

ويحدث أيضا نتيجة للتغير المناخي ارتفاع مستوي البحر الذي يتسبب في زيادة درجة ملوحة المياه الجوفية وأيضًا نقص المياه الذي يحدث نتيجة اضطراب سقوط الأمطار وذلك يؤدي إلى نقص كميات المياه العذبة المتاحة وفي ذلك تهديد لمستقبل الأمن الغذائي العربي في منطقة تعاني من أدنى مستوى من المياه العذبة في العالم.

مشكلة أخري تواجه المنطقة وهي التصحر الذي يؤدي إلى فقدان الحياة النباتية والتنوع الحيوي بها. وتقارير الأمم المتحدة المتعلقة بالبيئة تشير إلى أن أغلب المناطق المعرضة للتصحر تقع في العالم العربي. وتشير هذه التقارير إلى أن حوالي 357.500 كم2 من الأراضي الزراعية أو الصالحة للزراعة في عدد من الدول العربية أصبحت واقعة تحت تأثير التصحر، وشهدت دول مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا تحول 650.000 كم2 من أراضيها إلى أراض متصحرة خلال 50 سنة فقط، حسب الأمم المتحدة.

الانتقال للطاقة المتجددة بين الاقتراح والضرورة

أصبح الانتقال للطاقة المتجددة ضرورة قصوي بعد ما رأينا ما سببه استخدام الوقود الاحفوري ومدي الكوارث التي يمكن أن يسببها هذا الاستخدام وأيضا هناك العديد من الفوائد التي يمكن أن تجني من استخدام الطاقة المتجددة :-

فهي تتواجد بشكل جيد ودائم في كافة أنحاء الوطن العربي وتعتبر الطاقة المتجددة صديقة للبيئة ونظيفة. ويسهل استخدامها بالاعتماد على تقنيات وآليات بسيطة وتساعد على خلق فرص عمل جديدة وتساعد على التخفيف من أضرار الانبعاثات الغازية والحرارية وتمنع هطول الأمطار الحامضيّة الضارة و تحد من تجمع النفايات بكل أشكالها. وتجعل المزروعات خالية من الملوثات الكيميائية وبالتالي ترفع الإنتاجية الزراعية وتستخدم تقنيات غير معقدة ويمكن تصنيعها محليا في الدول النامية.

خطوات مضيئة في طريق التغيير

علي الرغم من انخراط بلدان المنطقة العربية في مشاريع الطاقة المتجددة جاء في وقت متأخر مقارنة ببلدان أخرى .

لكن في الآونة الأخيرة أصبحت الدول أكثر وعيا بخطورة التغير المناخي فأصبح التمويل المناخي أمر لا مفر منه وتعددت مصادر التمويل المناخي في الدول العربية منها فرض الضرائب على الوقود الأحفوري وتحويل هذه الأموال لمشاريع الطاقة المتجددة .

مصر

مثال لتلك الجهود ما حققته مصر واتجاهها إلي نوع جديد من الاستثمار في مشروعات صديقة للبيئة وتخفيض انبعاث الكربون وترشيد استخدام الطاقة وتسير مصر بخطوات سريعة فى مجال الاعتماد على الطاقة المتجددة لتقتحم المجال بقوة وتصبح رائدة فيه وفقا لخطة محددة وضعتها وزارة الكهرباء المصرية من أجل دعم مشروعات الطاقة الشمسية والرياح والطاقة المائية حيث تستهدف أن تسهم المصادر المتجددة بنسبة 20% من إجمالى الطاقة الكهربائية المنتجة بحلول عام 2022.

وقدرت هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة نسبة مساهمة كل قطاع فى هذه النسبة المرجوة، بحيث تساهم طاقة الرياح فى 12% من هذه النسبة، وتساهم الطاقة الشمسية بنسبة 2%، والطاقة المائية بنسبة 6%، يأتى ذلك ضمن استراتيجية الطاقة المستدامة والمتكاملة فى مصر والتى بدأ ت من عام 2016 و حتى عام 2035 ، حيث تستهدف وصول نسبة مساهمة الطاقة المتجددة الى 37.2% ، من إجمالى الطاقة الكهربائية المنتجة.وفيما يلي بعض مشروعات الطاقة المتجددة في مصر

محطة بنبان للطاقة الشمسية

مشروع “بنبان” الذي يعد من أكبر المدن الشمسية على مستوى العالم وتحديدا بقرية بنبان بمحافظة أسوان حيث يقع على مساحة 8 آلاف و434 فدان، ويستهدف توليد 1465 ميجاوات، من الطاقة الشمسية النظيفة.

بدأ العمل فى المشروع فى مارس الماضى، عقب تشغيل محطة “انفينيتى” أولى المحطات، بسعة 50 ميجا وات، وتم ربطها بمحطة محولات بنبان 1 والتى تتصل بخط كهرباء سيلوه المرتبط بالشبكة الموحدة ومن جانبه كشف المهندس أحمد هانى، مهندس دراسات بقطاع الطاقة الشمسية بهيئة الطاقة المتجددة، عن تفاصيل جديدة فى المشروع، موضحا أن شركة فاس ثانى الشركات التى من المقرر أن تعمل بالمحطة، بعد التشغيل الفعلى لمحطة “انفينيتى”، بدأت بالفعل فى تنفيذ البنية التحتية لمشروعها الذى يقع على مساحة كيلو متر مربع، حيث تم تسوية أرض المشروع وبناء الطرق والأسوار، تمهيدا لإقامة الألواح الشمسية، والتى تستهدف توليد 50 ميجا وات من الطاقة الشمسية، ومن المقرر أن تبدأ التشغيل التجريبى لها فى بداية عام 2019 المقبل.وتم الكشف عن انشاء 3 محطات أخرى بمحطة بنبان وهم بيساب وفينيكس وأم أم اى دى”.

محطات الرياح في البحر الأحمر

تتميز محافظة البحر الأحمر بشدة الرياح فى المناطق الشمالية لها، مما جعلها موقعا مميز لإنشاء مزارع طاقة الرياح بداية من الزعفرانة حتى مدينة الغردقة وتحديدا منطقة جبل الزيت التى بها أكبر محطة طاقة رياح فى مصر و القدرة الإجمالية لذلك المشروع تصل إلى 40 ميجاوات، وتعمل بنوع G80 من التربينات والتى يبلغ عددها 20 تربينة قدرة كل منهم 2 ميجاوات، مضيفا أن عملية تنفيذ المشروع تقوم بها شركة GAMESA بتكلفة تبلغ 35 مليون يورو، موضحا أنه تم الانتهاء بنسبة 90 % من اعمال المشروع .

ويتم أيضا إنشاء مزرعة رياح اخرى بالتعاون مع الحكومة الإسبانية بمنطقة جبل الزيت، بقدرة 120 ميجا وات، بواقع عدد تربينات 60 تربينة وقدرة كل تربينه 2 م.و، تنفذها شركة GAMESA، واستشارى المشروع ISDEFE.بتكلفة إجمالية للمشروع 86 مليون يورو .

محطة ” شعب الإمارات”

محافظة مرسى مطروح لم تكن بعيدة هي أيضا عن هذه الثورة في مجال الطاقة المتجددة فهي إحدى أهم المحافظات فى مجال توليد الطاقة الشمسية، حيث يقام على أرضها واحدة من أكبر محطات توليد الطاقة الشمسية فى مصر، وهى محطة ” شعب الإمارات” بمدينة سيوة بطاقة 10 ميجاوات، والتى تم إنشائها بتكلفة 25 مليون دولار منحة إماراتية ومقامة على مساحة 48 فدان كمرحلة أولي، ويمكن التوسع فى إقامة عدد من المحطات على المساحة المخصصة للمحطة وهى 138 فدان وتم افتتاحها عام 2015، لتستفيد منها واحة سيوة والمشروعات الاستثمارية بها، وتساهم المحطة فى توفير استهلاك نحو 5 ملايين لتر من الديزل سنوياً وتفادى انبعاث نحو 14 ألف طن من ثانى أكسيد الكربون سنوياً.

محطة الحمراوين

محطة الحمراوين لتوليد الكهرباء من الفحم على ساحل البحر الأحمر، التى تعد الأولى فى مصر والأكبر والأحدث على مستوى الشرق الأوسط .تقع محطة الحمراوين بجنوب سفاجا بمنطقة الكيلومتر 32 وتعمل بنظام تكنولوجيا الفحم النظيف وتضم المحطة 6 وحدات لتوليد الكهرباء من الفحم وتبلغ التكلفة المبدئية للمحطة 6 مليارات دولار وتبلغ قدرة المحطة 6 آلاف ميجا وات تعتبر محطة الحمراوين أكبر محطة لتوليد الكهرباء من الفحم بالشرق الأوسط وتعمل المحطة بأحدث نظام الضغوط ويوجد بالمحطة ميناء لاستقبال الفحم من مراكب الشحن لنقلها مباشرة لمنطقة مغلقة لتخزين الفحم للتوافق مع الاشتراطات البيئية ويصل عمر المحطة الافتراضى إلى 40 عاما وتستغرق مدة تنفيذ المشروع 7 سنوات ومن المتوقع أن يتم تشغيله فى 2025 

محطة جنوب حلوان البخارية

مشروع محطة توليد كهرباء محطة جنوب حلوان البخارية التي بدأ العمل بها قبل عام 2014 تصل قدرات المجمع إلى 1950 ميجاوات وتبلغ التكلفة الإجمالية للمحطة 15 مليار جنيه، ويشارك في تمويلها البنك الدولي بقرض يصل إلى 500 مليون دولار أمريكي والبنك الإسلامي للتنمية 450 مليون دولار والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي 55 مليون دينار كويتي والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية 60 مليون دينار كويتي على مرحلتين وصندوق الأوبك للتنمية 70 مليون دولار، وقرض البنك الأهلي المصري بمبلغ 2 مليار جنيه.

محطة بني سويف

يبلغ إجمالي قدرة المحطة نحو 4800 ميجاوت، وهو ما يكفي لتزويد نحو 15 مليون مواطن مصري بالطاقة الكهربائية.وتعد من أكبر محطات الكهرباء في العالم بتكنولوجيا الدورة المركبة بطراز “إتش كلاس”، والتي تعتمد على الغاز الطبيعي في تشغيلها، وتعتمد على التبريد المائي بسبب وقوعها على نهر النيل .. 

النتائج الايجابية لثورة الطاقة المصرية

توفير فرص عمل للشباب داخل تلك المشروعات بالاضافة لتوفير مليارات الدولارات التي كانت تنفق علي الوقود وأيضا تقليل ثاني أكسيد الكربون والغازات الضارة التي تعمل على زيادة الاحتباس الحراري .