بيت فؤاد ٢٠
لا يوجد شيء حقيقي في هذه الحياة .. لا يوجد حقيقة على الإطلاق!
نشر في 16 غشت 2018 .
تعرفت على "سعاد" في أحد الحفلات النموذجية التي أقماتها في صيف ١٩٩٨ أحد العوائل الثرية والمعروفة جداً في البلد. حفلة خيرية ذات نوايا ضمنية شريرة. لا يهم فلم تكن دعوتي لتلك الحلفة سوى كضيف حيث أنني كنت متعهداً ذات يوم لصاحب الحفلة.
طوال السهرة كان نظري يجول حول الفتيات، ولم تغريني "سعاد" بالتعرف رغم أن أعيننا التقت لمرات ومرات .. حتى قام أحد الحاضرين بدعوتها لتعزف على البيانو .. وعندما رأيتها جالسة بثوبها الأسود، وظهرها المكشوف، وشعرها الأحمر الذي كان ينسدل على طرف كتفها... شعرت بأنها المرأة التي أريد أن أقضي حياتي معها.
لا يهم من كانت لتكون تلك السيدة، إن كانت ذا ماضي جيد أم سيء، كان وجودها على البيانو ومظهرها وموسيقاها تشدني إليها كالسحر .. انتظرت حتى انتهت من مقطوعتها فتقدمت نحوها وطلبت منها أن تشاركني الرقصة التالية ..
رقصنا وتحدثنا لساعات وساعات .. أحببتها وأحببتني، تزوجتها .. أمضيت معها أجمل سنوات عمري .. خانتني وحطمت فؤادي، لكنني مع هذا لم أقتلها!
كان ردي على اتهام الضابط الشاب الذي كان متحمساً جداً لعمله، فأحب أن يضيف شيئاً من الإثارة على قضية انتحار "سعاد" بأن يتهمني بأنني قتلتها.
لا أنكر بأنني تمنيت قتلها في اللحظة التي كانت تواجهني فيها بالحقيقة. بالطبع فإنني لم أفترض ذلك السيناريو كرجل شرقي ولم أفكر بقتلها لأجل العار .. بل لأنها غدرتني وكنت كأي شخص طبيعي أنوي الانتقام.
لم يكن يعنيني من الأمر أنها قبلته أو حتى مارست الجنس معه، سيان عندي .. المهم أنها استغلت غيابي، أنها طعنتني في ظهري، كانت تصر على أنني كنت أخونها .. أجل خنتها .. مرة أو مرتين .. أو ثلاث .. أو مئة مرة. خنتها مع الوقت مع الصبر .. مع صديقاتي اللاتي كن يدعونني لأمارس معهن الحب، لكنني كنت أرفض رغم أنني كنت أتمزق بينهن وبين وعدي لها بألا أخون .
خنتها مع "طارق" صديقي عندما اقترحت عليه أن نمضي ليلة من المجون، وأن نخبر زوجاتنا أننا في العمل. لم يكن الأمر متعلقاً بالنسبة له بالخيانة .. كان يخون دوماً، وكان يبرر خيانته بالغريزة، كان يضع أي حجة، وكانت زوجته تبكي وتهجره لأيام ثم تعود .. ليس لأنها تحبه، لكن لأن الأمر كان يتعلق عندها بالكرامة، فهي لم تكن تغار عليه، ولم يكن يعنيها أنه فضل امرأة عليها، جل ما كان يعنيها أن تلك المرأة عاشرت زوجها وأنها كشفت سرهما الدفين.
سألته مرة ممازحاً إن تبدلت الأدوار وخانته زوجته ماذا سيفعل، قال لي عندها والنار تخرج من عينيه :" سأقتلها".
غبي .. لقد خانتك مع مشاعرها، لقد طلبت مني ذات يوم أن أضاجعها .. قتلتك في عقلها آلاف المرات. قتلتك وخانتك عندما قررت أن خيانتك لها لا تعني لها شيء.
لكن "سعاد" لم تكن كذلك، "سعاد" لم تخني في الحقيقة مع رجل آخر، لقد كانت تكذب علي، لقد أرادت أن تقتلني ببطئ، أن تجعلني أخرج عن برودي وعن ردات فعلي الجامدة.
" اذهب إلى الجحيم .. أنت لست الشخص الذي أحببته يا مروان، أنت صورة مثالية عن الشيطان، أنت ضحية فكرك المريض."
كانت غاضبة مني لأن ثيابي كانت تحمل رائحة عطر لأنثى ما، ضحكت يومها عليها، ضممتها وهي تبكي وأخبرتها بالحقيقة، بأنني كنت أجرب العطر الذي سأشتريه لها بعيد ميلادها. لم تصدقني بالطبع. رغم أن بائعة العطور أغرتني .. في كل مرة كانت تضع شيئاً من العطر على معصمها وتقربه من أنفي. . وضعت رقم هاتفها في جيب قميصي، قبلتني على رقبتي . . نظرت إليها نظرة شهوانية حقيرة، فكرت أن أضاجعها في عتمة المستودع، بين زجاجات العطر .. ويكون ذلك لأجل المتعة، بعدها لن أعود ولن اتذكر تلك اللحظة، ومع الأيام حتى ملامحها سأنساها ..
لكنني كنت أحب زوجتي، وفكرت بأنني استطيع أن أفعل هذا وأعود إليها مبرراً لنفسي ذلك بألف حجة.
يمكنك يا سيدي المحقق أن تعتبر أنني قاتل، لكنها قضية شرف، سأخرج منها والناس تصفق لي كبطل وليس كقاتل، لكنني لم أقتلها ذلك اليوم، لكنني أعطيتها ألف سبب لتقتل نفسها، فإذا كان هذا يعد بالقانون جريمة، ضع قيودك بيدي وأعدمني بتهمة القتل المباشر المتعمد، ولتكن قضيتي مرفوعة باسم الحب لا الخيانة. لأنني في الحقيقة قتلتها لأجل الحب وقتلتني لذات السبب .. أما الخيانة فضعها بين قوسين، لأن الخيانة ليست حقيقية بيننا، ولم تكن يوماً!