إذا أردت أن تكون مشهورا في مصر فعليك أن تتجه إلى تلك المجالات التي تتمثل في الرقص أو ممارسة كرة القدم أو التمثيل، وأحذرك من العلم فإنه لن يجدى لك نفعا ...

      في مصر لا تتعجب من هذا القول، هذا هو الطبيعي, ليس في مصر فقط بل وفى العالم العربي أيضا، هل تعلمون لماذا وصلنا إلى تلك المرحلة من التدهور؟

      وصلنا إلى تلك المرحلة بفضل اضمحلال الوعى العلمي والفكري والثقافي والديني،وأصبح همنا الأكبر هو السعي وراء ملذاتنا وشهواتنا والربح السريع بغض النظر عن القيم والمبادئ الخلقية والتعاليم الدينية، فاندثر التعليم وتلاشت الأفكار والتنوع الثقافي وتفشّى الإهمال والتقصير والعجز في العملية التعليمية، لم أقل بأن التعليم غير موجود، بل هو موجود ويقدم لنا مئات الآلاف من الخريجين سنويا، لكنه تعليم عقيم ليس له هدف واضح بل هو مجرد مقررات دراسية وضُعت وفق معايير جافة غير ملموسة، أهداف تعليمية على ورق لمنهج لا يراعى الجانب التربوي أو الثقافي للطلاب.

     نجد أقل دخلا يُقدم للمعلم، ليس هذا فقط بل يوجد ما هو أفظع من ذلك وهو انعدام المكانة الاجتماعية للمعلم الذى هو ركن رئيس من أركان العملية التعليمية.

     ولإثبات عجز وتردى العملية التعليمية يمكننا إجراء تجربة بسيطة جدا، وهى أن نقوم بسؤال مجموعة متنوعة من طلاب وخريجي الجامعات في بعض الأسئلة الثقافية والعلمية والأدبية وانتظر الإجابة ...حينها ستعلم ما هو التقييم الجيد للعملية التعليمية التي يخضع لها الطلاب.

      ثم قم بسؤال الطلاب أنفسهم عن معلومات عن راقصة ما أو نتيجة مباراة كرة قدم أو بعض الأعمال الفنية لممثل ما وما يشابه ذلك من الأمور التي تلقى قبولا وشهرة واسعة في مجتمعاتنا، حينها ستودع الصمت الرهيب والإجابات التي تنم عن الجهل، وستجد بحرا من الإجابات انثال عليك انثيالا وسترتفع أصوات هؤلاء الطلاب بعد الثبات العميق الذى سببته لهم الأسئلة الثقافية.

وقد قال ابن المعتز بيتا من الشعر ينطبق تمام الانطباق على مجتمعاتنا هذه الأيام:

وحلاوة الدنيا لجاهلها     ...    ومرارة الدنيا لمن عقلا