مودي بائع الشاي - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

مودي بائع الشاي

من بائع شاي الى رئيس حكومة أكبر بلد ديموقراطي

  نشر في 30 ماي 2014 .

من بائع شاي الى رئيس حكومة أكبر بلد ديموقراطي في العالم من حيث السكان، بذلك سطر نارندرا مودي زعيم حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوس فصلا جديدا في كتاب القادة العصاميين الذين بنوا أنفسهم بأيديهم وأثبتوا للعالم أن لا شئ مستحيل إذا ما توافرت العزيمة والإرادة لتحقيق ذلك، حيث نجح في ازاحة أعرق حزب حاكم في الهند وهو حزب المؤتمر وذلك بعدما استطاع حزبه القومي الشعبي المعارض ان يكتسح في الانتخابات البرلمانية الأخيرة .

ورغم إكتساح حزبه في الانتخابات، الامر الذي قد يخيل للبعض أنه طالما أن غالبية الهنود صوتوا لحزبه فبالتالي سيكون منقذ الهند ورافع رايتها ومنتشلها من كبوتها الاقتصادية ،وأنه سيكون رئيسا تنعم تحت حكمه الهند بالسلم والأمن والحرية والديموقرطية الحقة ونبذ الفرقة والانقسام على أساس ديني كان أو عرقي.وذلك على أساس أن الغالبية لن تصوت له إلا لأنها ترى فيه بارقة أمل لتحقيق نهضة إقتصادية حقيقية للهند ودعم الديمقراطية بها.

إلا أنه في حقيقة الأمر مثل نجاح حزب مودي أملا لدى البعض وقلقا وتوجسا للخيفة لدى البعض الأخر داخل الهند وخارجها، على كافة الأصعدة الإقتصادية منها والسياسية .

فداخليا من الناحية السياسية ،نجد أن ماضي الرجل المشوب بالكثير من المواقف التي لا تجعل من فوزه إلا رسالة تبث القلق والريبة في قلوب الطوائف ذات الأقلية بالهند وعلى رأسها طائفة المسلمين، حيث أنه بعد أقل من عام من توليه ادارة ولاية غوجارات الهندية في أواخر عام 2001، عصفت بالولاية أعمال عنف ضد مسلمين أوقعت أكثر من ألف قتيل معظمهم من المسلمين. وتم انتقاد مودي لعدم القيام بما يكفي لوقف العنف في تلك الفترة ولكنه المحكمة العليا برأته من اللوم العام الماضي،ورغم أن مودي. وعلى الرغم من أن مودي أعرب عن أسفه لاحقا من أعمال الشغب ،إلا أنه تعرض لانتقادات لعدم الاعتذار للمسلمين. وبسبب هذه القضية لم تصدر وزارة الخارجية الأميركية تأشيرة لمودي في عام 2005 .

فضلا عن بعض المواقف الأخرى له ولأعضاء حزبه التي تعكس تطرفهم وبغضهم للطوائف الأخرى بالبلاد على رأسهم المسلمين ، لذلك فٌإن بعض المحللين يرى أنه في ظل حكومة مودي ستشهد البلاد توترات دينية وهيمنة هندوسية على مناحي الحياة.

أما إذا جئنا للناحية الاقتصادية فنجد أن مودي الذي حقق انتعاشا لولايته غوجارات أثناء توليه لرئاسة الوزراء بها ، تفائل بقدومه البعض ،حيث يأملوا بأن ينقذ الهند من كبوتها وركودها الإقتصادي كما أنقذ وأنعش إقتصاد غوجارات،إلا أن بعض المحللين والخبراء الاقتصاديين أكدوا أن الاعتقاد بأن مودي بإمكانه تحويل الهند بسرعة، إنما هو تبسيط للأمور. فكبير خبراء الاقتصاد في وكالة كريسيل للتصنيف الائتماني -دي كي جوشي- حذر من أنه "ليس هناك عصا سحرية".

فالهند تعاني من ركود تضخمي، مع هبوط نسبة النمو إلى 4.9% مقارنة بـ9% قبل عامين، فيما بلغ تضخم الأسعار على المستهلكين 8.6%، أعلى نسبة بين كبرى القوى الاقتصادية الناشئة.إضافة إلى ذلك ينطوي الاقتصاد الهندي على بعض النواحي المحظورة مثل قوانين العمل الصارمة التي تسمح بتوظيف العمال وطردهم، وهو ما لا يشجع أرباب العمل على توظيف عمال جدد.أما البنية التحتية الضرورية لدعم عملية تحويل الهند إلى دولة صناعية، فهي سيئة في أنحاء كبيرة من البلاد، يضاف إليها قانون جديد متعلق بشراء الأراضي زاد من تعقيد عملية شراء مساحات لبناء مصانع جديدة.

أما إذا ولينا وجهنا وجهنا قبل العالم فإننا نجد أيضا تفاؤل وقلق ،تفاؤل من دول ترى أنها ستعيش ربيعا مزدهرا مع الهند ومن هذه الدول إسرائيل حيث نشرت القناة الثانية بالتلفزيون الصهيوني تقريرا لها حول العلاقات المستقبلية بين إسرائيل والهند على ضوء نتائج الانتخابات الأخيرة وفوز حزب “بهاراتيا جاناتا” بزعامة “نارندرا مودي”، حيث سيرأس الأخير الحكومة المقبلة.وأكدت القناة الصهيونية أن تقارير الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وفي مقدمتها الموساد ووزارة الدفاع وهيئة الصناعات الإسرائيلية وصولا لمكتب رئيس الوزراء “بنيامين نتنياهو” تشير إلى أن تولي “موندى” رئاسة الحكومة الهندية يعني أن العلاقات بين البلدين نحو مستقبل أفضل.وأوضحت أن “مودى” ينتوى فتح علاقات دولية جديدة، مضيفة أن التقارير الأمنية الإسرائيلية تشير إلى أن “مودى” سوف يتجه لتعزيز العلاقات مع تل أبيب خلال الفترة المقبلة، كما أن الدوائر الأمنية توقعت تراجع الهند عن بعض المواقف الدولية تحت قيادة “مودى” من بينها دعم السلطة الفلسطينية بالأمم المتحدة أو علاقاتها مع إيران.

ولفتت القناة “الثانية” الصهيونية إلى أن “مودى” يعتبر من أقوى المعارضين للمسلمين في الهند، ما يعزز التقارير الأمنية الإسرائيلية التي تشير إلى تراجع علاقات الهند والدول الإسلامية والعربية خلال رئاسته للحكومة الهندية في السنوات المقبلة.وبينت أن العلاقات العسكرية بين الهند وإسرائيل سوف تشهد مزيدا من التقدم خلال السنوات المقبلة، لا سيما أن تل أبيب تعد ثاني أكبر دولة مصدرة للأسلحة إلى الهند، حيث تم توقيع صفقات بمليارات الدولارات خلال العقد الأخير.وتشير القناة الثانية الصهيونية إلى أن العلاقات الهندية الإسرائيلية وطيدة في عدة مجالات أخرى بخلاف المجال العسكري، أبرزها فيما يخص مجال الزراعة والعلاقات التجارية بين البلدين التي تقدر بأكثر من 5 مليارات دولار قابلة للزيادة.واختتمت القناة الصهيونية تقريرها بأن التقارير الأمنية تؤكد أن العلاقات بين إسرائيل والهند ستشهد “شهر عسل” خلال الفترة المقبلة، خاصة في مجال التعاون الاستخباراتي والمجال العسكري وصفقات الأسلحة*.

وأما القلق فيتبدى من قبل دول ترى أن قدوم مودي للسلطة من شأنه أن يقوض أسس الديموقراطية والليبرالية بالهند،وأن فترته ستشهد أعمل عنف وإضطهاد للأقليات بها،بالإضافة إلى توقعها لأن مودي سيتخذ سياسات خارجية متشددة معها ،وترى أن خطابه الانتخابي المنطوي على معاني الحزم و السعي لجعل الهند قوة عظمى ورؤيته لتفوق العنصر الهندوسي على غيره تكرار بشكل مريب لهتلر النازي وخطابه النازي المتعصب،وأنه سيتبع سياسة إقتصادية ليبرالية مشوهة وتأتي على رأس هذه الدول ،الولايات المتحدة ، وباكستان.

وفي ختام القول نجد أن صعود مودي له تداعيات على الداخل الهندي وعلى المنظومة الدولية بأكملها حيث أن دولة بحجم الهند يستطيع من يتربع على عرشها أن يكون رقما صعبا في المعادلة الدولية، ورغم ما ذكرنا سابقا في طيات المقال من وجود متفائل ومتشائم بصدد صعود مودي وتوليه الحكم،فإني أرى أن صعود مودي هو امتداد لسيطرة المتشددين على مقاليد السلطة بالدول قاطبة في الشرق المستبد في أغلبه كان أو في الغرب الديموقراطي، فخطابات التطرف والتشدد بدأت تلقى رواجا في مختلف أنحاء العالم،حيث بدأت تصعد الأحزاب المتشددة لسدة الحكم بخطابات معادية للأخر ومبشرة بتفوق العنصر الذي تخاطبه على سائر العناصرالأخرى،وهذا ما اتضح جليا في استطلاعات الرأي بأوروبا التي تبرز تقدم الأحزاب اليمينية المتشددة والزيادة المطردة لعدد المؤيدين لهم من الأوروبين .

وصعود هذه الأحزاب المتطرفة من شأنه أن يذكي الصراعات بين مختلف أجناس البشرفي القطر الواحد وفي القارة الواحدة وحتى على مستوى عالمنا الواحد ويحيل ما وصلنا إليه بنو البشر من تقدم وتحضر ورفاهة رمادا ، فصعودها يعد بمثابة إنذار هام لنشوب حروب عالمية لا تبقي ولا تذر،فانتخاب الهنود لمودي من أجل أنهم رأوا فيه المنقذ لاقتصادهم والرافع من راية دولتهم، لا يناقضه عقل ولا منطق ولكن في حقيقة الأمر ما أشبه ما فعله الهنود اليوم بما فعله الألمان بالأمس، نفس الخطابات تتكرر ونفس المبررات لانتخاب الحزب تنسخ من جديد، والباقي أن ننتظر توسعا هنديا في الأفاليم المجاورة وتوترات مع كل جيرانها، فمن الخير أن أختار من ينعش إقتصاد بلدي لكن ليس من الخير أن يكون هو نفسه من سيخربها بالدخول في الحروب والمشادات والصراعات، فالخطاب الانتخابي للرجل ومواقفه السابقة تعطي انطباعا عما ستكون عليه تصرفاته وسياساته في المستقبل.

ولكن من يدري لعل لعل مودي يخيب فيه ظني ويكون رجل دولة بحق يسعى على دمج الجميع ويحمي حقوق حريات كل الطوائف ببلده ،محققا لهم السلم والرفاهية والأمان ويكون بائع الشاي العظيم


  • 1

   نشر في 30 ماي 2014 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا