الثورات العربية وأزمة المفاهيم - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الثورات العربية وأزمة المفاهيم

دعوة إلى تصحيح مفاهيم الحراك الشعبي العربي

  نشر في 13 يوليوز 2015 .

يسود الإنطباع من أن عددا من المفاهيم قد تميّعت حدودها وأُفرغت من معانيها وانحرفت دلالاتها بسبب الانزلاقات التي صاحبت الثورات العربية، هي أزمة تكشف عن سوء بعض التقديرات في العمل الثوري واستشراف الأخطاء التي قد تُصاحب هذا العمل الخطير، وتكشف عن عمق أزمة المفاهيم التي صارت تتخبّط فيها الثورات التي حادت نسبيا عن أهدافها ولم تحققها على الوجه المأمول والمطلوب.

مفهوم الثورة:

أول مفهوم زلّت فيه الأقدام وانحرفت حوله الأفهام، وكأن الثورة أصبحت عنوانا لتبرير قتل الأنفس البريئة وإهراق الدماء الزكية من المدنيين من غير جريرة أو ذنب، والسبب في ذلك أن بعض هذه الثورات عرفت اختراقات من عديد الجماعات المتطرفة التخريبية والإرهابية المسلحة التي لا تُؤمن إلا بخياراتها وأيديولوجياتها وأطروحاتها كما هو حاصل في سوريا والعراق وحتى ليبيا مثلا...

مفهوم الجهاد:

وهو من المفاهيم المرتبطة بمفهوم الثورة. والجهاد هو الحرب المشروعة بضوابط الإسلام وتعاليمه. ولقد وجدت الجماعات الإسلامية المتطرفة في مشاهد الثورات العربية مناخا مناسبا للتكاثر والتفريخ ونشر تطرّفها باسم الدين وتحت دعاية الإسلام كذبا وبهتانا، والإسلام من تطرّفها براء.

مفهوم التغيير:

وهو أحد المفاهيم الهامة التي ارتبطت بالثورات أيضا؛ من حيث أن الهدف الإستراتيجي من الحراك الشعبي العربي يتمثل في تغيير الأنظمة السياسية التي فقدت شرعيتها يوم ترفّعت عن رعاية مطالب شعوبها، وفقدت شرعيتها التي يُمثّل الشعب مصدرها.

صار التغيير مطيّة لركوب موجة التقتيل والتشريد والتمثيل والامتهان بعيدا عن مبادئ العدالة ومُتطلبات الشرعية التي تُكتسب ولا تُغتصب بالقوة وإن كان الهدف من هذه القوة شريف، فإن حكم الوسائل من حكم مقاصدها، فلا يُنال المقصد المشروع إلا بالوسائل المشروعة.

مفهوم الحرية:

وهو المفهوم الذي صاحت به حناجر الثوار وطالبت به، لكن الحرية من ماذا ؟. والجواب: الحرية من حكم الدكتاتورية، والتخلص من الشمولية. وهنا نتساءل أيضا: هل تُصنع الحرية على أشلاء البرايا ؟.

أتحدث هنا عن الصراعات داخل بيت الثوار التي عصف بمشروعهم في التحرّر من ربقة الصنم، فوقّعوا هذه الصراعات باسم الحرية، مع تدخل عوامل أخرى لا يسع المجال لبحثها لكن أشير إلى أهمها: وهو الجنوح إلى إحياء النعرات بدلا من تجسيد أهداف الثورات، إضافة إلى الأيادي الخاريجية التي تحاول إذكاء مكاسب الثورات التي تظلّ في عمومها مكاسب نسبية بحسب ظروف كل ثورة.

أعتقد جازما أن الثورات قد أعادت – بطريق أو بآخر - طرح المفاهيم الكلاسيكية التي ذكرت طرفا منها بمضامين جديدة لا تخلُ من ضرورة إعادة إمعان النظر فيها وإنعام الفكر في مدلولها..للأسف ما زلنا نتخبّط في أزمة المفاهيم التي لا تنتهي..

د/ عبد المنعم نعيمي

كلية الحقوق- جامعة الجزائر 1



  • عبد المنعم نعيمي
    وما من كاتبٍ إلا سيفنى *** ويُبقي الدَّهرَ ما كتبت يداهُ *** فلا تكتب بخطك غير شيءٍ *** يَسُرّك في القيامة أن تراهُ
   نشر في 13 يوليوز 2015 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا