علامة العلامات - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

علامة العلامات

  نشر في 24 ماي 2023 .

جزيرة بعيدة في قارة أخرى لم تُكتَشَف بعد. حياة بسيطة بدائية، رمل أبيض وماء وسماء. الشمس تغرب في عيني الليل قبل أن تختفي في البحر. النجوم تنور سماء الحرية وترسم أبهى الأشكال. ويتم اللقاء مع الخالق، عبر مناجاة سرية علنية، تسمعها الأشجار والأمواج والمجرات. وأتمنى ما أتمنى، حتى تعبر أمانيَّ كل الأسوار والجذران، وتفتح الأبواب الموصدة والقلوب ذات الأقفال.

إنها مفاتيح فهم الكون لمن أراد أن يفهمه، إن لم يقوى العقل على استيعابه فإن الروح تقدر. بالروح ندرك الكون وجماله، ندرك أن للحياة معناً وهدفا آخرين غير الأكل والشرب والنوم والاستمتاع بملذات الحياة ونعمها من مال وأولاد ومناصب ...كل هذا جميل ومبحوث عنه والطبيعة البشرية إلى هكذا أمور مادية تميل. لكننا عندما نرحل من الدنيا ونترك كل شيء خلفنا لا نأخذ سوى عمل صالح لوجه المولى.

عندما نرى ونخاطب الأمور بالروح تختلف كل الموازين ونشاهد الحياة برؤية مختلفة. أبسط مثال عن هذا هو الفرق بين الحق والحلم. الشعوب العربية لا تفرق ببين الحقوق والأحلام، الحصول على راتب شهري مريح وبيت وسيارة يعتبر حلما مع أن العيش الكريم من أبسط الحقوق. الأحلام أكبر من أن تختصر في هذه الأمور، لكل حلمه وأمانيه، حتى لو كانت أكبر من إمكانياته، حتى لو لم يحققها.

كذلك الفرق بين العبادة والايمان. يقول شمس التبريزي: «...إذا كان الفرد يصوم كل رمضان باسم الله ويضحي في كل عيد شاه أو معزاة تكفيرا عن ذنوبه، وإذا سعى طوال حياته من أجل الحج إلى مكة، ويصلي حاثيا خمس مرات في اليوم من فوق سجادة الصلاة ولكن لا مكان للحب في قلبه. فما فائدة كل هذا؟ الايمان ليس سوى كلمة، إن كانت لا تحتوي على الحب في جوهرها، كلمة غامضة، بلا حياة-فلا يستطيع المرء أن يحس بها.

مسكين من يعتقد أن حدود عقله الفاني هي نفسها حدود الله القدير، ومساكين هم الجهلة الذين يدعون أن بإمكانهم التفاوض مع الله وتسديد الديون له. أيظن هؤلاء الناس أن الله بقَّال يحاول أن يزن حسناتنا مقابل سيئاتنا في ميزانين منفصلين؟ أهو الكاتب الذي يدَوِّن تفاصيل كل خطايانا في دفتر حساباته ليجعلنا نسدد له يوما ما؟ أهذا هو رأيهم في الوحدة؟ لا ليس الله ببقال ولا كاتب. إن إلهي إله عظيم، إله حي. فلماذا أتمرغ في مخاوف وهموم لا أول لها ولا آخر وأضع نفسي بين الحدود والمحظورات؟».

وعندما نستحضر الروح نستحضر الحب، العامل على شيء من باب الواجب ليس كالعامل عليه بقلبه وجوارحه. بالحب ندرك أعماقنا وأعماق غيرنا، بالحب ندرك أسرار الكون والأبدية. بالحب يصبح كل شيء موحداً ويصبح للبشرية كلها انتماء وحيد. من مملكة الحب ينطلق كل شيء، تنطلق كل الحقائق وتُدرَك المبهمات. بالروح وبالحب ندرك أننا صفر، وأننا بمادياتنا التي نقدسها أحيانا سنظل صفرا.

وفي ذلك يقول جلال الدين الرومي: «لا أنا بالمسيحي ولا باليهودي ولا بالمسلم، لا بالهندوسي أو البوذي أو الصوفي أو الصيني. ولا من أي دين أو نظام ثقافي. لست شرقيا ولا غربيا...مكاني اللامكان، علامة العلامات».

صدق الرومي، فهو ينتمي لمملكة الحب. 



   نشر في 24 ماي 2023 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا