لماذا لا نولد متساوين
لما اختار الله شكل الحياة هكذا
نشر في 23 أكتوبر 2020 وآخر تعديل بتاريخ 27 فبراير 2023 .
ماذا لو كانت الدنيا بشكل اخر.
ماذا لو خرجنا للحياة كبارا دون طفولة
لو اننا نولد في بيئة واحدة، ظروف متشابهة معيشة متطابقة.ثم يكون بعدها الاختيار، اختيار كل نفس لتكشف كل عن مكنونها و تظهر حقيقتها (قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها).
أليس هذا (من وجهة نظر عقولنا البشرية) أقرب للعدل وتقييم حقيقة النفس قبل حسابها .
لماذا هناك طفولة يزرع فيها غيرنا مايشاء في عقلنا ثم نمضي بقية حياتنا نحاول اجتثاث السموم الذي حشاها داخلنا
لما لم تكن ظروف أطفال العالم واحدة.. بل، لما هناك طفولة أصلا، ماذا لو خرجنا للدنيا بسن البلوغ وعندنا نفس معارف الحس والادراك.
وأنا اكتب هذه الاسطر.. هناك ولد طفل سيتربى على الإلحاد و غالبا لن تنقل له صورة الاسلام الحقيقي ممن حوله، و آخر ولد مسلما عند والدين سيربيانه تربية سيئة ليعاني من تبعاتها بقية حياته. وآخر فرش طريقه بالزهور الورود لن يستوعب شيئا مما كتب هنا. وآخرون بين وبين..
"السلطة القدرية التي منحتها الحياة للوالدين مخيفة حقاً"
أن تكون لك القدرة على تشكيل فكره واخلاقه و شخصيته وحتى رسم مستقبله مرعبة إلى حد كبير ومحبطة في ذات الوقت -لمن لم يوفق ببيئة جيدة-.
تخيفني حقآ فكرة الانجاب ماذا لو لم اكن بالمستوى المطلوب،خطأ كهذا تظل تبعته تمشي على الأرض بخطىء متعرجة تائهة يمنة ويسرة بما اقترفته يداي!
يولد انسان ثم يأتي الوالدين والبيئة ليشكلان غالب فكره ويرسمان نهج حياته، ثم لاحقا يكتشف أنها كانت خاطئة ليحاول تعديل مسار حياته؛
إنها فكرة تزعج النفس ولا يزال في القلب منها حيرة، فهي في ظاهرها ظلم وجور لكننا نعلم يقينا أن الله منزه عن الظلم (وما ربك بظلام للعبيد).
ليس اعتراضا و إنما تساؤل لعلنا نلتمس الحكمة الإلهية هنا.
و مما يعمق حجم تساؤلنا كلام أهل الاختصاص بعلوم النفس وقولهم أن مانسبته تزيد عن ٩٠٪ من شخصيته واخلاقه يتشكل في الطفولة. وقول الآخر:
"أعطني اثني عشر طفلاً أصحاء، سليمي التكوين، وهيئ لي الظروف المناسبة لعالمي الخاص لتربيتهم وسأضمن لكم تدريب أيٍّ منهم، بعد اختياره بشكلٍ عشوائي، لأن يصبح أخصائيًا في أي مجالٍ ليصبح طبيبًا، أو محاميًا، أو رسامًا، أو تاجرًا أو حتى شحاذًا أو لصًا، بغض النظر عن مواهبه وميوله ونزعاته وقدراته وحرفته وعرق أجدادهلما اختار الله هذا النظام ليشكل نظام البشرية".
إنّ عقل الإنسان الطبيعي سيختار المساواة طريقاً للحياة. المساواة في الظروف، المعيشة، في كل شيء. ألسنا عندما نقيم اختباراً للطلاب نساوي بين الابيض والاسود والكسول والمتفوق كلهم من نفس المنهج ونفس الأسئلة ونفس طريقة رصد الدرجات.
أما نظام الحياة الذي اختاره الله فليس فيه مساواة في الحياة، أما في طريقة الحساب غداً فإنها مجهولة لنا ولعل جواب التساؤل يوجد هناك والحكمة الإلهية تتجلى في ذلك الموقف.
لا أدري، حسبنا أننا نؤمن بربنا وبحكمته حتى لو لم تتضح لنا مغزاها.
ونظل باحثين عن سر يكشف الغطاء عن هذه المسألة ويزيح الستار عن غموضها وينير لنا ولو جزءً من ظلامها و ليريح به القلوب وتستقر لكلماته النفوس ويشف به صدور قوم مؤمنين.
-
ابراهيمخواطر ليس إلا...