وبالوالدَين إحساناً
- أنا شاب أبلغ من العمر (18) عاما ووالدتي أرملة تبلغ من العمر (37) سنة وقد قررت الزواج من زميلها في العمل وعندما واجهتها برفضي للموضوع أجابتني بطريقة لم أرضى عنها أبدا
نشر في 19 غشت 2023 .
- أنا شاب أبلغ من العمر (18) عاما ووالدتي أرملة تبلغ من العمر (37) سنة وقد قررت الزواج من زميلها في العمل وعندما واجهتها برفضي للموضوع أجابتني بطريقة لم أرضى عنها أبدا.. وأنا على خصام معها وأطلب منكم إفادتي بطريقة أتمكن من مُسامحتها فيه؟
• هذا نص لسؤال ورد في إحدى مواقع التواصل الإجتماعي التي يغلب نشاطها في طرح الأسئلة أو تقديم إجابات لإستفسارات الآخرين..
• ولكي أكون صادقة معكم أنا قمت بحذف وتغيير بعض الكلمات الجارحة من السؤال المطروح لإقتناعي الكامل بكونها غير مناسبة البتة في وصف (أُم) لمجرد إنها أرادت أن تقترن بشَريك بعد سنوات من الصبر والتضحية في تربية أولادها أو ولدها الوحيد (لا أعلم) والدليل على ذلك بكون من يبحث عن المساعدة قد بلغ من العمر كفاية لكي ينقطع عن أغلب ما كان يعتمد فيه على والدته من رعاية وإحتواء وحنان..إلخ
بصراحة لقد إستفزّني السؤال جدا وكانت ردة فعلي عنيفة في باديء الأمر.. حتى تخيلت كل (أُمٍ) تكون قد تعاني من نفس المشكلة؛ ولم أتحمل فأجبته على الفور بنهرِ أُسلوبه القاسي والمُفتقر إلى الأدب في الحديث عمّن حملته وذاقت ما قُدّر لها في تربيته وصبرها لوحدها حتى يبلُغ أشُدّهُ وطلبت منه أن يرجو هو السماح منها لا العكس.. وكذلك سألته ما إذا كان والده هو الذي يعيش وأراد الزواج.. هل سيكون ردّ الفعل لديه نفسه؟!
بعد ذلك أصبحت القصص كلها تتزاحم في ذهني.. منها التي عاصرتها مع أناس أعرفهم، ومنها التي سمعتها أو قرأتها أو..
وكلّها كانت حول أبناءٍ ظلموا وطغَوا في حق والديهم، وما أكثر ما سمعنا عن إبنٍ يطرد والديه أو أحدهما من المنزل في حال إحتياجهم لدعمه، وذلك آخَرٌ يودِعهما في أقرب دارٍ للعجزة.. وكأن دار المسنين هذه قد بنيت خصيصا لوالدةٍ قد طُردت من رحمة أبنائها أو لأبٍ قد نُفي بعد عطاءٍ إنتهى زمانه.. وبات للوالدين زمن صلاحية نرميهم بعد ظهور أولى إشارات الضُعف لديهم!
وأصبح بذلك التفكير الدنيوي اللعين هو الذي يسيطر علينا في كل قرار نتخذه وفي كل خطوة نخطوها، وباتت المنافع القريبة تُسيطر علينا لدرجة كبيرة حتى أنستنا واجباتنا الإنسانية منها والدينية؛ فنسينا أنفسنا بين زحام القسوة والأنانية ورُحنا نتسابق إلى لذة الطُغيان في حق أقرب الناس إلينا وأحقهم برحمتنا وقربنا!
* عزيزي القاريء، صديقتي القارئة (تذكير)
• لا يعني حبك لأبويك وطاعتك لهم بأن يكون ذلك على حساب شريك حياتك أو أولادك.. فقد قالها رسول الرحمة (صلى الله عليه وسلم): "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"
• فلنبحث دوما عن الموازنة في علاقاتنا مثل الكون الذي يعمل وفق توازن يُترجم لنا هذا الإنسجام الجميل للتماثل في كل شيء.
بقلم: د.أسن محمد
-
د.أسن محمددكتوراه في التنمية البشرية - كاتبة ومدربة