الاسرار والحكم في تنجيم نزول القرآن الكريم
مقال للشيخ إبراهيم الضبيعي رحمه الله
نشر في 02 غشت 2022 .
القرآن الكريم ملئ بالاسرار والحكم والاعجاز ، ومنها نزوله منجماً على مدى ثلاثة وعشرين عاما ، مع أن الله تعالى تكلم به ورصده في اللوح المحفوظ جملة واحدة ، وهوسبحانه قادر على إنزاله كله في مصحف واحد لعلمه بما سيجد من الأحداث ويحتاج الى تفصيل من القران ، ولكن حكمة الله اقتضت ان يكون نزول القران الكريم متزامناً مع الاحداث لما يترتب عليه من المصالح العضيمة ، وكانت الكتب السماوية السابقة تنزل على الانياء جملة واحدة ، والعرب يعرفون ذلك ، فعاب المشركون على النبي صلى الله عليه وسلم نزول القرآن الكريم مفرقا فدحض الله زعمهم هذا بقوله تعالى { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا * وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا } 33 الفرقان ، ومع ان الحكم والاسرار ظاهرة للمتامل الا ان علماء التفسير جمعوا مايصلح للتعليل طائفة من المصالح والحكم والفوائد نوجزها فيما يلي :
1- المعروف أن العرب أمة أمية لا يحسنون الكتابة ولم يبدأ التدوين الا بعد نزول القرآن الكريم ، فيصعب عليهم استيعاب القران لونزل جملة واحدة ، فلتيسيرحفظه نزل مفرقاً .
2- التدرج في تربية هذه الامة الناشئة علماً وعملاً ، ورترويضهم على تخليهم عن عادات الجاهلية وعباداتها ، وكانت هذه السياسة الرشيدة هي ماتعامل به القران الكريم مع خصومه حتى انقادوا لها .
3- تهيئة نفوسهم واعدادها لاستكمال شرائع الاسلام ، وتثبيت قلوب المؤمنين بتحقيق ماوعدهم الله من النصر والتمكين كما في قوله تعالى : ﴿ وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا﴾ 106 الاسراء
4- تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم ، وتقوية فؤاده ، ففي تجدد الوحي وتكرار نزول جبريل عليه السلام مايملأ قلب الرسول صلى الله عليه وسلم سرورا وغبطة فيخفف عنه ما يعنيه في سبيل الدعوه.
5- غالبا ما يصحب نزول القران الكريم اعجازاً كأن يكون تحدياً للمشركين ، او جواباً لتسائل ، او ايضاحاً لمشكل ، أو بياناً لحكم ، أو وعداً للمؤمنين ، أو وعيدا المعاندين ، او تثبتا لفلب النبي صلى الله عليه وسلم وتسيله له عندما يشتد علية الحزن اذا لم يستجيب له قومه كما في قوله تعالى : ( وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنۢبَآءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِۦ فُؤَادَكَ ۚ وَجَآءَكَ فِى هَٰذِهِ ٱلْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ) هود 120 وقوله تعالى ( وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ) الطور 48
6- إضافة الى ما سبق نستطيع ان نستعرض الدروس والعبر التالية :
( أ ) التدرج في الدعوة والبدء بالاهم قبل المهم فأول مانزل من القرآن الكريم فيه الدعــوة الى التوحيــد ، وبعــد تثبيتــه في قلــوب الموحـدين بدأ بتشريع الأحكام أولا فأول .
( ب ) التحلي بالصبر وعدم الياس من النتيجه .
( ج ) وجوب الايمان بتحقيق ماوعد الله الصابرين .