في لحظات ما من حياتنا نتوقف عن الجري في ماراثون الحياة، نجلس في زاوية ما على قارعة الطريق، ننحني بأرواحنا بعيدآ عن صخب العالم وضجيجه،
لنتسائل في براءة طفل خرج لتوه من شرنقته نحو حياةً لم يعهدها من قبل.
"لماذا يحدث هذا؟ما الداعي لسيرنا في هذا الطريق؟ ولِما هو مختلف عما تصورناه لأنفسنا؟"
اعتقدنا في الماضي، أنّ ما سنرسمه بمخيلتنا عن مستقبلنا سنراه واقعاً أمامنا ينتظرنا إن نحن اجتهدنا لبلوغه.
لسنا نرى الآن إلا لوحةً باهتةً بلا ألوان، خطوطاً مستقيمة بلا حياة، ووجوهٌ غير مألوفة قد أحاطت بها من كل جانب.
لقد كانت اللوحة في مخيلتنا أجمل بكثير مما تبدو عليه الآن.
—
دوماً ماكان يشعر أنّ الأمور تسير بعكس ماخطط له، بدأ ينتابنه شعور بالعجز، بقلة الحيلة، مالداعي لكل تلك الخطط مادام القدر سيقف حائلاً دون الوصول لها.
لا عجب إذاً في رده بكلمة واحدة على سؤالي عن خططه بالمستقبل :
"ماعندي خطة..."
ثم تابع:
"سلبي، يائس، أظنك ستقول هذا عني. حسنا لا أنكر أنّ بعض تلك الصفات قد اجتاحتني مؤخراً. لا أظن أنني كنت كذلك فيما سبق. إني موقن بأنّ أي أحد يَقدُم إلى الحياة، يولد متجليا بصفات النجاح ويعلوه وشاح من الأمل، وما تلبث البيئة حوله حتى تصبغه بلونها وتصِمه بذاتها ليغدوا جزءً من شخصيةِ بيئته وفردً من قطيعها. والمفارقة هنا أنّ تلونه بطلاءها شبه أكيد، وقدرته على إحداث الفارق شبه معدومة. ولذا.. أصبح ما أريده الآن هو أن تمضي رحلتي بسلام".
—
إنّ أسوء ماقد يصيب الإنسان، هو أن يفقد شهيته في القول، في الضحك، في إظهار ردات الفعل، أسوء ماقد يصيبه أن يموت حيا.
ربما من الجيد أن يقرر المرء ألا يخفي مشاعره التي كان يتجاهلها، مايضرني إن تصالحت مع ضعفي ماذا يقلقني إن لم اكن بالقوة التي كنت أحسبها.لربما أنه قد كان بالإمكان أفضل مما كان، لكن يبدو أنّ الواقع كانت له وجهة نظر أخرى وكلمته كانت هي الفيصل بالنهاية.
إنني لست بجانٍ، وإنما ضحية، أُقفل محضر قضيتها، بعد أن نُسب الجُرم إلى مجهول.
قرأت مرة لأحدهم يقول :
" الرضى لا يتحقق ببلوغ آمالنا؛ وإنما بقبولنا للنتائج التي تحدث حتى وإن كانت دون ما نأمل".
أجدني الأن في نهاية الطريق أصل إلى نهاية واحدة على ذاك التساؤل، وهي أنه نعم لقد كان بالإمكان أفضل مما كان.. لكن عزائي الوحيد أنّ تلك كانت مشيئة الله سبحانه.
والآن لازلنا نجاهد قلوبنا محاولين الوصول إلى مرحلة الرضى، ولستُ أرى ذلك بقريب.
-
ابراهيمخواطر ليس إلا...