ما بك أيتها الحيرة؟ لما لا تريدين تركي وشأني؟! تعبت منك ومن زياراتك المليئة بالحزن وجمود الإرادة.. كلما طردتك زادت ملاحقتك لي.. حتى بتِّ تسرقين النوم من مُقلَتَيَّ، تجمعين هموم سنوات وتلقينها داخل قلبي رغما عني.. ولا ترحمين حالي وصبري، فأصبحتِ كالحجر الثقيل يُلقى على صدري، فلا أنا أملك التحرر منك ولا أنا براضية بقربك مني..
يأتي الليل وتهدأ الأجفان وتنام العيون.. وأنا في صراع معك يهز مشاعري وكل جوارحي.. فتتشتت أفكاري لتسافر بعيدا وتلتقي بتلك الطفلة البريئة التي تجلس قرب النافذة كل ليلة لتحدث القمر وتسعد بصحبته وتسأله عن أمور تجهلها.. لتجد الإجابة على وجهه في ملامح مرسومة تشرح كل شيء برضا وهدوء.. فتسعد تلك الطفلة ويضحك قلبها من جديد ويقترب الفجر ويغطيها بغطاء الأمل لتنام في سكينته التي تخلو من ضجيج القسوة و الأنانية.
لكني كبرت.. فلم يعد القمر هو نفسه ولم أعد أجد ذلك الغطاء.. أو ربما أنا من توقفت عن البحث عنهما في زحمة الواجبات والتضحيات التي لا تنتهي..
فيا قمر.. إن عدت إليك من جديد فهل ستغفر لي إنشغالي المديد عنك؟ وهل ستعود لتجيب عن تساؤلاتي في تعابيرك العطوفة؟ وهل إنك حقيقة؟ أم إنني كنت أعيش وهمٌ لطفلة خلقت لنفسها عالماً يحميها من البشر؟!
-
د.أسن محمددكتوراه في التنمية البشرية - كاتبة ومدربة