تخيل زهرة دوار الشمس بلا شمس ... تخيل حياة بلا أكسجين أو ماء ... تخيل جسم بلا روح .
هي دي حياتنا بمجرد لما الموت يكون سبب في رحيل شخص ما من حياتنا , لحظة دخوله القبر بياخد معاه كل الفرح الي فاضل ف قلبك و يسبلك التفكير في كل يوم هيعدي من غيره . نقطة و من أول السطر هتعيش إلي فاضل من عمرك من غير طبطبة علي الضهر وقت الكسرة أو الفرح , من غير ضحكة او دعوة متعود تشوفها كل يوم الصبح , حتي كرم ربنا هايقل ما الدعاء خلاص وقف .
ويبدأ بعبع الندم علي كل مرة قصرت في حقهم علي كل دمعة نزلت علي خدهم علي كل مرة جيت عليهم و جرحتهم وهل يا ترا سمحونا من قلبهم ولا هنتعذب بقيت العمر بذنبهم وهل دمعة قلوبنا عشان قصرنا ولا علي تركهم .
بتبتدي الحكاية بعد قصة مع المرض بعد ما صحتهم راحت في تربيتنا و فرحنا و كانت ضحكتنا رد الجميل لتعبهم و شقاهم ,
بس الدنيا مش ديما معاك بيدأ المرض يخدهم من حياتنا و يبقي كل همك تشوفهم في دنيتك ولو كان بأيد كل واحد انو يديهم من صحته أو من عمره كان عمل بس دي إرادة ربنا إلي محدش يقدر يخالفها . كلمة " يا ابني هو أنا هعشلك العمر كله " كانت اكبر دافع ليهم عشان يحققوا كل طلباتنا و احتياجاتنا ويشوفوا الضحكة ملية وشوشنا .
اصعب مرحلة في المرض لما يتمكن من المريض و دعاء يارب الشفاء مبقاش واقعي و مايبقاش قدامك غير الدعاء بالرحمة وان ربنا يخخف عنهم وجعهم و وجعك , كلمة " أن لله وان إليه راجعون " اول عزاب الفراق خلاص أتحكم عليك بالموت و أنت حي و كأن عمودك الفقري أختفي و مش شايف حاجة من كتر العياط ولسانك عاجز عن تعبير النكسة الي أنت حاسس بيها من الوقت بين خبر الوفاة لحد الدفن تفكيرك معدوم و شريط الذكريات شغال قدامك كأنوا فيلم , مع كل مرة تسمع فيها " شد حيلك " سكينة تلمه بتجرح قلبك و كأن كلاب بتنهش ف لحمك و سعتها كل املك انك ترجع بالزمن ولو يوم تشوف ضحكتهم و تمسك أديهم وتفضل مرمي في حضنهم .
عن أول دخلتك البيت و هما مش فيه الحيطان لبست اسود والبيت الي كان مليان بقا متر في متر عن أي حاجة هتعملها لأول مرة من غيرهم , عن أول مرة و أنت بتزرهم .
من هنا حياتك بتتغير تغير كلي , نظرتك لمفاهيم الحياة أتغيرت مسؤولياتك كبرت .
رسالة الي الغائبين بأجسامهم و بروحهم موجدين ازيكوا وحشتونا لسه صورتكوا جوه عيني متغيرتش حبي ليكوا بس الي أتغير و اشتياقي الي ملوش حدود , رسالة الي من كان ليه الفضل بعد ربنا في وجودي , الي من أمرني ربي بأن اخفض له جناح الزل من الرحمة , الي من سألت ربي ان يرزقني بره في حياته و دلوقتي أن يرزقني بره بعد وفاته , الي من كان يرسم البسمة في ملمحي وحشتونا برغم إننا مش بنتكلم ولا بنشوف بعض غير صدفة في المنام و بنفرح لما نسمع الناس بيتكلموا عنهم ب الخير بجد وحشتوني .
سيرتهم الطيبة بتفضل معنا و الذكريات و صوتهم الي مش بيفارق الودن و نصائح بتنفعنا في حيتنا و بيت كبير يلمنا سابولنا كل دول مقابل فرحنا الي بقا ناقص من غيرهم .
أكيد مش هنعيش في الليل من غير نهار و القطر ماشي وإحنا واقفين اكيد كان ليهم حلم سابوة عشان احنا نكمل فيه هما اكيد ف مكان أحسن وربنا كان ليه حكمة في موتهم ويبقي دورنا نفرحهم و هما هناك , جايز يكونوا شايفنا او بيسمعونا او حاسين بينا ف ليه نزعلهم بزعلنا لما في أيدينا نفرحهم.
دورنا جاي جاي و هنلحق بيهم و بنتمني نقابلهم في مكان واحد بس مين فينا جاهز يموت ؟
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها ... إلا التي كان قبل الموت بانيها
فأن بناها بخير طاب مسكنه ... وإن بناها بشر خاب بانيها
من الطبيعي ان المركب تبقي في المياه لكن خطر جدا المياه تكون في المركب فأنت كون في قلب الدنيا و متخليش الدنيا في قلبك , مين عامل حسابه انو يموت و مين جاهز , كل الي بنحبهم راحوا في ثانية و مكوناش عملين حسابنا الميزة الوحيدة في الموت انوا بيعلم و يخليك تتعظ و تخلي بالك من اخرتك قبل ما تقول يا ريتني كنت تراب .
كل الي باقي من حبايبك كل الي باقي من ريحه حبيبك ليه نستني الموت عشان نعرف قيمتهم وليه نقصر في حقهم كفايا الي ماتوا و لسا حاسين بالذنب لو قصرنا , متقصرش في حق حد يمكن يسيبك او يمكن أنت الي تسبهم .
" اللهم انزل في قبور من فقدناهم ضياءا يؤنس وحشتهم و سعه في قبورهم ورحمة من عندك يا ارحم الرحمين"