لماذا لم يتطور الفكر السياسي في المجتمعات الإسلامية ؟
| مهدي جعفر
نشر في 10 شتنبر 2018 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
عرف التاريخ الإسلامي حضارة لا يماري مفكر أو مؤرخ في الإعتراف بجميلها و بإسهامها في الثقافة الإنسانية ، و تقدمها في حدود زمنها ، حيث تطورت مجموعة من العلوم على يد المسلمين بعد تأسيس بيت الحكمة في بغداد و ترجمة العلم اليوناني ، فنبغ في العلم مجموعة من الباحثين ليس أقلهم عمر الخيام و ابن الهيثم و ابن سينا و الفرابي و ابن رشد ، إذ إن الملاحظ أن فروع العلم التي أبدعوا فيها سقط من ركابها "علم السياسة" ، فلم يطور المسلمين فكرا سياسيا كما لم يشيدوا نظريات سياسية ، و لم يحمى وطيس نقاشهم حول السياسة تحليلا و نقدا و بناءا ، كما كانت تحمى النقاشات حول الدين و العقائد فروضا و أصولا ، و إنما كان المسلمون يتعرضون للسياسة من باب ثبات الحاكم عن الشريعة أم انحرافه عنها ، لعل ذلك ما يزج في أذهان الباحث سؤال أسباب كساد الفكر السياسي عند المسلمين ؟
حتى لا نتعسف حقوق بعض الأعلام ، فقد يعترض أحدهم و يحيل إلى الفرابي و مدينته الفاضلة ، أو إلى ابن خلدون و تحليلاته عن الدول و المَلكيات ، غير أن ذلك في الواقع لا يعتبر مساهمة في النظرية السياسية ، فمؤلف الفرابي يدخل في باب "اليوتوبيا" أو الخيال ، فهو كتاب في المتمنيات و الأماني و ليس هو بنظرية سياسية ، أما عن ابن خلدون فإن إسهامه متعارف بين الباحثين إنضوائه تحت خانة التحليل التاريخي و السوسيولوجي للحياة السياسية و أحوال الحضارات ، و ما هو تحليل عن الفكر أو التنظير السياسي بقريب (1) ، و هذا "عبد الله العروي" يؤكد ذلك قائلا: "إن مسألة الدولة و هي أس و محور علم السياسة لم تدرس جديا إلا من طرف عدد قليل من المفكرين ، إن التفكير في مشاكل الدولة شيء ، و تقديم نظرية سياسية بشأنها شيء آخر ، فما أكثر من فكر ، و ما أقل من نظر في الموضوع" (2) .
إضافة إلى ذلك و نظرا إلى أسباب سنعرضها آتيا ، جاءت مساهمة المسلمين فيما يتصل بالشأن السياسي -على ضيقها و محدوديتها- منطبعة بما هو ديني طوباوي و ليس بما هو فكري عقلاني ، فلو بحثنا في التراث السياسي الإسلامي سنجد 3 أشكال من المصنفات في هذا الشأن: 1) مصنفات "الأحكام السلطانية" ككتاب الماوردي تحت نفس العنوان ، 2) و مصنفات "الآداب السلطانية" كـكتاب "التبر المسبوك في نصيحة الملوك" للإمام أبو حامد الغزالي ، 3) ثم مصنفات "السياسة الشرعية" على غرار كتاب ابن تيمية "السياسة الشرعية في إصلاح الراعي و الرعية" ، و كتاب "الطرق الحكمية" لصاحبه ابن القيم ، إذ إن هذه المصنفات لا يجمعها كما هو واضح نسق فكري و إنما تصوغها المعتقدات الدينية لأصحابها ، و بذلك فهي ليست بفكر و لا تنظير سياسي ، إن هي إلا انعكاس للإيمان اللاهوتي الذي هو جزء مما يفترض دراسته علميا ، لا الإستمداد السياسي من عقائده ، التي هي جزء من المشكلة السياسية و الثقافية في الفضاءات الإسلامية ، إن لم أقل أن مسألة الإيمان الديني و سلطانه الأسطوري على عقول الناس هي أكبر معضلة و عائق أما تحقيق أي انجاز دنيوي في هذه المجتمعات .
عكس ذلك تماما سنجد في المجتمعات الأوروبية عدة فلاسفة و مفكرين و علماء و مدارس يَجلُّ عدها و تعدادها ، من يونانية و رومانية مرورا بالأنوارية و ما توزع عنها من مدارس كالليبرالية و الإشتراكية و الماركسية ، فضلا عن المفاهيم و التيارات و أنماط الحكم السياسي التي أبدعتها هذه المدارس ، من قبيل الديموقراطية بأنواعها التمثيلية و التشاركية ، إضافة إلى العلمانية و أصنافها ، و الفوضوية (الأناركية) و أضرابها ، و غيرها من إنتاجات الفكر السياسي الأوربي الخصيب ، فما هي أسباب تطور الفكر السياسي عندهم و تعوقه و تنحيه عندنا ؟
مفهوم العلم.. وسؤال الـ “مَن” في مقابل سؤال الـ “كيف” :
أول ما يثير اهتمام الباحث في مسيرة استقصاء هذه الأسباب ، هو ما يتصل بمفهوم "العلم" نفسه ، فمفهوم العلم في المجتمع الإسلامي يحيل إلى اليوم في مخيلة هذا القوم ، على من يحفظ و يجتر و يبحث في الدين بمنهج لاهوتي ، و ليس من يبحث في الطبيعة و ظواهر الوجود بمنهج ناسوتي ، فالدين عند المسلمين هو العلم بل هو أصل و أشرف العلوم ، و ما على المسلم إلا أن يحفظ آيات و أحاديث و يتمشيخ على يد من سبقوه حتى يُطلق عليه لفظ "عَالم" ، فحسب الفقهاء تعريف العلم عند المسلمين هو: "ما أنزل الله على رسوله من البيانات والهدى ، فالعلم الذي فيه الثناء والمدح هو علم الوحي ، علم ما أنزله الله فقط قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين» (3) ، كما قال النبي: «إن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا وإنما ورثوا العلم ، فمن أخذه أخذ بحظ وافر» (4) ، ما يعني بكل وضوح أن العلم في عُرف المسلمين ليس شيءاً آخر غير الدين نفسه.
و هذا عكس مفهوم العلم في الحضارة الغربية و في زماننا العولمي الراهن ، فالعلم عندهم (الأوربيين يعني) هو: "كل نسق من الإستنتاجات النسبية التي تقع في أثر البحث بمنهج تجريبي (لاديني) في ظواهر الطبيعة و الوجود" (5) ، من مجتمع و ثقافة و تاريخ و اقتصاد و سياسة إلى الفلك و الفيزياء و عالم الحيوان و وظائف الأعضاء و غيرها ، و من ينبغ في هذه العلوم يسمى عالما ، و ليست تطلق هذه الصفة على من يحفظ الكتب المقدسة لأحد الأديان و يقيس المسائل على عقائدها أو يفسر ظواهر الطبيعة طبقا لأساطيرها ، هكذا يكون العلم بالعكس عند المسلمين مُغيِّب للإنسان عن واقعه و رام به إلى التفكير في عوالم الغيب و الأساطير ، مهما ادعى المسلم غير ذلك ، و ما تاريخ و حاضر ثقافة هذه الأمة خير شاهد على أنها تتعاطى الأساطير أكثر من تعاطيها للطعام .
إن المسلم في تأمله للواقع ، يبحث عمن يجري الظواهر و ليس كيف تجري ، أي يبحث عن السؤال الذي يكون جوابه الله و المقدسات التي يؤمن بها ، و بهذه الطريقة يكون العلم ليس هو ما به تتغير العقليات و الأفكار التي تترسب في أذهان الناس ، و إنما العلم عند المسلمين هو ما به تنحفظ و تتعزز ايمانياتهم و أوهامهم المقدسة ، و هو ما يفقد العلم قدرته التغييرية حتى للواقع ، و الشاهد على ذلك أن العلوم الشرعية الإسلامية منذ القرون الوسطى لم تستطع تغيير الوضع المتخلف لهذه الأمة ، كما أنها فشلت في المساهمة على الأقل في الإنتقال بهذه الشعوب إلى حد أدنى من الإنسانية و التحضر ، بل بالعكس إن أي باحث أو مفكر يتأمل حال هذه الأمة سيجد أن علوم الشرع هي من أخفتت فاعلية المسلمين عبر إطفاء شمعة عقولهم ، فهوى بهم ذلك إلى أقصى أذران التعصب و الهمجية و الإرهاب و التخلف ، فلم يكن يظهر على الناس نَابغةٌ إلا و يزندق و يفسق و يكفر من طرف عُلماء الشَّرع ، و يسارع أهل الجهل بالتقرب إلى الله بقتله أو تشريده و حرق كتبه ، و لعل ذلك أحد عوامل انحباس الفكر السياسي في الفضاءات الإسلامية عن التطور .
هذا يبين افتقار الفضاءات الإسلامية إلى أحد أهم شروط الإبداع سواء في العلوم السياسية أو غيرها ، و أقصد هنا "شرط الحرية" ، فكلما تحرر الإنسان من ثقافة مجتمعه و أحكامها المسبقة ، و من دينه و عقائده الأسطورية ، و من كل ما عَلَفهُ عقله عن طريق التربية منذ فُتُوَّتِه ، كما كلما تحرر الإنسان من كل السلط المسلطة على عقله ، خصوصا سلطة من يحكمه أو يراقب سلوكه و ينمطه وفق قوالب جاهزة ، إذ إن في تحقق هذا التحرر يطير عقل الإنسان إلى مجاهل لم يكن يعرف عنها إلا أنها كانت غير موجودة ، جراء أنها كانت لامُفكر فيها في حالة خضوع عقله للموروثات و اليقينيات الدوغمائية التي تَلقنها ، أو بسبب الحصار الذي تضربه إيمانياته المقدسة عن عقله . و بالمقابل كلما كثرت حول الإنسان المراقبات و التحذيرات و الديماغوجيات المحاصرة لعقله ، إلا و يتكلخ عقله و يتكلس تفكيره ، فتسقط عنه صفة الثقافة و يركن إلى طبيعيته لا يختلف في ذلك عن غيره من الكائنات الطبيعية نوعاً و درجةً .
بناءا على ذلك ، فلو بحثنا عن "الحرية" في المجتمعات الإسلامية ماضيا و حاضرا ، سنجد أن هامشها ضيقا جدا إلى حد قد لا يستطيع أحد تلمس مظاهرها بالكلية في معيش هذا القوم ، فكم من فيلسوف قتل في أثر أفكاره ، و كم عَالم نفي بسبب نظرياته ، و كم كاتب سجن بسبب مقال ، و كم مبدع وُئِد تبعا لانتشار إبدعاته في أمصار هذه العشائر ، فكل هؤلاء تعرضوا للخطر تبعا لإنتاجاتهم في حقول بعيدة جدا عن السياسة ، فما بال من يكتب و يبحث محللا في دهاليز المماليك و دور الإمارة و قصور الخلفاء الذين لم يتركوا صفة للإستبداد و الجور و الظلم إلا و اتصفوا بها ، فماذا يمكن أن يفعل بهذا المسكين ، غير أن يُضرب عنقه و تُسمل عيونه و تُقطع أوصاله و تُصلب أطرافه ، و يكفره أخس و أحط أهل العشيرة الإسلامية ، الأمثلة على ذلك كثيرة حول من عارضوا السلطة الإسلامية و اسْوَدَّ مصيرهم ، و ليس أقلهم سبط رسول الله "الحسين ابن علي" الذي ذبح و مثل بجثته لأنه عارض سلطة الخليفة الديكتاتور ، هكذا إذن فالفضاءات الإسلامية و عشائرها تفتقر إلى أهم شروط تطوير الفكر و الإبداع ، ألا و هو "الحرية" ، لذلك انحط عقل أفراد هذه الأمة و غط و لا زال في سبات عميق لأكثر من 9 قرون.
زد على ذلك ، "اعتبار المسلمين أن لِدينهم نظرية سياسية ، و أنه يُحدد شكل الحكم و قواعد التسييس" ، حيث ينظر المسلمون إلى هذه النظرية بطريقة مقدسة ، و يعتقدون أن دينهم كفاهم مُئنة التنظير السياسي ، فهناك نظرية سياسية جاهزة لا يُتعامل معها إلا على سبيل التطبيق ، إن هي ليست في حاجة إلى تحليل و نقد لأنها نظرية إلهية في السياسة ، فليس من ينتقدها إلا و قد كَفَر ، و على هذا دأب المسلمون في تاريخهم لا يُحَلِّلون واقعم السياسي و لا يقترحون بديلا عن حكم الخلافة المقدس ، الذي جر على هذه الأمة كل أنواع الوَيْلاَت و الخراب ، فإلى اليوم يعتقد المسلمون أن تأسيس دولة مدنية حديثة فيها مفصولة السلط و متمايزة فيها حقول المجتمع ، و الدين فيها للناس لا للحُكمِ ، و الحرية و المساواة مكفولة فيها للجميع ، و العدل و القانون فيها قائم لا يستثني أحدا ، كل هذا عند المسلمين حرام إن لم تقام عليه دولة إسلامية تطبق الشريعة أو قانون القرون الوسطى ، هكذا فلم يجتهد المسلمون في مبحث النظرية السياسية ، و ذلك بسبب وهم مقدس يعتقدونه ، و مفاده أن دينهم هو نفسه السياسة و العلم و العبادة و القانون و الحقوق و كل شيء ، و من عنده كل شيء و غير محتاج إلى أي شيء ، هل يفكر ؟! طبعا لا ، فلا يفكر إلا من يشعر بالحاجة و يستشعر النقص .
إضافة إلى ذلك ، بالحري في رأينا جائز اعتبار "العقيدة الإسلامية" نفسها كما يؤمن بها المسلم ، هي أحد أهم عوامل تثبيط فاعلية العقل و سدادة استعماله و استقامة اشتغاله ، ما يحول دون الإبداع في العلم أو غيره ، و هذا قد لا يروق لبعض المسلمين ، و يعترضون بكون الإسلام دعى إلى استعمال العقل و ممارسة التأمل في الخلق و الموجودات ، غير أن المدقق سيجد أن استعمال العقل هذا و التأمل و التفكر الذي دعى إليهما الإسلام ، لا يعني إطلاقا ما يُفهم عادة من التفكير العلمي أو الفلسفي ، و إنما مقصد دعوة الإسلام هذه ، هو التفكير الذي يصل بصاحبه إلى الإنهاش من عظمة الصنعة و الخلقة فيؤمن بما يصوره الإسلام على أنه إله خالق ، و هذا يستتبعه الإيمان بالدين ، لذلك ما إن يصل العقل هذا المُراد حتى تُرفع أمامه كل إشارات التوقف ، و ما إن يتجاوز ذلك حتى يتم تكفير صاحبه ، إذ إن دعوة الإسلام إلى التفكير مشروطة بطرح سؤال من يُحدث الأحداث ؟ و من يَصنع الصنائع ؟ و من يَخلق المخلوقات ؟ أي السؤال الذي ينتهي بصاحبه إلى الله و بعده يتوقف العقل ، و ذلك دون طرح سؤال "الكَيْف" الذي هو سؤال العلم التجريبي ، أي كيف خلق الخالق المخلوقات ؟ كيف صنعها ؟ كيف يُجري الأحداث ؟ كما كيف وجد هو نفسه ، و من أوجده ؟ و كيف أوجده ؟
أكيد أن هذه الأسئلة كُفرية و لا يطرحها إلا الزنادقة في نظر المسلم ، لذلك سنجد أن المسلمين إلى اليوم لا يصدقون النظريات العلمية التي تجيب عن سؤال "كيف خلق الكون؟" كنظرية الإنفجار العظيم ، كما أنهم من أشد المعارضين و الرافضين للنظريات العلمية التي تجيب عن "كَيَْف خُلقت الأنواع الطبيعية و منها البشر؟" كنظرية التطور لصاحبها تشالز داروين ، فالمسلم يكفيه السؤال الذي يكون جوابه الله ، أما سؤال الكيف فبالتبع يجاب عنه أيضا بالله دون تكلف أو إجهاد بحث حول أطوار جريان هذا الكَيف ، و سنضرب على ذلك عدة أمثلة موضحة إلى أن عقل المسلم يقف عندما يصل إلى الله كجواب عن الأسئلة .
الذي نريد أن نوضحه قبل ضرب الأمثلة و الشهود على ما ذكرناه ، هو تبيان أن سؤال العلم إبستيمولوجيا يتحدد بما هو "كَيْفِي" ، أي السؤال عن "كيف تتشكل و تجري و تستمر الظواهر الطبيعية و الإجتماعية و السياسية و غيرها ؟" هذا هو سؤال العلوم ، و بما أننا نبحث في أسباب تخلف علم السياسة عند المسلمين ، فحري بنا البحث في تراث و ثقافة هذه الأمة ، أهي طرحت سؤال "كيف تظهر و تجري و تستمر الظاهرة السياسة ، و ما هي العوامل المتحكمة في سيرورتها؟" ، أم طرح المسلمون بالعكس سؤال "من يُحدث الظاهرة السياسة و يُقَدِّر أطوارها من غير البشر ؟" ، لأن البشر كما سيأتي بيانه ليس لهم أي إرادة أو قدرة على تشكيل و تغيير واقعهم و مصيرهم ، بل كل شيء بيد الله كما يعتقدون . ما به سيتكشف لنا في النهاية أن المسلمين لا يطرحون أسئلة علمية أصلا كي يطوروا علما كعلم السياسة ، و ذلك نابع من اعتقاداتهم الدينية الساجنة لعقولهم كما سنوضح آتيا بشواهد تاريخية .
أمثلة من التاريخ - "ابن الجوزي" وحدود التفكير :
سيجد الباحث في التراث الإسلامي خصوصا الفقهي منه ، مصنفات الكثير من الأعلام التي من خلال الإطلاع عليها يظهر للقارئ النسق العام الناظم لنمط تفكير المسلمين الديني ، و نستحضر هنا أحد هؤلاء الأعلام ، و هو "جمال الدين أبو الفرج ابن الجوزي" و ما عبَّر عنه في كتابه (صيد الخاطر) فيما اتصل بموضوعنا هذا ، فابن الجوزي من الفقهاء الذين استكثروا العراقيل و المعترضات على العقل و تفكيره المنطقي ، إذ خصص في كتابه هذا 3 فصول على الأقل للرد على "علم الكلام" و المشتغلين به (6) ، ومعلوم أن علماء الكلام هم من يجسدون الفكر الحر و شبه العقلاني في التاريخ الإسلامي ، حيث استعمالوا العقل بالضوابط الفلسفية و المنطقية التي تطورت في زمانهم عن أصلها اليوناني ، و هو ما أثار حمية الفقهاء ضد علم الكلام و الفلسفة (7) ، لأنهما عِلمين يستعملان العقل بضوابط المنطق و الفلسفة ، و ليس بضوابط الدين ، وهو ما ينتج عنه أفكار متضاربة تطعن في الدين لو انضبطت لمنطق الفلسفة ، أو تطعن في الفلسفة و المنطق لو انضبطت لقواعد الفقه و الدين .
و لفك هذا الإشتراط دعى ابن الجوزي إلى كف الناس عن التفكير إلى كان سينتهي بأهله إلى مقالات علماء الكلام كالقول بخلق القرآن و إسقاط الصفات عن الخالق و القول بالإختيار و تكذيب القدر و الجبر (8) ، إلى حد يصل فيه ابن الجوزي موضحا خطر العقل إلى القول بأن: "إبليس لم يتشيطن و يغضب الله عليه و يلعنه و يتوعذه بالعذاب ، إلا لأنه استعمل عقله" (9) ، فلا تستعمل عقلك أيها المسلم إطلاقا إلا وفق ضوابط الدين و الفقه كي لا تسخط الله عنه و تدخل الجنة ، هذه هي رسالة ابن الجوزي ، فهو يدعوا المسلمين في كتابه هذا "إلى عدم البحث و التفكير في ما لا يحتاج إليه" (10) ، و ما لا يحتاج إليه هو البحث في تفاصيل الظواهر خصوصا طبيعة علاقة الخالق بالمخلوق ، و كيف تشتغل المخلوقات فكل هذا في علم الله و هو مما لم يُكَلَّفُ المسلم بمعرفة تفاصيله (11) ، فالله من خلقه و هو من يحركه و خلاص ، أما البحث في كيفية الخلق و ماهية الحركة يعتبره صاحبنا مما لم يبحث فيه السَّلَُف ، و بما أن طريقهم هو الأسلم للمسلم فيجب تقفي أثرهم و عدم البحث في التفاصيل ، فعلى العقل أن يقف هنا ، و "أن يكتفي المسلم بالسمعيات لا بالقوليات و العقليات" (12) ، فهو ليس مكلف بمعرفة التفاصيل وظيفته هي العبادة و العمل و انتظار الموت .
بعد هذا كيف يقترح علينا ابن الجوزي تفسير الظواهر و الأحداث في ابتعاد عن استعمال العقل في التحليل بضوابطه المنطقية ، و نقتبس هنا أحد مقاطع الكتاب -بدون تصرف- كي يتضح لنا مستوى التفكير الفقهي ، يقول فقيهنا: "من يتساؤل لما فعل كذا ، و ما معنى كذا ، فإنه يطلب الإطلاع على سر الملك ، و ما يجد لذلك سبيلا من وجهيين: أولهما أن الله تعالى ستر كثيرا من حكمه عن خلقه فلا مقدرة لهم عن كشفها مهما ارتقت عقولهم ، و أما الوجه الثاني فهو أنه ليس في قوى البشر ما يدرك حكم الله كلها ، فلا يبقى من ذلك معترض إلا و قد كَفَرَ" (13) ، هكذا إذن ، من يريد البحث و التنقيب و التفكير في ظواهر الوجود فهو إما لن يصل إلى غايته لأن ما يبث فيه أسرار ربانية لا تكشفها إلا قوى الآلهة ، أو أنه سوف يصبح كافرا ، هكذا تبقى الظواهر سحرية غير مفهومة ، و لا تأسس لها علوم تختص بدراستها ، و سبب ذلك عقيدة المسلم التي تصده عن النظر إلى الواقع نظرة عقلانية ، فمن المستحيل و الحالة هذه أن يتخرج تلميذ عن فكر و فقه ابن الجوزي يضارع "ستيفن هوكينغ" أو "إميل دوركايهم" أو "سيغموند فرويد" أو "باروخ سبينوزا" في إنتاجاتهم العلمية .
"ابن عطاء الله السكندري" :
نضيف إلى ابن الجوزي موقف فقيه علامة آخر ، و هو "ابن عطاء الله السكندري" من كتابه "التنوير في إسقاط التدبير" ، و هو من الكتب التي تشع من بين صفحاتها كل أنواع الحماقات و اللامنطقيات ، ففي هذا المصنف تحدث ابن عطاء الله السكندري عن "علم الكواكب" بشكل منفر ، و اعتبر أن أي بحث في علم الأفلاك و الكواكب إنما هو من باب التجسس على الله و هو من أنكر ما قد يفعله المسلم ، و ذلك طبقا لقوله تعالى "وَلَا تَجَسَّسُوا" (الحجرات/12) على البشر فما بالك بالتجسس على رب البشر (14) ، فابن عطاء بنظرته الفقهية الأسطورية إلى العالم يعتقد أن الله يعيش فوق السحاب ، و أي بحث يرصد السماء و يتطلع إلى ما فوق السحاب هو تجسس على من يسكن في السماء وهو الله ، و هذا مثال لائح جدا يبين كيف يفكر المسلم حقيقةً و كيف ينظر إلى العالم نظرة مغرقة في السحرية ، و هو ما يوضح كيف يصبح الإعتقاد الديني عائق كبير أمام التفكير العقلاني و البحث العلمي في ظواهر الوجود .
فمن المستحيل كذلك أن يتخرج تلميذ عن فكر و فقه "ابن عطاء الله السكندري" ، و يكون مثل "إسحاق نيوتون "و "ألبرت آينشتاين" و "لورانس كراوس" و غيرهم من دهاقنة علم الكواكب و الفلك و الفيزياء .
"علي بن داوود ابن ابراهيم الصَّيْرَفي و أبو حامد الغزالي" :
نزيد حالة أخرى مجسدة لمنط تفكير الإنسان المسلم الخرافاتي ، و هذه المرة نتوقف مع المؤرخ المصري "علي بن داوود ابن ابراهيم الصَّيْرَفي" ، و هو من أهم مؤرخي مصر في القرن 12م ، فلا يمكن للباحث في تاريخ مصر الإسلامي أن لا يمر على أحد مصنفاته ، و نقف مع أحدها هنا و هو كتابه "إنباء الهصر بأبناء العصر" ، حيث أرخ في هذا الكتاب للمجاعات و الأوبئة التي ضربت مصر سنة 873 هـ و ما خلفته من فتن و ذهاب الأمن و مقتل الناس جراء الجوع ، إذ يصف هذه الأحداث بشكل بارع و دقيق ، غير أن عقليته الإسلامية المُسَحِّرَة لكل الظواهر ، جعلته بعد أن سرد الأخبار لا يتجاوز الوصف إلى تقديم تحليل علمي لسبب المجاعة و انتشار الأمراض و غلاء المُأن ، بل علق بكل بساطة و أردف قائلا دون تكلف: "فما شاء الله كان ، فليس الرخاء و الغلاء إلا من صنع الواحد الخلاق" (15) ، هكذا بكل بساطة ، فمعتقده الديني كما عبر عنه في هذا المقطع ، يظهر أن عقيدته تجيبه إجمالا عن أن المجاعات و الأمراض و الأوبئة كظواهر طبيعية ، إنما هي من صنع و تدبير الله و السلام و انتهى الأمر ، هذا مراد الله و رفعت الأقلام و جفت الصحف ، هكذا دون عناء التساؤل عن كيفية حدوث المجاعة ، و ما هي أسبابها ، دون تحليل للبناء الطبقي للمجتمع و دور المضاربين و المحتكرين ، دون حساب دخل الدولة و فيما يُصرف ، و كم يَتحصَّل للدولة من الزرع و الخضرة و كيف توزع ، و موقع الدولة و طوبوغرافية أراضيها و أثر ذلك على اقتصاد الدولة ، و ماذا عن دور الحكومة و السياسة في المجاعة و غيرها ... كل هذا يضرب عنه صفح ، و يكتفي المسلم بجواب "كل هذا من عند الله و انتهى الأمر" ، إذ بهذا النمط من التفكير الديني المتخلف ، تنتفي تماما مسؤولية الأسباب الموضوعية للظواهر و تحل محلها مسؤولية الخوارق و الأساطير و الغُيوب ، فكل شيء في الواقع يتحرك بطريقة سحرية في نظر المسلمين لا قبل للإنسان بكشفها ، لعل هذا ما يوضح سبب عدم ظهور مفكر اقتصادي أو محلل سياسي كبير في الحضارة الإسلامية كـ"آدم سميث" أو "كارل ماركس" ، فالمشكل في عقلية المسلم و طريقة تفكيره الدينية بشكل أساسي .
هذا دون نسيان المقولة المشهورة لصاحبها "أبو حامد الغزالي": (من تمنطق فقد تزندق) ، أي أن التفكير المنطقي هو عين الكفر و هو الطريق المباشر إلى الزندقة ، و من ذلك فلا يمكن أن يتطور عند من يؤمن بهذه المقولة حتما أي تفكير علمي يبحث في أحد حقول العلم ، سواء كان حقل السياسة أو الإقتصاد أو الطبيعة أو الفضاء أو غيره ، و ذلك نظرا لافتقار العقل المسلم إلى التفكير المنطقي الضروري لإنتاج معرفة علمية موضوعية .
ماذا يمكن أن نستنتج:
من هذه النماذج الثلاثة نستنتج أن العقلية الإسلامية مريضة بذاء اسمه "الأسطرة" و "القدرية" ، فكل شيء تتم أسطرته و رد أسبابه إلى قوى ميتافيزيقية لم يتبث وجودها أحد من أهل الديانات قاطبة ، كما أن كل شيء مُقَدَّرٌ من عند الله و لا حاجة للسؤال عن ما قدره تعالى ، فذلك يوصل صاحبه إلى الكفر و الزندقة كما يرى ابن الجوزي ، و لمحاولة فهم خصائص عقل المسلم هذه ، نستحضر موقف أحد أكبر علماء الإجتماع في الإسلام و أهله ، و هو الألماني "ماكس فيبر" حيث لاحظ بأن "البداوة" كإطار اجتماعي ولد فيه الإسلام طبع هذا الدين بكل سمات "الخرف" و "اللاعقلانية" ، و امتد ذلك إلى أن تطورت في حجر الحضارة الإسلامية "الجماعات الغنوصية الصوفية" الممثلة لكل صور الجنون و اللامنطق ، و بذلك أنتجت الجماعات الصوفية إلى جانب عاطفة أخروية تقوم على رفض العالم ، عقلية تُسَحِّر ظواهر الوجود أمام أنظار المسلم (16) ، و معلوم كم هي رقعة التصوف واسعة في الفضاءات الإسلامية ، ما يعني بالمقابل كم هي منتشرة العقلية السحرية في مجتمعات هذا القوم .
هكذا نستنتج على هدي أفكار ماكس فيبر ، أنه لم يتطور عند المسلمين ما يمكن تسميته بـ"العقلانية النظرية" كما تطورت في الغرب الأوروبي و الأمريكي ، و هو بالحري ما لم تتطور عنه "عقلانية عملية" أو سلوكية ، بل سنجد العكس أن كل من العقلانيتين و هما بالضرورة نوعان من التدبير الذي يعتبره المسلم حرام و منذوب تركه ، فحسب ابن عطاء السكندري الذي مر معنا فـ"التدبير أو التخطيط إنما هو مخاصمة للربوبية ، فالله وحده هو المدبر و ما على المسلم إلا الإستسلام لقضائه و قبول تدبيره" (17) ، هكذا فالعقلانية النظرية التي تخطط و تدبر إنها هي مما ينهى عنه الشرع الإسلامي العظيم في اعتقاد المسلمين كابن عطاء الله السكندري ، فهذا القول كمن يرى الذهاب إلى الحرب بدون سلاح معتقدا أن الله سيحارب بالنيابة عنه ، فالحاصل نقول أن ليس العقلانية من تطورت عند المسلمين ، بل "الجهلانية" هي من نَمَت و انتشرت بانتشار هذا الدين إلى يوم الناس هذا ، فأينما حل المسلمون حل الجهل و هرب المنطق و العقلانية .
إذ يكفي تشغيل التلفاز و مشاهدة فضائيات الشيوخ ، أو مشاهدة محاضرة الفقهاء عبر الأنترنيت في زماننا الراهن ، حتى تقتنع أن هذا القوم تربعت "الجهلانية" على عرش تفكيره و ركنت الأسطرة في تلابيب فؤاده ، فلم تعد ترى هذه الأمة في من يفكر إلى الكفر و المروق عن الأساطير المقدسة التي تأمن بها .
هكذا فانعدام الحرية و شيوع الإستبداد السياسي ، و سواد العقلية القدرية ، و انتشار الفكر البَرِّي و الأسطوري ، لهي أسباب كافية حتى يتوضح للباحث لماذا و كيف تخلف الفكر و العلم أي كان نوعه في الفضاءات الإسلامية .
فعلم السياسة الذي نستقصي أسباب تعوقه عند المسلمين ، يقتضي الشعور بالنقص و هذا الإحساس هو الذي يدفع إلى البحث و التحليل و صياغة النظريات السياسة ، و هذا كان غائب و لا زال عند المسلمون ، إذ يشتهر هذا القوم بوهم امتلاك الحقيقة حتى في حقل السياسة و الحكم ، و هذا ما لم يسعهم كي يتطور في مجتمعاتهم فكر و تنظير سياسي ، زد على ذلك أن علم السياسة يقتضي عقلية موضوعية تؤمن بأن للظاهرة السياسية أسباب من إنتاج البشر لا من تقدير الآلهة ، و أن هذه الأسباب متاح كشفها بالإجتهاد و البحث بمنهج علمي من طرف الإنسان ، و لا يجب أن يعتقد المحلل السياسي أن أسباب الظواهر إنما هي خَبْئٌ و سر لا يعلمه إلا سكان ما فوق السحاب ، فضلا عن هذا يقتضي البحث العلمي في هذا الحقل تشييد نظريات و نماذج تفسيرية تساهم في سدادة صياغة سياسة الدولة كي تكون ناجحة ، و لا ينبغي الإعتقاد بأن هذا تدبير ينازع الله تَرَبُّبَه ، فضلا عن هذا فإن الباحث في الظاهرة السياسية يقتضي عمله نقد الواقع و النظرية التي تُسقط عليه ، ما يعني أن الباحث السياسي المسلم عليه أن ينتقد نظرية "الخلافة الإسلامية" التي طبقت في مجتمعاته 14 قرنا ، و كشف السيرورة البشعة التي تأدت إليها الدولة الإسلامية جراء تطبيق نموذج حكم الخلافة ، و هذا لا يجب أن يسقط نقد النصوص المقدسة التي تدعوا إلى تطبيق نظرية الخلافة ، إذ بالتحليل و النقد يحصل مراد العلم و هو تجاوز القديم و تشييد نظريات و كذا واقع سياسي جديد ، حيث يتطور بهذه الطريقة ليس فقط الواقع السياسي بل يتطور حتى علم السياسة .
و بالعودة إلى الواقع الإسلامي سنجد أن كل هذه المقتضيات كانت منقرضة و لامفكر فيها ، إذ كان المسلمون ينظرون إلى واقعهم نظرة سحرية أسطورية ، كما كانوا يَرَوا النظرية الدينية السياسية -التي يؤمنون بها- مقدسة و غير قابلة للنقد و التجاوز ، و هو ما جعل الواقع السياسي يتخلف و بمعيته تخلف الفكر السياسي أيضا ، و انحط و لم يتطور في ديار المسلمين .
هكذا أخيرا ، يمكن أن نقوم بإجمال أهم العوامل التي جعلت المسلمين يَكِعُّون و يَنكصُون عن تطوير نظرية سياسية ، كالتالي: انعدام شرط الإبداع و هو الحرية ، و الإعتقاد المتوهم في امتلاك الحقيقة دون باقي أهل الأرض ، زد على ذلك الإيمان بأن الإسلام هو دين كل شيء فهو في ذاته علم و نظرية سياسية و مدونة قانونية و حقوقية و كل شيء ، و في وجود كل ذلك لا اجتهاد مع وجود نص كما خرَّج الأصوليون ، ناهيك عن انتشار الإستبداد السياسي و قمع المفكرين و تنميط العامة عقديا و خرفنتها من أجل سهولة ضبطها و التحكم فيها ، كما أن من أهم العوامل الحادة من قدرة الإبداع عند المسلمين هي عقليتهم الأسطورية و نمط تفكيرهم السحري و الخرافي ، الشيء الذي يحول دون نظرهم بشكل موضوعي إلى الواقع و هو شرط بناء موضوعات و معارف العلوم ، زد على ذلك انتشار "التفكير القَدَري" في ثقافة المسلمين ، أي التفكير الذي لا يرى في الظواهر أسباب موضوعية تحركها و إنما تحركها أقدار الغيوب ، و كل هذا يتقاطع على طول الخط مع تطوير أي خطاب أو معرفة يتوفر فيها شرط العِلْمِية و العقلانية .
_______________
مراجع:
(1) عبد الله العروي ، "مفهوم الدولة" ، المركز الثقافي العربي ، الدار البيضاء 2011 ، ط 9 ، ص 125 .
(2) نفسه ، ص 13-14 .
(3) البخاري، كتاب العلم ، باب: «من يرد الله به خيرًا»، وصحيح مسلم، "كتاب الزكاة" ، باب النهي عن المسألة.
(4) أبو داود ، "كتاب العلم" ، باب: الحث على طلب العلم ، و الترمذي في "كتاب العلم"، باب: ما جاء في فضل الفقه على العبادة .
(5) غاستون باشلار ، "تكوين العقل العلمي- مساهمة في التحليل للمعرفة الموضوعية" ، ترجمة خليل أحمد خليل ، المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع ، بيروت 1982 ، ط 2 .
(6) جمال الدين أبو الفرج ابن الجوزي ، "صيد الخاطر" ، دار الكتب العلمية ، بيروت 1992 ، ط 1 ، ص183-264-269.
(7) برويز أمير علي بيود ، "الإسلام و العلم- الأصولية الدينية و معركة العقلانية" ، ترجمة محمود خيال ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة 2015 ، ط 1 ، ص 207-247.
(8) لمن أراد التعرف أكثر على مقالات علماء الكلام فل ينظر ، فضل الله الزنجاني ، "تاريخ علم الكلام في الإسلام" ، مجمع البحوث الإسلامية ، مشهد 1997 ، ط 1 .
(9) جمال الدين أبو الفرج ابن الجوزي ، "صيد الخاطر" ، مرجع سابق ، ص 408 .
(10) نفسه ، ص 271 .
(11) نفسه ، ص 183 .
(12) نفسه ، ص 186 .
(13) ابن الجوزي ، "صيد الخاطر" ، مرجع سابق ، ص 339 .
(14) ابن عطاء الله السكندري ، "التنوير في إسقاط التدبير" ، تحقيق محمد عبد الرحمان الشاغول ، المكتبة الأزهرية للتراث ، القاهرة 2007 ، ط 1 ، ص 111-112 .
(15) علي بن داوود ابن ابراهيم الصَّيْرَفي ، "إنباء الهصر بأبناء العصر" ، تحقيق و تقديم حسن ، الهيئة المصرية للكتاب ، القاهرة 2002 ، ط 2 .
(16) انظر ، حنان محمد عبد المجيد ، "التغير الإجتماعي في الفكر الإسلامي الحديث: دراسة تحليلية نقدية" ، المعهد العالمي للفكر الإسلامي ، فيرجينيا 2011 ، ط 1 ، ص 47.
(17) ابن عطاء الله السكندري ، "التنوير في إسقاط التدبير" ، مرجع مذكور ، ص 90.