إن معضلة البطالة من أهم المعضلات التي يواجهها الشباب في العالم على الصعيد العام ، وفي الدول العربية على الصعيد الخاص . ووفقا لمنظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة ، فقد بلغ عدد العاطلين عن العمل في عامنا هذا ما لا يقل عن ١٧٣ مليون شخص حول العالم . ومع تقدم التكنولوجيا والذكاء الإصطناعي ، أصبح هنالك الكثير من المهن التي لم تعد تملك غطاء أمان مستقبلي وهذا ما سيساهم أيضا في زيادة نسب البطالة حول العالم .
في البداية ، يجب علينا تحديد مقومات البطالة الأكثر انتشارا بين الدول لكي نسعى جاهدين لخلق حلول لها .
فمثلا ، تزداد البطالة ويصبح هنالك ركود في الفرص عندما لا يتوافر لدى سوق العمل الإمكانية في توظيف الخريجين الجامعيين نتيجة ازدياد أعدادهم ، أو نتيجة العجز الإقتصادي داخل الدولة ، أو نتيجة جلب العمالة الخارجية ، أو نتيجة التدني في مستوى التعليم على جميع الأصعدة وانخفاض مستوى الأمية ، أو نتيجة عدم توفر عقول مبتكرة لخلق مشاريع وفرص جديدة ، أو جميعهم .
وبهذا الحال ، فإن بإمكاننا القول بأن نسب البطالة تنخفض في تأهيل الخريجين الجامعيين أكادميا وعدم اكتفائهم فقط بالشهادة الجامعية ، بل بالتطوير من أنفسهم من خلال الإنضمام إلى دورات مكملة في مجالهم الخاص ، أو التعلم للغات جديدة ، أو الدراسة لاختصاصين في نفس الوقت ، أو السعي في اكتساب خبرات مسبقة قبل النزول إلى المجتمع الوظيفي ، أو البدء في مشروع خاص على مواقع التواصل الإجتماعي مما قد يكسبهم الخبرة والمال أيضا ، والكثير من الحلول .
بالإضافة إلى استبدال العمالة الخارجية بالعمالة المحلية وإقامة المشاريع التي بحاجة إليهم ، وهنا أتحدث عن الأشخاص ذوي الطبقة التعليمية المتوسطة لأنه في معظم دولنا العربية ، غالبا ما تكون العمالة الخارجية مسؤولة عن الخدمات بمختلف أنواعها ، وما أن استبدلناها فإننا سنحدث فرقا في أنفسنا ولن نعد نلزم الجلوس بغية انتظار وظيفة خدمية معينة .
وبالنسبة للعجز الاقتصادي في الدولة ، فإنه يجب علينا إصلاح العيوب القائمة في البناء الإقتصادي لجلب استشمارات دولية بحيث تنشط المناخ الإقتصادي وتخلق فرص ووظائف عمل جديدة من خلال وضع برامج استثمارية متاكلمة للمستثمرين الأجانب . لا سيما أنه يجب علينا تحريك ركائز الدولة لينتعش اقتصادها من خلال الاستثمار في ثرواتها ومواردها الطبيعية والإنتاج لسلعها ولخدماتها بنفسها والتطوير في بنيتها التقنية . وكل هذا يحسن من مناخ الاستثمار وممارسة الأعمال ، ويدور عجلة الإقتصاد إلى الإزدهار .
ونتيجة لتدني مستوى التعليم وانخفاض مستوى الأمية ، فإنه بإمكاننا الاستثمار في النظام التعليمي للدولة من خلال توسعة المنهاج الدراسية علميا والإهتمام بها بما يتواكب مع العصر الحديث ، توحيد اللغة الدراسية وجعلها باللغة الإنكليزية وإضافة مواد لتعلم اللغات الأخرى الرائجة مثل الصينية في المنهاج الدراسية ، إدراج التكنولوجيا كوسيلة تعلم عملية من باب التسهيل على الطلاب وخلق صلة وصل أسرع وأفضل بين آهالي الطلاب والمدرسة ، تلبية حاجيات المعلمين وتقديرهم ماديا ومعنويا مما يساهم في زيادة نسبة إخلاصهم لعملهم ، توفير جميع الموارد والإمكانات اللازمة للاستثمار في البحوث العلمية من خلال جلب جميع الكوادر العلمية داخل وخارج الدولة لتعزيز الوضع التعليمي فيها .
وفي النهاية ، وبما يخص عدم توفر العقول المبتكرة فإنه بإمكاننا إنشاء تعاون ما بين القطاع العام والقطاع الخاص من أجل تبادل الخبرات والتجارب والإبتكارات ، بالإضافة إلى إنشاء مراكز متخصصة لدراسة الوضع الراهن وتنظيم فرص عمل جديدة ومبتكرة بناء عليه . وعلاوة على ذلك ، يمكننا أيضا أن نوفر الدعم المادي لكل من يملك فكرة مشروع جديد وفق شروط محددة تساهم في تقليل من نسب البطالة وتدوير عجلة اقتصاد الدولة . لاسيما أنه يمكننا استقطاب جميع الأشخاص ذوي العقول النابغة للاستفادة منهم مقابل تحفيزهم بحوافز مادية .
في الختام ، إن معضلة البطالة واحدة من أكثر المشاكل التي يخشاها الشباب . وذلك ، فإننا وبهذه الحلول يمكننا أن نساهم بشيء في خفض مستوى البطالة لضمان استمرارية الدولة ولتأمين مستقبل زاهر وحياة أفضل لأهلها .