دراسة تحليلية هادئة حول التحالف " العربي – الروسي " ودوره في حل النزاعات "الأزمة السورية- نموذجاً" - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

دراسة تحليلية هادئة حول التحالف " العربي – الروسي " ودوره في حل النزاعات "الأزمة السورية- نموذجاً"

  نشر في 27 نونبر 2015 .

مقدمة :

حان الوقت “الذي تأخر كثيراً" للكف عن التلازم والتسابق بين السكتين السياسية والعسكرية في النزاع السوري. فذلك السباق على كسب المعارك العسكرية على الساحة استعداداً لجولة سياسية أصبح فاضحاً بافتقاده أدنى درجات الأخلاقية والإنسانية ولم ينتج عنه سوى المزيد من الدمار والقتل والتشريد . حان وقت رفض هذه المعادلة. فالحسم العسكري وتوجيه كل الطاقات يجب أن يكون موجهاً نحو الخطر الحقيقي الذي يهدد سوريا الوطن والشعب والوجود وهو " التطرف بكل أشكاله ومسمياته " ، وهذا الأمر مستحيل بدون التفاهم السياسي. وهذا قرار لا يتخذه المحاربون وحدهم وإنما يتخذه اللاعبون الذين يحاربون عبر الوكلاء، واللاعبون الذين يزعمون أن لا يد ولا حيلة لهم في النزاع الدامي منذ حوالي خمس سنوات..

كفى مكابرة وكفى مزايدات على حساب الدم السوري فمصلحة سورية ليست، كما يقول سفير سوريا في الأمم المتحدة ، أن تشن الحرب على الإرهاب نيابة عن العالم مقدمة الشعب السوري والمدن السورية والآثار السورية ومستقبل أطفال سورية فدْية. فليكف الجميع وأولهم النظام عن تأطير الحرب الأهلية في خانة مكافحة الإرهاب دون معالجة الأسباب.

في حين أن ما يحدث في سورية هو تفريخ للإرهاب الذي لن تتجنبه أية دولة مهما كانت قوية إذا استمرت هذه الحرب التي، بإطالتها، فرخت الإرهاب وساهمت في تمدده وانتشاره . فلا وهم الانتصار لأي من الأطراف مقنع، ولا وهم استخدام اللاعبين المسلحين لإنهاك متبادل سياسة مجدية.

حان وقت سحب سورية من الاستخدام كساحة لحرب الإرهاب وحرب الاستنزاف والإنهاك. بات واجباً أخلاقياً على جميع المعنيين توجيه الحسم العسكري والحسم السياسي بما يخدم مصلحة الجميع بدلاً من التلاعب عليهما.

مضمون الدراسة :

لقد خرجت الحالة السورية من البيئة الوطنية الداخلية، إلى بيئة إقليمية، وصولاً إلى مستويات دولية جعلت الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا تتحولان إلى فاعلين رئيسيين لا يمكن تخيل – في الوقت الراهن- أي حل دون حصول توافق بينهما، أو تنازل طرف لصالح الآخر، إذ إنه، لا شك أن التسوية السلمية ، والعودة إلى الأمن المستقر لا يملكه طرف واحد وإنما انخرط فيه العديد من الفاعلين إراديًا أو لا إراديًا، من دول، ومن جماعات، ضمن شبكة شديدة التعقيد من الولاءات، والالتزامات، وأموال الحرب، والارتزاق وغير ذلك مما تنتجه الحروب الوكالية الداخلية من تعفن، ومن غياب واضح لمعالم القضية العادلة التي تتشوه بسبب عامل الزمن وإرهاق الجماعات المسلحة وأمراء الحرب على أرض الواقع…

ان الازمة السورية تفاقمت واصبحت ميدانا رحبا للتناقضات الاقليمية والدولية وسيؤدي استمرارها الى تداعيات دولية خطيرة على الامن القومي العربي والدولي .

الازمة السورية ادت الى اختلاط الاوراق العربية والاقليمية والدولية وانعكست آثارها على دول الجوار ( الاردن ولبنان وتركيا والعراق ) فالمعارضة السورية المقاتلة تتلقى الدعم والتأييد من اطراف عربية ودولية في حين يتلقى النظام السوري الدعم والتأييد من اطراف اقليمية ودولية، والنتيجة "الكل خاسر" ولا منتصر سوى العدو الجديد "داعش والتطرف بكل أشكاله" والعدو الحقيقي وهو "اسرائيل" التي تعيش أفضل حالاتها وتسعى لتنفيذ مشروعها التوسعي الاستيطاني وتهويد القدس الشريف... لقد بقيت القضية السورية تراوح مكانها دون حل على مدار السنين السابقة والتي شهدنا فيها تحولات مفصلية لم تبدو للبعض للأسف بشكل واضح منذ بدايتها نظراً لانتقالها إلى حالة التدويل القاتلة مع مشهد دموي مرعب يدفع ثمنه الشعب السوري والوطن السوري العريق.

لا شكّ أن هناك عوامل مستجدة ومهمة دفعت باتجاه الاسراع بالبحث عن تسوية سياسية في سوريا في ظلّ ما يشكّله تنظيم “داعش المشبوه” من خطر على الأمن. ليس فقط في سوريا والمنطقة العربية بل وفي العالم أجمع .

لا حاجة إلى تأكيد أنّ تنظيم “داعش” أثبت مدى خطورته بعد سلسلة التفجيرات التي طالت معظم الدول العربية وتأكدت بعد تفجير طائرة الركّاب الروسية في الجوّ.. وبعد “غزوة باريس″. ثمّة حاجة إلى اقتلاع تنظيم “داعش" من جذوره . والأهم هو الحاجة إلى ازالة كافة الأسباب التي أدت الى ظهور تنظيم "داعش المشبوه" وأمثاله ..

ليس سهلاً على شعبٍ قام يطالب بشرعية محقة "كان ممكن تحقيقها لو توفرت الحكمة والارادة لدى السلطة في حينه" أن تكون نتيجة أحلامه قرار دولي ! ولكن ما صنعته سياسات التدخل والنظام وأخطاء المعارضة السورية أوصل سورية إلى: حرب مفتوحة وجهادية متعاظمة وما يشبه الحماية الدولية. هذا ما تقوله موازين القوى حالياً.

روسيا لم يسبق لها أن تدخلت في شؤون سوريا بشكل مباشر إلى هذا الحد من قبل، ولكن الأهداف الاستراتيجية للجماعات المتصارعة على الساحة السورية "من كل الأطراف" عملت على تحفيز التدخل الروسي بشكل كبير. وهذا يعني أن كل طرف من المتصارعين يعمل من أجل بسط نفوذه وتدعيم أهدافه الاستراتيجية، بالرغم من أن الجميع يشهد ما يجري من قتل وتشريد الناس ويسمع آهات الملايين من المظلومين دون أن يأخذها بالحسبان.

ولهذا يعتبر تاريخ 30 ايلول 2015 مفصلياً بما يتعلق بمسار الأمور في الازمة السورية وتطوراتها اللاحقة، وسبب هذا التغيير الاستراتيجي ناتج عن الاندفاعة الروسية الحاسمة بدعم الحفاظ على الدولة السورية والمشاركة الواسعة في محاربة التنظيمات الارهابية ، ليس في سوريا وحدها وانما في كل منطقة الشرق الاوسط حيث بات الارهاب يتهدد العالم بأجمعه من خلال ما بناه طيلة السنوات الماضية على مستوى العدد والعتاد في كل من سوريا والعراق واحتلاله لمناطق شاسعة داخل هاتين الدولتين بشكل خاص.

إن التدخل الروسي فتح الطريق بقوة لبناء تحالف جديد للحرب على "داعش" يضم بين صفوفه الجيش الوطني السوري " سواء من بقي منهم أو من حمل السلاح مكرهاً من كتائب الجيش الحر" وذلك بعد تفكك التحالف الأمريكي الذى بدأ ب 62 دولة تقلصت الى 40 دولة معظمها تفكر الآن في الانسحاب منه. تدخلت روسيا في هذا التوقيت بكثافة في سوريا "ليس لدعم شخص او نظام " بل لدعم الحل السياسي ومحاربة "داعش وأخواتها" وللحفاظ على أمنها القومي.. بينما الآخرين يقفون في الضفة الأخرى غير قادرين على فعل شيء ويواجهون تدفق غير مسبوق للاجئين السوريين يدفعهم الى التطلع للدور الروسي في النهاية كطوق نجاة. وهذا ما لاحظناه بعد تفجيرات باريس ..

وتأكيداً لموضوعية الطرح الروسي فقد جاء على لسان الرئيس الروسي “بوتين": «إنه لا يمكن إيجاد حل نهائي طويل الأجل في سوريا إلا على أساس إصلاح سياسي وعلى أساس حوار بين القوى المعتدلة في هذا البلد». واستطرد في تأكيد مقصود: «أعرف أن الرئيس الأسد يدرك ذلك وهو مستعد لمثل هذه العملية ونحن نعول على موقف نشط ومرن وعلى استعداده لحل وسط».

كما أعلن "بوتين" خلال قمة العشرين في أنطاليا منتصف شهر تشرين ثاني / نوفمبر الجاري عن قيام روسيا بالاتصال بجزء من المعارضة المسلحة في سوريا، و «اتفقت معها حتى تكون بمنأى عن الضربات الروسية»، وأن بلاده مستعدة لتقديم دعم جوي لها. وأشار إلى أن الحرب المشتركة بين الجيش السوري والمعارضة السورية ضد «داعش» من الممكن أن تصبح أساساً جيدا للتسوية السياسية المقبلة.

وأكد الرئيس الروسي أن اعتداءات باريس أثبتت «صوابية» دعوة روسيا إلى تشكيل تحالف دولي لمكافحة الإرهاب. وأوضح: «بالنسبة لي لا يجب أن نضع في أولوياتنا مسائل هي بطبيعتها ثانوية. أول ما يجب القيام به هو توحيد جهودنا في مكافحة الإرهاب والمنظمات الإرهابية. ويجب على هذا الأساس الاتفاق على إصلاح سياسي في سوريا ».

لقد أوردنا هذه التأكيدات كمثال وقبلها الكثير مما تناقلته وسائل الاعلام على لسان أعلى المسؤولين في القيادة الروسية.

<وأنا هنا أؤكد أننا ضد أي تدخل خارجي ولكنني أحلل الأسباب التي سبق وذكرتها أعلاه كي لا يلتبس الأمر على أحد>

لقد اصبحت القضية السورية "وبكل أسف " منذ سنوات خارج ايدي الشعب السوري ولمصالح اقليمية ودولية ولذلك فمن المهم جدا ان يتم السعي الجدي لتحقيق اختراق لتسوية سياسية وفق جدول زمني بما يخدم مصلحة كل السوريين.

ومن هنا فالسؤال الأول : ما الذي دفع القيادة الروسية للدخول الى ساحة الصراع السوري مباشرة لمحاربة الارهاب؟

في معطيات مصادر بحثية واعلامية واسعة ان هناك اكثر من سبب ومعطى من وراء هذه الاندفاعة الروسية ابرزها:

أولا : لقد انتظرت موسكو اكثر من سنة منذ قيام التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة لمكافحة الارهاب، حيث لم تشعر القيادة الروسية بأي جدية لدى واشنطن وحلفائها في مواجهة الارهاب، فالغارات التي شنها هذا التحالف منذ تشكيله لم تغير واقع الحال في تمدد «داعش» في كل من العراق وسوريا .

يجب هنا التذكير أن الإدارة الأمريكية ارتكبت سلسلة من الأخطاء العسكرية الكارثية في المنطقة العربية دفعنا ثمنها باهظا، بدءا من غزو العراق “بحجج واهية” والتدخل مع الناتو في ليبيا لتدميرها وتحويلها لقاعدة للإرهاب، ومرورا بذلك الحلف الذى قادته لمحاربة "داعش"، وانتهاء بتسليحها وتدريبها لما أسمته بالمعارضة المعتدلة في سوريا وخصص أوباما لذلك نصف مليار دولار لتمويلها والذين “حسب اعتراف أمريكا” سلموا أسلحتهم الى جبهة النصرة "القاعدة".

<وقد نبهنا الى خطورة هذا الموضوع في عدة مقالات نشرت خلال منصة مقال كلاود وموقع افريكان مانيجر وموقع العرب>

ثانيا : كثيرة هي الأحداث المريبة المتعلقة بطريقة تعاطي الأميركيين مع «داعش»، سواء في سوريا أو العراق. "بعيداً عن نظريّة المؤامرة" فقد ثبت بالأدلة أن واشنطن تسعى إلى توظيف «داعش» في خدمة مصالحها في المنطقة. خطوة لا يمكن أن تتحقق إلا بتنظيم قوي بما يكفي ليؤدي المهمة لا ليتمرّد على سيّده. ولم تكن سيطرة تنظيم «داعش» على مدينة الموصل العراقية في 10 حزيران من العام 2014 سوى شرارة بدء الولايات المتحدة الأميركية بالإعداد لعملية جوية تستهدف التدخل العسكري المباشر في سوريا والعراق، تحت عنوان «التحالف الدولي»، لمحاربة التنظيم المتشدد. لقد بدأت ضربات الطائرات الأمريكية وحلفائها ضد تنظيم الدولة منذ سبتمبر 2014 في سوريا وقبلها بالعراق وحتى الآن لم تتمكن من زحزحة تنظيم "داعش" خطوة واحدة الى الوراء بل على العكس استطاع التنظيم التمدد أكثر ليستولي على مناطق جديدة كالرمادي بالعراق وإدلب وتدمر في سوريا، وتستمر الولايات المتحدة في تخبطها في مجرى ذلك الصراع دون أمل أو مخرج ويكفي أن نقول أن الرئيس أوباما نفسه وادارته يكررون "ليس لدى الادارة الأمريكية استراتيجية محددة للقضاء على تنظيم "داعش" وتأتينا الوعود بأن الحرب ضد التنظيم قد تستمر ليس فقط سنوات بل عقود .. والعامل الآخر الذي لعب دورا في تمدّد “داعش” كان زيادة الشرخ المذهبي السنّي ـ الشيعي اتسّاعا. وهوما ساهم في ازالة الحدود بين العراق وسوريا في البداية ليعلن التنظيم أنه سيصل الى "مكة المكرمة" ويتجاوزها الى مناطق واسعه من المنطقة العربية وما بعدها ..

والأسوأ من ذلك هو قيام قوات التحالف بتدمير المنشآت الحيوية في العراق وسوريا "وعلى سبيل المثال لا الحصر" فرغم اعتراف المتحدث باسم قيادة عمليات التحالف في سوريا والعراق، ستيف وارن، بـ«تقليص الغارات الجوية التي يشنها التحالف ضد داعش في سوريا في شهر أيلول 2015 »، تعمّد الأميركيون قصف عددٍ من المنشآت الحيوية السورية من دون مبرر عسكري، كان آخرها قصف المحطتين الحراريتين في حلب وقصف حقلين تابعين لمديرية حقول الجبسة في الحسكة بتاريخ 12 أيلول. وفي 25 أيلول قصفت طائرات التحالف بئر الطابية النفطي 202 وبئر الطابية 301 في دير الزور، ثمّ جرى الاعتداء على البئرين مجدداً، وجرى تدمير الـبئر 301 بشكل كامل. وكذلك قصف معمل القرميد في محيط مدينة الرقة وتدميره بشكل كامل مع آلياته من قبل طائرات «التحالف». والسؤال المهم في سياق آخر : لماذا يقوم تنظيم "داعش" وتحت أعين الولايات المتحدة ونحالفها "الستيني" بالسيطرة والتمدد نهارا جهارا على منابع النفط والغاز؟؟ والسؤال الآخر : لماذا يقوم هذا التنظيم المشبوه بتدمير الآثار والتراث والقتل الهمجي ؟؟ والجواب البسيط هو لتأمين التمويل اللازم لمشروعه القذر الموضوع من قبل اسياده . وأما مسألة تدمير الآثار والتراث "تحت ستار دولة الخلافة الاسلامية" فالجواب البسيط عليه هو بسؤال : لماذا بقيت هذه الآثار ومعها الأقليات الدينية منذ بداية الفتوحات الاسلامية التي قادها السلف الصالح والخلفاء الراشدون "أبو بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم " ؟؟ أم أن المدعو" البغدادي" زعيم تنظيم "داعش المشبوه " أكثر حرصاً "منهم؟؟حاشى المقارنة " على نشر تعاليم الدين الاسلامي المعتدل المتسامح الحقيقي؟؟؟

وهذا يوضح انه مشروع امريكي جديد حاقد على حدود "سايكس بيكو", هذا الاتفاق الذي كان مؤلما للأمة العربية بين فرنسا وبريطانيا منذ حوالي 100 عام بأن تأتينا الولايات المتحدة باتفاق اخر لخرائط سياسية "قبلية ومذهبية" اشد ايلاما على واقع الامة في سوريا والعراق وليبيا واليمن والتي قد تطال شظاياه المدمرة السعودية ودول الخليج ومصر والاردن وحتى تركيا وروسيا نفسها, في انسجام مريب مع نتائج الاتفاق النووي الامريكي الايراني وعربدة فاضحة لقوات الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية وانتهاكها للمقدسات الدينية في القدس والمسجد الأقصى .

ثالثاً : لقد بدا واضحاً ان الغرب استثنى من حربه ضد الارهاب كل التنظيمات الارهابية باستثناء «داعش» مع ان «القاعدة - جبهة النصرة» مثلاً ادرجت على لائحة الارهاب من جانب واشنطن ومجلس الامن، بحيث ان الرفض الاميركي والغربي لقيام الطيران الروسي بقصف «النصرة» واخواتها يشكل فضيحة كبرى للغرب وسياسة الاستثمار وصناعة الارهاب.

كما أن الغرب يدفع باتجاه توسع الاعمال الارهابية باتجاه بعض جمهوريات الاتحاد الروسي حيث ان العدد الاكبر من جنسيات عناصر «داعش» هم من هذه الجمهوريات وبنسبة اقل مع باقي التنظيمات الارهابية، ولذلك وجدت القيادة الروسية نفسها امام خيار وحيد وهو المشاركة في محاربة الارهاب قبل وصوله الى داخل جمهورياتها طالما ان الغرب ليس جدياً في مكافحة الارهاب، لا بل ان سياسته تساهم في توسّع دائرة الارهاب على مستوى الشرق الاوسط والعالم.

رابعاً : ان لروسيا مصالح خارجية كما لغيرها من دول العالم، بحيث تبين من التعاطي الاميركي مع الازمة السورية ان اولى اهدافها اخراج روسيا من الشرق الاوسط عبر دعمها المشبوه للجماعات المسلحة وترددها في الحل السياسي في سوريا، وبالتالي لم يكن امام القيادة الروسية سوى اتخاذ اجراءات حاسمة للحفاظ على مصالحها في المنطقة.

ومن طرف آخر فإن ملاحظة روسيا للحرب الداخلية الضارية في سوريا وما سينتج عنها من تفكك للقوى وانشطارات عديدة داخل البلاد قد تؤدي الى التقسيم , مما دفعها إلى تقوية تمركزها في سوريا للحفاظ على الدولة السورية وعدم سقوطها كما حصل في ليبيا والعراق , وعدم ربط مصير الدولة السورية وشعبها بمصير شخص رأس النظام "ولو أن هذا الأمر لايزال موضوعا اشكاليا جوهريا لا يمكن التقليل من اهميته" وخاصة بعد كل ما جرى من قتل وتدمير الا ان ذلك لا يعني عدم الاتفاق وفق ضمانات على مرحلة لاحقة من خلال الانتخابات..؟؟

بالإضافة لإيقان روسيا بأن ما يحدث في المنطقة لا يقتصر على سوريا بل إنه سيؤثر على كل الدول المجاورة كالعراق ولبنان، وصولاً للسعودية ودول المغرب العربي الأمر الذي قد يؤدي إلى حروب داخلية وانقسامات في هذه البلاد.

وبهذا فإن قيام روسيا بالتدخل العسكري في سوريا وتأثيره على السياسة العالمية يمكن النظر إليه من هذه الزاوية.

لذلك، فالسؤال الاخر، ما هي نتائج هذه الاندفاعة الروسية على المستوى السوري اولاً ومحاربة الارهاب ثانيا؟

في تأكيد من بعض مراكز الدراسات والمصادر الإعلامية ان لهذه الاندفاعة الروسية العديد من النتائج الايجابية التي ستنعكس على المنطقة والعالم، على الرغم من الصراخ الأمريكي - الغربي الصهيوني وابرز هذه النتائج :

- النتيجة الاولى، ان روسيا جدية جداً في محاربة الارهاب المتشدد وعلى رأسه "داعش"،وهي مستعد ة لمزيد من الدخول المباشر في هذه الحرب ولو اقتضت الضرورة المشاركة الميدانية في مكافحة الارهاب والقضاء عليه..

- النتيجة الثانية، ان الدخول الروسي سيدفع حكماً باتجاه اطلاق الحل السياسي في الازمة السورية وهذا ما حصل قعلا في اجتماعات فيينا 1 وفيينا 2 والتي يعرف الجميع نتائجها ..

فقد تم الاتفاق حسبما خلصت إليه اجتماعات فيينا، على آلية عمل لتطبيق تسوية سياسية للأزمة السورية على المدى الطويل، تبدأ بحكومة وطنية، وتنتهي بعد عامين تقريباً بانتخابات عامة؛ إذ يقدم بيان فيينا الأخير تصوراً لحل يبدأ بالحوار بداية العام المقبل، مروراً بحكومة بعد ستة أشهر وصولاً لانتخابات بعد 18 شهراً بما يجمع عامين من جهود العمل السياسي، والتي بدورها تتضمن تفاصيل معقدة كثيرة.

ولو أن تفجيرات باريس التي سبقت انعقاد مؤتمر فيينا 2 همّشت مسألة تغيير النظام أولاً لصالح محاربة الإرهاب. لكن لا يلغي هذا التهميش أن تغيير النظام جزئياً ضرورة للبدء بالعملية الانتقالية، وبما يراعي بقاء الدولة السورية ومصالح المعارضة والدول المتدخلة بالشأن السوري.

طبعاً، هذه النتائج إلى حد كبير تتوافق مع مطالب غالبية الشعب السوري "ان تحققت وتضمنت مسألة مصير النظام "؛ وتضع بداية لنهاية المأساة السورية الفريدة بظلمها عبر التاريخ..

الآن تُدرس قوائم المعارضة التي تكتبها كل دولة على انفراد،. لا شك أن لكل دولة قوائمها، ولا سيما أميركا وروسيا والسعودية وتركيا وإيران، لكن وصول المشاورات نحو هذه القضايا الحساسة يعني أن لقاء فيينا وضع حجر الأساس لبداية الحل السياسي، وأن الوضع السوري لم يعد من الممكن بقاؤه مفتوحاً، وأصبح يهدد مصالح إقليمية ودولية كثيرة.

ولكن، وعلى الرغم من وجود العديد من المسائل الإشكالية، فإن أي إيقاف للحرب، وبدء تشكيل جيش لكل سورية ومرحلة انتقالية وضمانات دولية ستساعد على بداية العودة إلى تقوية بنية الدولة ، وعودة الشعب إلى مدنه وبلداته وحياته، وبالتالي، هناك سلبيات كبيرة، ولكن هناك إيجابيات أكبر .

لقاء فيينا حسب رأي الكثيرين هو بداية جديدة، وسيكون فيه بالضرورة بداية تهميش رجال النظام الأساسيين، وكذلك رجال المعارضة، وفيه مرحلة اصطفاء لكل من سيوافق على وضع سورية الجديدة .

وعودة على عنوان المقالة الأساسي وبعد الجمود القاتل والتشعبات التي نجمت على الساحة السورية يمكن القول أنه ومنذ انطلاقة العمليات العسكرية الروسية في سوريا، تغيّر المشهد عملياً. المناخات الايجابية ظاهرة للعيان ، إضافة إلى الجمهور المتفائل بأن تقود المشاركة الروسية إلى إنهاء الأزمة، فإن الأكثر تفاعلاً، أن الحاضنة الاجتماعية السورية تفضل التدخل الروسي على التدخل الإيراني "كوننا مضطرين للمفاضلة كما سبق وذكرنا" فلولا التدخل الروسي لما كانت فيينا، ولولا العملية العسكرية الروسية، لما شكلت اجتماعات العاصمة النمساوية أول محطة دولية ـ إقليمية جدية على طريق السعي الجدي لإيجاد حل للأزمة السورية.

وان كانت بداية الضربات الروسية قد تمت بالتنسيق مع جيش النظام السوري والدول المساندة له في الميدان "حزب الله وقوات ومليشيات ايرانية " ضمن ما سمي "التحالف الرباعي –روسيا – ايران – العراق – سوريا" قد تسببت ببعض الاشكاليات إلا أن الهدف الرئيسي للجانب الروسي كان ولايزال توسيع التحالف لتحقيق الاهداف المنشودة وهي : وقف القتال وخارطة طريق للتسوية السلمية ومكافحة التنظيمات الارهابية المصنفة عالميا …

خارطة الطريق الروسية للحل السوري :

- تسعي روسيا لضمان تنفيذ خارطة الطريق للحل السوري لتشكيل تحالف دولي فعلي لمكافحة الارهاب ومن المعلوم لدى جميع المتابعين للشأن السوري أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان قد أطلق منذ نهاية حزيران 2015 (خلال لقاءه مع الوفد السوري برئاسة وزير خارجية النظام وليد المعلم في موسكو ) مبادرة مضمونها "تشكيل تحالف عربي – اقليمي موسع" للحرب على الارهاب تدخل فيه كل من السعودية وقطر والامارات ومصر بالإضافة الى تركيا وايران ودول الجوار السوري "الاردن والعراق ولبنان " .. وقد كانت المبادرة مفاجئة للوفد السوري حيث صرح وليد المعلم في حينه إن "الرئيس بوتين أكد لي ضرورة إيجاد تحالف إقليمي لمكافحة الإرهاب" "أن تحالف روسيا مع تركيا والسعودية وقطر والولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب يحتاج إلى "معجزة كبيرة جداً" متسائلا "كيف تتحول هذه الدول التي تآمرت؟ على سورية وشجعت الإرهاب؟ ومولته وسلحته وساهمت بنزف دم الشعب السوري؟ إلى حلف لمكافحة الإرهاب.. نأمل ذلك". بدوره قال لافروف "جاء في اللقاء مع الرئيس بوتين أنه لا بد من اعتماد التحليل الموضوعي للأوضاع الراهنة وإجراء الاتصالات مع جميع القوى الإقليمية المعنية بما فيها الدول المجاورة كالسعودية وتركيا والأردن واستنتاج أن جميع هذه الدول تدرك خطورة تزايد النشاط الإرهابي المتمثل بداعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية.. ولا بد لجميع الدول في المنطقة من التخلي عن الخلافات فيما بينها والتركيز على مهمة تضافر الجهود من أجل محاربة التهديد العام وهو الإرهاب".

وأضاف لافروف "إن نجاحنا في هذا المجال قد يكون الخطوة التالية ضمن إطار العملية السياسية فيما يخص تطبيق إعلان الدول الثماني المؤرخ في تموز من العام 2013 والذي يدعو كلا من حكومة الجمهورية العربية السورية وجميع القوى المعارضة في سوريا إلى تضافر الجهود من أجل محاربة الإرهاب".

من طرف آخر "وبحسب صحيفة السفير"، يرى محلّلون مقرّبون من السياسة الروسية، كما سرّبت الأوساط الروسية أن هذا التدخل سيكون محدود المدة وله أهداف شاملة غير ما ذكرت، أو غير ما يطفو على سطح الإعلام، ويؤكدون أن هدف السياسة الروسية إيصال السلطة السورية إلى قبول محادثات التسوية وإقناعها بالحل السياسي الذي ترفضه حتى الآن، وبعدم جدوى الحل العسكري. ويكون ذلك بأن يقوم هذا التدخل بتقليم أظافر إيران وإقناع النظام بالتوقف عن إلقاء البراميل المتفجرة والتخلي عن الميليشيات غير السورية وإعادتها إلى بلادها، وحل الميليشيات المحلية (قوات الدفاع الوطني) وضمّ مَن يرغب من أفرادها إلى الجيش، وبالمحصلة إشعار النظام السوري بأن الوجود العسكري الروسي جدير بحمايته أكثر من هؤلاء جميعاً، وأن مطالبه أقل من مطالبهم، وهو يبعد الصراع الطائفي ويخلّص السلطة السورية من الهيمنة الإيرانية المطلقة.

وعلى ذلك، فإن هذا التدخل يعقلن الجميع ويجعل مختلف الظروف المحيطة بالصراع هادئة وطبيعية وبعيدة عن الغرائز والقرارات الانفعالية والثأرية.

بعد اطلاق المبادرة شهدت العاصمة الروسية موسكو زيارات مسؤولين رفيعي المستوى من الدول المقترحة ومنها : وفود من المملكة العربية السعودية تم من خلالها عقد صفقات اقتصادية وعسكرية مع موسكو وتلاها زيارة الرئيس المصري وعقد اتفاقيات عملاقة معها أيضاً، ثم زيارة ملك المملكة الأردنية الهاشمية إلى موسكو أيضاً وتلاها مباشرة زيارة ولي العهد لإمارة دبي محمد بن زايد آل نهيان،. كما جمع لقاء القمة على هامش قمة العشرين في أنطاليا بتاريخ 15 تشرين ثاني الماضي بين الرئيس بوتين والعاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، ومن المتوقع أن يزور العاهل السعودي موسكو في الشهر القادم ..وربما تكون هذه اللقاءات الاكثر اهمية في نظرنا، لأنها قد تشكل أساسا حاسما في التوصل الى مخرج مشرف لكل الاطراف من المستنقع الدموي السوري.

حراك عربي روسي لإيجاد معادلة أخرى في مواجهة الإرهاب

لقد جرب أغلب العرب التحالف مع الولايات المتحدة والغرب منذ ما بزيد عن 100 عام فماذا كانت النتيجة؟؟؟ الغرب ودول الاستعمار اخترقت منظومة الدول العربية والامن القومي العربي واستثمرت في صناعة الارهاب على مدى 25 عاما منذ هيمنة الولايات المتحدة على القرار الدولي بعد تفكك الاتحاد السوفيتي بهدف السيطرة على الثروات وخدمة امن اسرائيل والمشاريع المشبوهة مما تسبب لدولنا وشعوبنا الويلات والحروب والدمار وشوه سمعتنا كعرب وكمسلمين تحت عباءة الدين من خلال دعم وصناعة الارهاب المتطرف ..

روسيا "من وجهة نظر الكثير من المتابعين " تطرح ولاتزال تؤكد على تشكيل تحالف "عربي – روسي" كجزء أساسي "من المبادرة التي أطلقها الرئيس بوتين بتشكيل "تحالف عربي – اقليمي" للحرب على الارهاب..

مما لا شك فيه وبنظرة واقعية فإن من مصلحتنا كعرب الخروج من مأزق وتهمة الارهاب التي الصقتها مفاهيم متطرفة بعيدة عن الاعتدال والتحاور بين جميع الأديان وعلينا التمعن بهدوء والاقرار بان المصالح الجيوستراتيجية الروسية – العربية تتلاقى. وضمن المتغيرات الحالية لا بد من الانفتاح والتقارب على جميع الصعد؛ لأن المرحلة القادمة ستشهد تغيرات سياسية وجغرافية واقتصادية مهمة والتقارب هنا وفي هذه الفترة بالذات لا مناص منه؛ للحفاظ على المصالح الجيوسياسية المشتركة واستقرار منظومة الامن القومي لكلا الطرفين "الروسي والعربي"

روسيا ليست جديدة على المنطقة، وهناك علاقات راسخة معها سياسيا وعسكريا وامنيا واقتصاديا وثقافيا، والازمات العابرة لا تؤثر في هذه العلاقات، كما ان روسيا مهتمة بالشرق الاوسط والدول الفاعلة فيه انطلاقا من فهمها ورؤيتها للمعادلة الجيوسياسية القادمة، فبعد التغيرات في هذه المنظومة وتراجع السياسة الامريكية في المنطقة وفشل مشاريعها في افغانستان والعراق وسوريا وليبيا فلا بد هنا من ان تساهم روسيا وبالتعاون مع الدول الفاعلة في المنطقة لتعبئة الفراغ الجيوسياسي.

ولأن روسيا قريبة من المنطقة ومشكلاتها، فإنها تحتاج لرؤية اكثر عقلانية للتعامل مع هذه الازمات، ولهذا نعتقد أن تشكيل تحالف "روسي – عربي" ستضاعف ليس فقط من التعاون الاقتصادي والتقني، بل وستسفر عن تنسيق امني اكبر لمعالجة ومواجهة التطرف والارهاب الذي يضرب الامن والاستقرار في المنطقة والعالم.

روسيا دولة عظمى وليست بحاجة لضم مساحات جديدة لمساحاتها الشاسعة كما ليس لديها طموح مغري بدولة باتت مدمرة كسوريا والأهم أن روسيا ليست دولة اقليمية لديها مشروع توسعي ؟؟ "مع أننا ندرك أن لروسيا كما لجميع الدول العظمى مصالح استراتيجية", لكنها تبقى ضمن اطار مشروع كبير كمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تحاول امريكا من خلاله بسط هيمنتها بالقوة على الدول العربية خدمة لأهداف مشروعها المتمثل بالحفاظ على أمن ومصالح الكيان الاسرائيلي والسيطرة على الثروات والموقع الجيوسياسي ومعابر المياه ؟

لذلك يمكن تبرير القول ان روسيا تتصادم مع الولايات المتحدة بهدف اقامة نظام عالمي متعدد الأقطاب وهي بهذا المعنى لا يمكن اعتبارها "دولة محتلة" كما يروج البعض - فشتان بين ما حصل في العراق وافغانستان وبين ما يحصل في سوريا "ولسنا هنا بصدد المزيد من الايضاح "وشتان بين مشاريع توسع استيطانية كما هو حال كيان اسرائيل ومشاريع دول اقليمية معروفة لديها ايضا مشاريع توسعية تحت مسميات وعناوين مذهبية وطائفية وهذا ما أدى الى تشابك المصالح بين الدول العربية وبين بعض الدول الاقليمية التي تتلاقى في مصالحها مع دول الهيمنة والتوسع والسيطرة والعدوان … ولذلك من الخطأ الفادح ان نخلط المفاهيم بين مسعى ومشاريع دول عظمى مثل روسيا والولايات المتحدة الأمريكية لمصالحها "وهو صراع دائم ومستمر طالما أن دولنا العربية لا تملك رؤيا موحدة ومشتركة تحدد خياراتها بنفسها وبما يخدم مصلحة شعوبها " وبين مسعى ومشاريع دول اقليمية "غير عربية " تسعى للهيمنة على اسس دينية او طائفية او مذهبية كإسرائيل وايران وتركيا …

على العرب أن يتعاملوا بموضوعية وواقعية مع ما يجري في المنطقة والعالم .. فمنذ انهيار النظام الدولي التقليدي، هناك نظام دولي يتشكل، وهذا التشكل كانت له تداعيات وارهاصات، علينا أن نعيها جيدا، ونعرف ان هذه الفترة حرجة لكل الدول والمجتمعات وتحديدا لمنطقتنا العربية وجوارها الاقليمي ، وفي هذا الاطار هناك من يتسرع بالأحكام ولديه قصور استراتيجي بالتحليل، فاذا كان هناك تراجع في السياسة الامريكية، لا يعني ان هناك ملئ روسياً لهذا الفراغ، فعالم اليوم يقوم على التنوع والتعددية، وايضا على المصالح المشتركة، وهناك مؤشرات على اعادة ترتيب النظام الدولي على هذه الاعتبارات والاسس، كما ان روسيا التي ورثت الاتحاد السوفيتي تغيرت عن الماضي كثيرا، واصبحت اكثر ديناميكية وفاعلية من الماضي، تحكمها مجموعة من المصالح الاستراتيجية، فنظرة روسيا تغيرت للعالم، الا انه وللأسف ظل البعض ينظر لروسيا من زاوية الماضي البعيد.وبنفس الوقت لايزال البعض في روسيا – بكل أسف - ينظر الى العرب والمسلمين "السنة تحديداً “من نفس الزاوية على خلفية الحرب السوفيتية في أفغانستان وبعدها الشيشان؟؟

لا يوجد في السياسة توافق كامل او اختلاف كامل، بل هناك تعاون بعيد عن نقاط الاختلاف تلك، كما ان المسؤولية الدولية لكلا لطرفين "العربي والروسي" تمنحهما القدرة على تجاوز العديد من الاختلافات في وجهات النظر، ولكن في السياسة هناك إمكانية لخلق بيئة سياسية مشتركة، للتوافق على ملفات وموضوعات مختلفة، واعتقد ان لدى الجانبين "العربي والروسي" القدرة السياسية لبناء قواعد عمل مشتركة ودائمة، كما اننا نعلم ان العالم يتغير، وان اعادة بناء العلاقات على ضوء طبيعة ما يجري عالميا امر يدركه الجميع، وعليه نؤكد ان امكانيات التعاون بين روسيا والدول العربية الفاعلة تفوق كثيرا نقاط الخلاف او الصراع. فالاختلاف ليس معناه الاقصاء وعلينا وضع مفهوم ثقافي تطويري تحاوري لكي نعود الى الساحة الدولية بنظرة احترام وهذا يفرض على الانظمة العربية اولا صياغة سريعة لمفهوم الأمن القومي العربي واعادة ترتيب التحالفات ضمن النظام العالمي الجديد كما يفرض على الشعوب العربية وخاصة المثقفين منهم مسؤولية نشر الوعي وقيم التسامح والاعتدال والمحبة..

خاتمة

"داعش ومن يشابهه من كل أنواع التطرف الديني أو المذهبي أو العرقي" تشوه سمعة العرب والمسلمين وكل من يعيش في عالمنا العربي مهما كانت قوميته أو ديانته أو طائفته وبغض النظر عن دوافع نشأة مثل هذه التنظيمات المتطرفة ومن يقف وراءها .. علينا جميعا التحالف من اجل القضاء عليها , فقد اصبحنا جميعا متهمين سواء بسبب الدين او الجغرافيا لذلك من المصلحة السورية والعربية قبل كل شيء القضاء على كل اشكال التطرف من أي جهة كانت او جاءت تحت عباءة الدين او الطائفة او المذهب حرصا على حضارتنا العربية والاسلامية التي تميزت بالخير والتسامح والعلم النافع والعمل الصالح

علينا خلق البيئة للحوار والمصالحة وعودة اللاجئين واخراج كل من هو غريب عن ارض سوريا المقدسة..

علينا الترفع فوق الانانية ووضع الاولويات التي على راسها الحفاظ على ما تبقى من سوريا واهلها واستدامة السلام..

وخلاصة القول علينا ان نلتقي في منتصف الطريق مع أي مبادرة تؤدي الى عودة سوريا كدولة موحدة ومدنية "يتساوى فيها الجميع تحت سقف الوطن الواحد والقانون الذي يجب أن يطبق على الجميع بدون استثناء"

اخيرا علينا كعرب أن ندرك ان نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب هو مصلحة لنا كما كان الأمر قبل انهيار حلف وارسو طالما اننا لم نجد صيغة واحدة للتوحد رغم المصالح المشتركة والحدود واللغة والمصير المشترك والحضارة والتراث.

ليس مستحيلا ان نلحق بركب باقي الأمم اذا توفرت الإرادة وتخلصنا من جذور الحاكمية المطلقة ومنطق الغاء الآخر واقتنينا التكنولوجيا المتطورة وحافظنا واستثمرنا ثرواتنا الهائلة لخدمة مصالحنا, قبل ان نقع جميعنا في شباك الإرهاب ونصبح آثاراً مدمرة لا يرغب احد على وجه الارض حتى القبول بدفنها أو ترميمها او النظر اليها؟؟

يبقى أن نقول أن أي حل سياسي لا يمكن ان يكون حلاً مستديماً ما لم يكن قائماً على العدل ومستنداً بحق الشعوب في تقرير المصير والحرية والاستقلال والديمقراطية، لذلك لا يمكن لأي حل سواء في سوريا أو في أية دولة أخرى ان ينجز وان يستديم ما لم يتم القضاء كلياً على الإرهاب، بمصدريه العصابي والحكومي، والمثل على ذلك في منطقتنا واضح ما لم يتم القضاء على "داعش ومن ساهم في انشاءه " والاحتلال الدموي الإسرائيلي.

ارجو من كل قلبي ان نستخلص العبر وكفانا مكابرة واستهتار بالحقوق والعدل والمساواة والعلم وتحكيم العقل..

وعلى عاتق الشباب ان يكونوا في ريادة مشروع فكري وثقافي واعي عبر كافة وسائل الاعلام والاتصالات…

سوف اكون ممتنا للحوار وتلقي أي رأي حول هذا الموضوع وليكن بداية لمواضيع اخرى تحمل نقس الهدف..

اقتراح : ارجو من الادارة الكريمة والمبدعة لمنصة "مقال كلاود"(التي تنتشر مقالاتها عبر وسائل اعلام ومواقع كبيرة مثل "أفريكان مانيجر" و "العرب" و"الشرق الأوسط " وغيرها ) دراسة مقترح تخصيص مساحة للحوار والرأي حول موضوع يتعلق بمصيرنا جميعا وملخصه " الدول العربية ….الى أين ؟؟" لتكون هذه المنصة الكريمة كما عهدناها منبرًا واعياُ وسباقا وهادفاً لتبادل الآراء وكشف الحقائق وفق معايير اخلاقية ومهنية وواقعية لما فيه الخير والأمان والسلام والسؤدد لشعوبنا وأوطاننا ..,وعذراً على الاطالة لأهمية الدراسة… وشكرا 


  • 1

   نشر في 27 نونبر 2015 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا