ما سَبَق وَصفُه مَشهَد مِن فيلم أنيمي ياباني يُسمى "the graveyard of fireflies" يحكي تَاثير الحرب العالمية الثانية على طفلين فَقدوا مَنزِلَهم و أُمِّهِم نَتيجة القَصف على مدينة من مُدن اليابان .

تابَعتُ هذا الفيلم بِحُزنٍ شَديد و أنا أَتَذَكّرُ أطفالُ سوريا كَيفَ هُم الآن في وَسَطَ كُلّ هَذه الفَوضى و القَصفِ يَومي و لَيسَ كَما فِي الفِيلم كُلّ عِدَّةِ أيام يَقصِفوا ,

حاوِل أَن تَتَخَيَّل شُعورِ هَؤلاء الأَطفال بِالرُّعبِ أو بَحْثَهُم عَن لُقمَة تَسُدُّ جوعَهم أو كُوبِ ماءٍ نَظيف في الأيامِ الحَارة مِن أُغُسطُس .دَواءً للإسهال لِفتاةٍ صَغيرَة اضطَرّت لِشُربِ الماء المُلَوّث حتى لا تَموت مِن العَطش , 

مَع تَطوُّر الأحداث و حَتى عَمَّةُ الطِفلَين قَسَت عَليهِم و اعتَبَرَتهُم عَديمي الجَدوى لِأَنّهم لا يُساعِدوا الجَيش في إنجازاتِه العَظيمة الوَهمية ضِد أَعداءِ الإمبراطورية , 

بَل حاسَبَتهُ عَمّتَهُ على أَنّ المَصنَع الذي تَرَك المَدرسَة لِيعمَل فيه لِيكسَب قُوتَ يَومِه قَد دَمّرَهُ القَصف ,  و أَخذَت مَلابِس أُمّهُم لِتَبيعها بِرخصِ الثَمن,  لِتحاسِبَهُم على ما أَكلوه و سَيأكُلوه .

في النِهايَة إِختَارَ  الفتى الإِستِقلال مَع أُختَهُ التي كانَت تَبكي في اللَّيل شَوقًا لِأُمِّهِم المُتَوفاة , 

حتى لا تَشتَكي عَمَّتُه مَرةًّ أُخرى مِن صَوتِها الذي يُزعِج بِنتَها التَي تَعمل مَع القُوَّاتِ اليابانِيّة . 
و ماتت الفتاة من الجوع و المرض بعد نومهم في ملجأ قديم , ومحاولات ايجاد الطعام للفتاة كانت تبوء بالفشل حتى السرقة فشل في ان يحضر الطعام لأخته . 
المجتمع الجريح لم يَرحَمُهم.

في النهاية .... الحُروب لا تَنتَهي بِأَي خَير سَواءٌ لِلمُنتصِر أو لِلمهزوم ,

 و سَيعلَم التاريخ ذلك يومًا ما , و سَيندَم كلُّ مَن سَاهم أو شَارَك أو شَجَّع أو أَيَّد أي حَربٍ و أباح أي إراقَةٍ لِلدِماء تَحتَ أيِّ مُسمى و مُبَرِّر ,

لا تُبَرِّروا المَجازِر اليَومِيَّة ضِد المَدنِيِّين . 

اليوم  بمناسبة قمة العشرين و الإجتماعات بين روسيا و الولايات المتحدة بخصوص المجازر في سوريا , يخرج الرئيسان بأنهم "قد إقتربوا من صياغة إتفاق " بينهم من أجل وقف إطلاق النار و مستقبل سوريا , أي مستقبل أشبعتم من الأموال التي كسبتموها من بيع السلاح لكل الأطراف ؟ 
أأشغلتم رأيكم العام عن فسادكم الداخلي في بلادكم بالوضع المضطرب في الشرق الأوسط فلا يعودوا يبالوا بما يحدث لهم ؟

روسيا التي احتلت جزيرة القرم ولم يستطع أحد أن يمنعها , أصبحت تدافع عن الحقوق المسلوبة في سوريا , و تنظم اجتماعات جوفاء من أجل محادثات سلام بين الاحتلال الصهيوني و السلطة الفلسطينية الواهية .

و الولايات المتحدة التي لا سياسة لها الا دعم مصالحها و دعم الرابح أيا كان لضمان ولاءه لها ,
في محاولة الإنقلاب في تركيا سكتت الولايات المتحدة حتى تتيقن أي الفريقين سيربح لتفصل بيانا يتناسب معه ,
سواء انقلاب عسكريا = ارادة شعبية , او فشله  = دعم الصناديق .
المهم أن من يجلس على الكرسي يكون صديقًا لهم .

أتَمَنى فِعلاً مِن كُلِّ قَلبي أَن يَتَربى أَطفالُ العالم بِلا كِبار وَ بِلا أَي غَسيلٍ لِلعُقول ,

بأي شكل كان 

دَعوهُم على فِطرَتِهِم التي خَلَقَها الله لَهُم , و سَنَجِدُ السّلامَ على الأرض .

لقد قَتَل قابِيل هَابيل و نَدَمَ في وقتها , الآن تُقتَل الملايين , و العَالَم الفَاسد " يَشجُب و يُنَدد " .
مادام بعيدًا عَنهُم  فَهو شَجبٍ و تَندِيد ولكن لو في بِلادهم , البلِادُ تَتَوقَّف و الجُيوشِ تَتَحرّك و  حَملات دَعمٍ و تَأييد و زِيادَةُ تَسليح و التَحقيقُ الدُوَلي و و و .

أَأَرواحَكُم  ذَهَبٌ و أَرواحِ العَرب هباءًا منثورا ؟

شاهِدوا هذا الفِيلم سَيُعَلِّمُكُم التَعاطُف الذي مات بِداخِلُِكُم بَل قَد يَجعَل عُيونِكُم تَدمَع بَعدَ أَن جَفّت مِن التَعَوّد مِن مُشاهَدَة أَطفال سُوريا و فِلِسطين و اليَمَن و ليبيا و العِراق قَد غُسِّلوا بِدمائِهم و كُفِّنوا بِأشلاء أُمّهاتِهِم .