شعور صعب أن أتخيل نفسي كأحد أبناء الديانة الإيزيدية نظرا لما تعرضت له الطائفة من جرائم قتل وسبي واغتصاب على يد مسلحى تنظيم داعش الإرهابي.

احساس مرعب أن يعيش الإنسان وقد فقد الأمن والأمان فى أرضه، فلا يأمن على عرضه ولا يستطع حماية منزله وأهل بيته، دون أن يرتكب مقابل ذلك ذنب أو جريرة سوى أنه يعبد الله بطريقته الخاصة التى ورثها عن أبائه وأجداده.

مأساة كبري عاشها الأيزيديون بالعراق بدأت عام 2014 عندما هجم تنظيم داعش على مناطقهم بالعراق وسوريا فقتل ما يزيد عن 5 الأف رجل واختطف قرابة 7000 إمراة وفتاة، ومازالت المأساة مستمرة فى ظل ظل بقاء مئات الإيزيديات مختطفات لدى التنظيم حتى الأن.

رحل الرجال وحسابهم عند ربهم، وبقيت قصية المختطفات الأيزيديات بمثابة الجرح الذى لم يندمل بعد فى عقل وقلب كل إيزيدي، فى ظل عدم احساس العالم بحجم الكارثة الانسانية التى تعرضوا لها.

فى ظل هذا المأساة، يكون للدعم النفسي والمعنوي دورا كبيرا فى تخفيف الألم، وتجفيف الجرح الغائر، وهو ما قامت به حكومة كردستان من خلال رئيسها السيد نيجرفان بارزاني الذى تولى منذ أشهر قليلة رئاسة إقليم كردستان.

على الصعيد الحكومي، كان لإقليم كردستان دورا كبيرا فى تخفيف الجرح الإيزيدي، حيث أعلن برلمان الإقليم تخصيص يوم 3 أغسطس من كل عام لاحياء ذكري الإبادة الإيزيدية، وهو القرار الذى دخل حيز التنفيذ أمس الأحد 15 سبتمبر بعد أن وقعه رئيس الإقليم السيد نيجرفان بارزاني.

ودعا نيجرفان من خلال القرار السلطات العراقية للقيام بدورها تجاه تعويض الضحايا وتوفير الحقوق والامتيازات لهم وإعادة إعمار مناطقهم على اعتبار أن المجزرة تحمل كل خصائص جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.

وسبق لنيجرفان برزاني أن اعلن عن تصعيد كارثة سنجار أمام المجتمع الدولي للإعتراف بها كقضية إبادة جماعية بما يترتب على ذلك من ملاحقة للمتورطين فى تلك الجريمة الانسانية وتعويض أهالي الضحايا.

موقف نيجرفان بارزاني تجاه الإبادة الإيزيدية ودعوته لحكومة بغاد بالقيام بدورها تجاه الضحايا لما يكن الأول بل جزء من سلسلة قرارات وتصريحات لرئيس إقليم كردستان لدعم أبناء شعبه من الكرد الإيزيديين.

فخلال جنازة تحسين بك أمير الايزيديين السابق، أعلن نيجرفان بارزاني عن نيته تحويل قضاء سنجار أكبر تمركز للإيزيديين إلى محافظة مستقلة، بما يدفع إلى دور أكبر للإيزيديين فى إدارة مناطقهم، كما تعهد خلال خلال الجنازة بالعمل على تحرير كل ايزيدي مازال فى قبضة تنظيم داعش.

وشدد نيجرفان على السعي لتحرير كل أيزيدي أو ايزيدية مازال مختطف على يد تنظيم داعش الإرهابي.

كما إلتقي نيجرفان فى نهاية 2018 بنادية مراد الفتاة الأيزيدية الحائزة على جائزة نوبل ، معربا عن دعمه لجهودها فى التعريف بقضية الأيزيديين كقضية إبادة جماعية.

جهود السيد نيجرفان لمسح دموع الإيزيديين ربما تكون جديرة بالإحترام والتقدير، ولكنها قد تكون غير كافية نظرا لحجم وبشاعة الماساة، ويبقي السؤال أين حكومة العراق من تلك الجريمة النكراء، لماذا لم تتقدم بغداد بطلب للجنائية الدولية لتحقيق فى جرائم داعش بسنجار، ولماذا لم تطالب الأمم المتحدة بتخصيص يوما عالميا للتضامن مع ضحايا الإبادة الإيزيدية؟

لماذا ترفض حكومة بغداد تحويل قضاء سنجار إلى محافظة تؤؤل إدارتها لأبنائها الإيزيديين، ولماذا لا تكون سنجار جزء من إقليم كردستان نظرا لطبيعة أبناءها وقوميتهم الكردية.

تحتاج بغداد للإستماع لصوت العقل، وخلع رداء التشدد المذهبي والديني فى التعامل مع مجزرة الإيزيدين بسنجار، تحتاج بغداد للنظر للطائفة الإيزيدية كمواطنين عراقيين بغض النظر عن دينهم أو عرقهم .

أقل ما يمكن أن تفعله بغداد أن كانت جادة فى دعم أبنائها الإيزيديين أن تقف إلى جانب السيد نيجرفان بارزاني فى حملته الدولية لاعتبار 3 اغسطس يوما عالميا لدعم ضحايا داعش فى سنجار.

عودة المختطفات الإيزيديات لن يتم دون تكاتف وتعاون من بغداد مع حكومة كردستان ورئاسة الإقليم، وعلى الحكومة العراقية وأحزابها وتياراتها السياسية أن تشعر بالعار لبقاء الألاف الفتيات العراقيات سبايا لتنظيم داعش الإرهابي رغم سقوطه منذ سنوات.