يا أبتي؛
وهل ينفعُ الندمُ بعد الموت؟ والتوبةُ بعد الإجرام؟ أيجدي أن تُكتبَ كلماتُ الوفاء والإخلاص بعد الخيانة؟ أهلكتني رياحَ اليأس الصنديدة، فأنا لا أحمل مجاديف المقاومة، لا زالت أضلعي هشةً لا تحتمل بهتان الصورة
لم أعهد الكذبَ بين أضلعكَ، ولم أقرأ نفاق المشاعر في نظراتكَ، كبرتُ وأيقنتُ أن الحلمَ يموتَ إن سُقيَّ بماء الإحباط؛ بل وتنبتُ شجرته إن رُويتْ بكلمات المثابرة والاعتزاز بكونها حقيقةَ فكرٍ لا تحتاج إلا لتكون حقيقةَ فعلٍ.
في الجانبِ الأبيضِ من الصورة، رأيتُ الفعل ينوّهَ بكلماته أن التوبة آتيةً، وأن الغفران حقٌ ينتظرَ منا طرقَ بابه إن طال الزمن أو قصُرَ، وإن تاهت الصورة أو وضُحَتْ.
لكن! الحياة حقنتْ أنفاسي، لم أعد قادرة على استنشاق طعم الفرح، رأيتُ في جانب الصورة الأسود دروب الموت، حاولتُ الركوض فيها لأصله؛ تعلم كم أخفقتُ في اللحاق به، بل ركض وهرب مني،
قال بصوتٍ أخاف كياني:
لمْ يأنَ الموعد بعد؛ ابحثي عن الغفران بعيداً عن أفكارك الانتحارية، لا زال الحلم يتلمس طريقه في عقلكِ ويرجوكِ التروي في البحث عن منحه فرصة الحياة، فلا تقتليه بيأس الإحساس، انظري إلى شعاع الأمل المنبثق في نبض الحياة، ولا تتهافتي عليَّ وأنتِ لا تعلمين أينَ مصيركَ بعدي!
أبتي؛
لماذا لا تريدني بجوارك، فما بعد الموتِ أرحمَ كثيراً من دنيا جحود الفكر والإحساس.