لماذا كل هذا العناء، وهذه الكآبة التي سادت في نفوس البشر. أصبحنا نحمل أكثر مما تتسع له أنفسنا، أكثر مما تستوعبه عقولنا. قد يكون هذا بسبب وصول الأخبار السيئة بسرعة الضوء، و إكتساحها و سائل الإعلام وتكنولوجيا و مواقع التواصل الإجتماعي. أصبحنا نحلل و نناقش مئات المواضيع يوميا دون فائدة، دون أي هدف.
هل نستطيع أن نلم بكل شيئ، أن نقرأ جميع الأخبار، أن نتابع جميع الفانانين، أن نقلد جميع الناجحين. أهذا ما جادت به العولمة علينا، فتح جميع النوافد و الأبواب.
الإنسان بطبعه طماع، فهو يحب معرفة كل شيئ، لأنه يطمح لإستحواد العالم، إكتساب أكبر قوة ممكنة لقيادة الآخرين. لكن هذا الطمع قد يشتت ذهنه و يبعده عن إستكمال ذاته.
لكل منا إهتماماته الخاصة التي تبعت في نفسه الحماس و الطاقة الإيجابية، و لكل منا طاقات تهدمه و تمتص حماسه، فهي عوالم لا ينتمي إليها، لا يعلم قوانينها ، لا يستوعب منطقها و لا تدغدغه ضحكاتها المزيفة.
لماذا نضع معيار سعادتنا تفوقنا على الآخر، كأنه مقياس للنجاح. فنخرج عن ذواتنا و نتيه بين الذوات، فنلامس الأكثر شرا و الأكثر خيرا و الأقل إيمانا و الأكثر روحانية و نصبح الأكثر توهانا بين كل هذه العوالم المظلمة منها و المنيرة و الأكثر تعبا من تحليل الظروف و النوايا و الإشارات و الملاحظات فيصبح العقل مقفلا و اللسان تقيلا لشرح ما قد شوهد في هذه الرحلة المخيفة. عند إدن يتصل بك ذالك الشبح الذي يسمونه الإكتئاب، فيسرق ضحكتك و لون بشرتك و قوة جسمك و يجعلك جثة تقاوم لإستكمال مدة صلاحيتها، تقاوم لتتنفس، لتتحرك، لتتذكر، لتتظاهر بالحياة.