من داخل غرفة معتمة و سرير واسع لا يسع تعاستي ، أنام تحت غطاء ثقيل و لكنه خفيف أمام ثقل كئابتي، أنام كأي شخص طبيعي ، و لكن كوابيسي تلاحقني و تجعل من نومي شيء غير اعتيادي ، إنني أستيقظ كل دقيقة و نصف أندهش قليلا ثم أرجع للنوم مجددا ، أستيقظ في الصباح التالي بلا أي ذكرى أو ذاكرة ، بلا تفكير و لا مخططات يومية ، استيقظ هكذا كشيء بالي ، أقف على أقدامي بكل سذاجة معتقدة أنه يوم مختلف رغم يقيني بأنه ليس إلا تكرار لمشاهد و كلمات باردة و سخيفة ، أقلب ملابسي داخل خزانتي القديمة التي لا تحتوي على أي لون غير الأسود ، كان أحدث قميص اشتريته قبل ٥ سنين إن كانت ذاكرتي لا تزال حية، ليسَ... أقضي نصف الوقت و أنا أبحث عن شيء ارتديه يشعرني و كأنني مازلت أهتم بنفسي و مظهري أو شيء يذكرني بأني بالعشرين من عمري .. شيء يجعل من سوادي لوحة سعيدة ، لكنني في كل مرة أتذكر أنني لم أعد أكترث لشيء ، فارتدي نفس القميص المتسخ الذي لبسته في آخر ظهور لي قبل سنة ، أنظر ناحية المرآة قبل خروجي لمدة لا تزيد عن نصف ثانية ، لا أريد أن ألمح وجهي اللعين و لا أريد أن تلتقي عيني بعين أكتئابي مجددا ، أخرج إلى الشارع غير مبالية بما حولي ، كاد أن يصيبني مكروه الف مرة ، فأنا لا أرى السيارات بشكل واضح لأن عقلي منشغل بالفراغ ، امشي كالبلهاء غير مدركة للطريق و لكنني حفظته بشكل سيء حيث أصبح دماغي آلة مترجمة على كل تلك الاتجاهات المحدودة ، أركب المواصلات بعد أن تفوتني ألف مرة لأنني لا أنظر جيدا ، فأنا أشعر بالنعاس بلا سبب واضح ، اقصد نعاس داخل روحي و جسدي الخفيف ، ثم أصل الى المكان الوحيد الذي لم أصل غيره من ثلاث سنين ، أصل جامعتي ، نسيت قلمي و دفتري على السرير ، لا يهم فأنا لا أكتب شيء على أي حال ، أسير في الساحة كزائرٍ غريب لأول مرة التفت حولي كل ثانية و من ثم اضع رأسي في الأرض و أغلق عيني كي لا أرى كيف يرى الآخرون غرابتي و ألمي ، لا أعلم كيف و متى أصل القاعة لكنني بمجرد أن أفتح عيني أجد نفس جالسة في نفس المكان المعتاد ، بالصف ماقبل الاخير على المقعد المزوي بقرب الحائط ، من المؤكد أنني سأحتاج لقيلولة حيث أن التشتت بداخلي يستهلك كل طاقتي ، تنتهي المحاضرة بعد ساعة و نصف ، حتما لا أتذكر شيء ، لا أتذكر أي شيء يخصها و لا حتى اسم المادة ، كما قلت أنني أحفظ كل شيء بطريقة مستفزة ، يمر يومي هكذا ، أتجنب النظر في عيون الآخرين أتجنب السلام و الحديث الطويل ، أتجنب نفسي و صديقاتي ، اضع هاتفي على وضع الصامت طوال اليوم فهاتفي يحب أن بشبهني في كل شيء ، لا أرد على أي مكالمة إلا إذا شعرت بأنني لم أرد منذ وقت طويل مثل شهران أو ثلاثة ، ربما أفضل مافي يومي أنني لا أنسى صديقتي "القهوة" التي أعلم بأنها لن تفيد خمولي بشيء و لكن يكفي أنها تشبهني بلونها و طعمها المر ، لا يبدو أي شيء مغري في حديثي و يومي أعلم ، لكنني مدركة تماما لنهاية يومي و شكلها ، فأنا أرجع للمنزل بنفس الطريقة التي خرجت فيها منه ، بمجرد وصولي لغرفتي المظلمة ، أرمي قميصي المتسخ بنفس المكان في الخزانة ، ثم أرمي بنفسي على السرير الذي مجددا لن يتسع بؤسي ، أضع الغطاء بنفس الطريقة على جسدي وصولا الى رأسي أختبئ تحته و كأنني تحت التراب و أتخيل أنني تلاشيت للأبد و هذا أكثر ما يريحني في يومي ، آخذ نفس الأنفاس قبل أن أغفو آخذها بشكل عميق دفعة واحدة ثم أنام و تلاحقني نفس الكوابيس إلى أن أستيقظ في الصباح التالي الذي سأعتقد مجددا بكل سذاجة أنه سيختلف عن صباح أمس ، مرحبا و الى اللقاء ، حياتي وأهميتي بمثابة هاتين الكلمتين ، صفر ..
-
Mais Souliasالكتابة ليست مجرد ورقة وقلم , إنما حوار بين الإحساس والصمت ، أكتب لأنني أشعر، لأنني.. أريد أن أحيا لا أن أنجو❤