فقدان الرغبة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

فقدان الرغبة

هكذا يبدو المشهد

  نشر في 01 ديسمبر 2019 .

من داخل غرفة معتمة و سرير واسع لا يسع تعاستي ، أنام تحت غطاء ثقيل و لكنه خفيف أمام ثقل كئابتي، أنام كأي شخص طبيعي ، و لكن كوابيسي تلاحقني و تجعل من نومي شيء غير اعتيادي ، إنني أستيقظ كل دقيقة و نصف أندهش قليلا ثم أرجع للنوم مجددا ، أستيقظ في الصباح التالي بلا أي ذكرى أو ذاكرة ، بلا تفكير و لا مخططات يومية ، استيقظ هكذا كشيء بالي ، أقف على أقدامي بكل سذاجة معتقدة أنه يوم مختلف رغم يقيني بأنه ليس إلا تكرار لمشاهد و كلمات باردة و سخيفة ، أقلب ملابسي داخل خزانتي القديمة التي لا تحتوي على أي لون غير الأسود ، كان أحدث قميص اشتريته قبل ٥ سنين إن كانت ذاكرتي لا تزال حية، ليسَ... أقضي نصف الوقت و أنا أبحث عن شيء ارتديه يشعرني و كأنني مازلت أهتم بنفسي و مظهري أو شيء يذكرني بأني بالعشرين من عمري .. شيء يجعل من سوادي لوحة سعيدة ، لكنني في كل مرة أتذكر أنني لم أعد أكترث لشيء ، فارتدي نفس القميص المتسخ الذي لبسته في آخر ظهور لي قبل سنة ، أنظر ناحية المرآة قبل خروجي لمدة لا تزيد عن نصف ثانية ، لا أريد أن ألمح وجهي اللعين و لا أريد أن تلتقي عيني بعين أكتئابي مجددا ، أخرج إلى الشارع غير مبالية بما حولي ، كاد أن يصيبني مكروه الف مرة ، فأنا لا أرى السيارات بشكل واضح لأن عقلي منشغل بالفراغ ، امشي كالبلهاء غير مدركة للطريق و لكنني حفظته بشكل سيء حيث أصبح دماغي آلة مترجمة على كل تلك الاتجاهات المحدودة ، أركب المواصلات بعد أن تفوتني ألف مرة لأنني لا أنظر جيدا ، فأنا أشعر بالنعاس بلا سبب واضح ، اقصد نعاس داخل روحي و جسدي الخفيف ، ثم أصل الى المكان الوحيد الذي لم أصل غيره من ثلاث سنين ، أصل جامعتي ، نسيت قلمي و دفتري على السرير ، لا يهم فأنا لا أكتب شيء على أي حال ، أسير في الساحة كزائرٍ غريب لأول مرة التفت حولي كل ثانية و من ثم اضع رأسي في الأرض و أغلق عيني كي لا أرى كيف يرى الآخرون غرابتي و ألمي ، لا أعلم كيف و متى أصل القاعة لكنني بمجرد أن أفتح عيني أجد نفس جالسة في نفس المكان المعتاد ، بالصف ماقبل الاخير على المقعد المزوي بقرب الحائط ، من المؤكد أنني سأحتاج لقيلولة حيث أن التشتت بداخلي يستهلك كل طاقتي ، تنتهي المحاضرة بعد ساعة و نصف ، حتما لا أتذكر شيء ، لا أتذكر أي شيء يخصها و لا حتى اسم المادة ، كما قلت أنني أحفظ كل شيء بطريقة مستفزة ، يمر يومي هكذا ، أتجنب النظر في عيون الآخرين أتجنب السلام و الحديث الطويل ، أتجنب نفسي و صديقاتي ، اضع هاتفي على وضع الصامت طوال اليوم فهاتفي يحب أن بشبهني في كل شيء ، لا أرد على أي مكالمة إلا إذا شعرت بأنني لم أرد منذ وقت طويل مثل شهران أو ثلاثة ، ربما أفضل مافي يومي أنني لا أنسى صديقتي "القهوة" التي أعلم بأنها لن تفيد خمولي بشيء و لكن يكفي أنها تشبهني بلونها و طعمها المر ، لا يبدو أي شيء مغري في حديثي و يومي أعلم ، لكنني مدركة تماما لنهاية يومي و شكلها ، فأنا أرجع للمنزل بنفس الطريقة التي خرجت فيها منه ، بمجرد وصولي لغرفتي المظلمة ، أرمي قميصي المتسخ بنفس المكان في الخزانة ، ثم أرمي بنفسي على السرير الذي مجددا لن يتسع بؤسي ، أضع الغطاء بنفس الطريقة على جسدي وصولا الى رأسي أختبئ تحته و كأنني تحت التراب و أتخيل أنني تلاشيت للأبد و هذا أكثر ما يريحني في يومي ، آخذ نفس الأنفاس قبل أن أغفو آخذها بشكل عميق دفعة واحدة ثم أنام و تلاحقني نفس الكوابيس إلى أن أستيقظ في الصباح التالي الذي سأعتقد مجددا بكل سذاجة أنه سيختلف عن صباح أمس ، مرحبا و الى اللقاء ، حياتي وأهميتي بمثابة هاتين الكلمتين ، صفر .. 



  • Mais Soulias
    الكتابة ليست مجرد ورقة وقلم , إنما حوار بين الإحساس والصمت ، أكتب لأنني أشعر، لأنني.. أريد أن أحيا لا أن أنجو❤
   نشر في 01 ديسمبر 2019 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا