يا لعظمة هذا الخالق الذي نعبد ! كيف لعقولنا القاصرة ان تستوعب كلّ هذه القوّة !
بأضعف مخلوقاته يغيّر مجرى الكون ، يُبعثر دفاتره ، يمحو منه فصولا و يستبدلها بفصول مغايرة ! لا لشيئ إلاّ لنفهم رسائله المحمّلة بالكثير من الحب رغم قساوتها ..
مُضطرّ هو ان يقسو علينا احيانا كثيرة لأننا و ببساطة نسينا من نحن ، تخلّينا عن فطرتنا ، شردنا بعيدا عن الغاية من وجودنا ، نعم.. جاء هذا المخلوق ..لا تقل لي مخلّق في مختبرات او غير مخلّق ..هذا ليس مهمًا ..المهمّ هو أن الله سمح له بالظهور ، و هل تظن بأنّ ً شيئا يقع في ملك الله دون إذنه ! كلّ شيئ وقع في الماضي و سيقع في المستقبل هو بإذن الله ، ليس معنى هذا بأنّ الله تمنّى ان يكون ..لان الله في الحقيقة لا يريد تعذيبنا .. و لكن سمح به لحكمة مطلقة موصولة بعلم مطلق ..هو علمه..و هذه الحكمة هي الرجوع بالإنسان إلى إنسانيته..إلى فطرته..
إنّ الله يحبنا.. اولسنا عباده ..من صنع يديه ! أو ليست فينا نفخة من روحه ..كيف تشكّ في حبه لك ..و أنه يريد لك الخير ..
لو إستقام الكون على طريقته لجعل له انهارا من السّلام و الوفاق و التناغم ..
و لكن الإنسان .. بجبروته ..او جهله ..او نسيانه ..بجشعه و طمعه الذي لا ينتهي.. عثا في الارض فسادا..
جاء هذا المخلوق ليخترق الحدود و يصل إلى الفقير و الغني ، العالم و الجاهل و الكافر و المسلم ، ليعلّمنا بان نتعامل مع الإنسان بإنسانية بعيدا عن إختلاف الثقافات و الاديان و الطبقات و الالوان و الاشكال ..جاء ليذكّرنا بانّ العالم شبكة واحدة بعيدة عن وهم الإنفصال ، متّصلة مع بعض و الكلّ متّصل بمصدر واحد ووحيد و هو الله ..
جاء ليعلّمنا بانّ العالم كالجسد الواحد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر و الحمى ...
ألم يئن الاوان ليفهم الإنسان رسائل الله التي يزعزع بها الكون كلّ حين !
ألا يتخلّى عن جبروته و جهله و طغيانه ليرى الخراب الذي تسبّب فيه !
أتدري من هو الفيروس الحقيقي ؟؟ إنه الإنسان..و هل تعلم من هو المريض الذي يئنّ قبلنا ؟؟ إنها هذه الارض التي ترقد على فراش المرض منذ سنين، و تصارع و تشكو إلى ربها ظلم الإنسان لأخيه الإنسان ، تشكو إليه هذا الدّمار و الخراب في الغابات ، في الجوّ، في البرّ ..و البحر !
هذا الدّمار في النفوس و الأجسام و العقول..
متى يفهم هذا الإنسان الذي تخلّى عن إنسانيته منذ زمن بعيد بانّ الحياة اقصر من شهقة و زفيرها ، و انّ على الأيادي ان تتشابك ، ان تتعاون ، ان تحمل الورود بدل السلاح..و بانّ كوكب الأرض يسع الكلّ..
متى يفهم هذا الإنسان بأنه خُلق ليختبر الحياة ، ليفهم معناها، ليتعرّف على الله ..وعلىنفسه.،ليعمّرها ..لا ليخرّبها..ليفهم معنى ان يكون إنسانا ..هنا فقط سيتعلم كل هذا ..لان الحياة خُلقت لهذا ..هل فهم جبابرة الارض بأنّ جبروتهم ، طغيانهم ، ذهب هباءا منثورا أمام مخلوق لا يُرى بالعين ..هل فهم الإنسان بانّ كلّ الأنظمة التي وضعها كمنهاج حياة في كلّ المجالات سقط قناعها ..و عليه ان يعترف بانه قد اخطأ..
من منّا سيفهم ..و من منّا لن يفهم ..و من منّا سيفهم و يتظاهر بانه لم يفهم لالاّ تنهار مصالحه! بانّ الله هو الحق ، هو مصدر الامن و القوة و الجبروت ، و بانه اعلم بما يصلح هذا الإنسان في كل مجالات حياته ..ببساطة لانه هو من خلقه ..
" الا يعلم من خلق و هو اللّطيف الخبير "
صدق الله العظيم.
كورونا يُمثّل لحظة تأمّل مع النفس لنرى الحقيقة على حقيقتها !!
..