تناثرت اخر اوراق السنديانة ،جلست قرب نافذتها تتامل الشجرة الكبيرة التي سلبها الخريف رداءها ،لقد رحل من كان يتعهدها بالعناية ،مضت اعوام على غيابه ،كانت تراه فضا وهو يأمرها بعدم اللعب قرب حديقته وصارت تراه متفانيا في عمله.مازالت تتذكر وجهه وهو يأمر ابنه بنزع الارجوحة التي علقها لها على الشجرة ،متحججا بانها ستكسر الاغصان .
وكان الصبي يؤكد لابيه بانها طفلة خفيفة الوزن ولن يكسر ثقلها الغصن القوي ،كان يطلب منها ان تتشبث جيدا كي لا تطير حين يدفع الارجوحة بكل قوته،وكان الوالد يستسلم في الاخير مؤكدا لابنه بانه غبي وبان الجميلة الصغيرة التي يستميت لاسعادها ستتركه لما تكبر .
جلست على الارض الباردة واتكأت على الحائط مبتعدة عن النافذة وكانها تهرب من ذكرياتها لم تكن تفكر بشيء محدد غير انها احست بان افكارها تتناحر من شدة الاختلاف تحاملت على نفسها وخرجت متثاقلة من غرفتها وسمعت كلاما من حولها كان حتما موجها لها غير انها اكتفت بالابتسام لاخر وجه رأته قبل ان تطفئ النور و تستلقي قبالة التلفاز.
_لقد جهز العشاء .
كان صوت امها اشبه بنغم حزين يزيد تأثرها كلما كانت حزينة .
_سانام ،تعرفينني ساستيقظ في منتصف الليل لاكل اذا ما شعرت بالجوع.
واستسلمت لنوم عميق .
رأته فجأة امامها يضغط بقوة كبيرة على يدها ،لم تكن تدري ما الذي تقوله ،فقط سمعت صوتها مختلطا بدموعها ،اخبرته بتعبها ،بيأسها ،بكل ما سببه لها من حزن ،لم يتكلم فقط ظل ينظر اليها ممسكا يدها بقوة .افاقت من نومها و دموعها تبلل الوسادة ،مازالت تحس بضغط يده على يدها ،غضب و حزن هذا كل ما كانت تحس به.
طبعت قبلة على جبين والدتها و همست لها:_ادعي لي.وهي تغادر .
لما فتحت باب المنزل تفاجأت بالسيارة المتوقفة ،كان يدخن سيجارته و ينظر الى السنديانة الكبيرة .
كانت ستعود على اعقابها ،لكنها تحدت نفسها و تقدمت بتردد ،فكرت بانه عليها ربما ان تحقق حلمها وتخبره بمدى قسوته و غضبها ،غير انها بقيت صامتة كعادتها ،فكرت دائما بانه في اللحظات السيئة من الافضل عدم الكلام .
_هل اوصلك؟
_هل ستتركني اقود هذه المرة ،فقد كنت سائقا سيئا جدا؟
سلمها المفتاح و صعد الى السيارة بسرعة وكأنه يخشى ان تغير رأيها ،لمحت والدتها تنظر اليها من النافذة وكانها تشجعها بنظراتها على مرافقة زوجها،لم تره منذ شهر تقريبا غير ان الوقت لم يغير احساسها بالمرارة ،مازالت عاجزة عن فهم قدرة الانسان على جرح شعور من يحب.
التعليقات
مازالت عاجزة عن فهم قدرة الانسان على جرح شعور من يحب. .. يحدث احيانا .. من الطرفين
ابدعتي في ايصال المعنى والهدف بإسلوب جميل ومفردات منتقاة بعناية ،
أحب كثيرا ما تكتبيه .
استمري :) .