أغرب ما كنت ألقاه في هذا العالم ( الافتراضي )
أن تجد أن أحدا قد نكب بوفاة والده أو والدته
أو حتى أصيب في نفسه
أو في أحد من أهله
وتجد من يواسيه، بوضع علامة ( إعجاب )
إعجاااااااااااااب
يا ربي كيف تعجب بوفاة والده ؟
أو حتى بكسر ذراعه أو ساقه ؟
شيء غريب !
والحقيقة أن الجميع كان يضمر داخله أن هذا ( الإعجاب ) مجرد تضامن
حتى أدرك مارك أفندي أن هذه اليد لا تكفي وحدها للتضامن بالحزن أو الغضب
فأدخل هذه المشاعر
القلب = الحب
الغضب = الانفعال
الإعجاب = الأهمية
التعجب = الدهشة
الحزن = الألم والمواساة
سيقول قاريء الآن
يا لنباهتك أتيت بجديد
أو أحدهم يقول ياااااااااااه ( نبيه جدا )
ولكن الحقيقة تعكس ما بين عالمين كبيرين
عالم الشرق وعالم الغرب
هذه اليد الجميلة التي كنا نكسوها بمشاعر الحزن ومشاعر الفرح بلا مضاضة
ما كانت تعني عند الغربي مثلما تعني لدينا..
فنحن دائما ما نكسو كل شيء في عالمنا بالدراما الجميلة التي تشبع النفس
بأسباب ومسوغات واستطرادات واستدراكات وسفسطات وتساؤلات
فتجدنا مثلا لا نقنع بقصص القرآن وحدها دون أن نشفي هذا الخاطر المُلِح بتوابل العهدين من الكتاب المقدس !
فترى الخازن ينقل ما شاء من الإسرائيليات، ومعه الثعلبي.. ويتابعهما فئام من رجال التفسير والقص...
وتجدنا لا نكتفي بالصحيح ودرجاته في الحديث، بل ترانا نعب عباً من الضعيف والموضوع، والمنكر
ثم لا تجدنا نكتفي فقط بالتاريخ ووقائعه، بل ترانا نستطرد في أقاصيص وأعاجيب كألف ليلة وليلة الملآنة بالقصص الجنسية الفجة، وبطبقات الشعراني التي تحكي عن أولياء هم إلى سوبر مان وفرقة العدالة أقرب منهم إلى شخصيات عادية تعيش وتتعايش، وتدب على هذه الأرض
وإذا غادرنا التاريخ لنر الأدب وقصصه اللذيذة الممتعة لكن أهي فعلا هكذا ... لا لا
بل تجدنا خرجنا عن طوق الأدب، إلى الشذوذ في العقائد، والأفكار، والأخلاق والسلوك، وصار الأدب اسما دون رسم، وصورة دون حقيقة، ثم ترى من يسوغ للشذوذ بروح الإبداع حتى لو كانت القصة تتخطى حدود العقائد، أو الفكر، أو الأخلاق أو السلوك..
نحن نحن لن نتغير في كل شيء علاقتنا حتى لابد أن نكسوها بهذه الدراما النفسية
فتجد علاقتنا الشخصية غريبة غريبة، إذا لم يضع لي فلان ( إعجاب ) على الصورة أو حتى على المنشور
تبدأ الأفكار الدرامية في النسج في عالم اللاوعي، وتبدأ في هذه الخواطر
( نعم أعرفه هذا المجرم، إنه يغار مني، لا بل هو يريد للصورة أن تنتشر، هل يحمل وسامة كوسامتي، أو ملابسا كملابسي أو أسلوبا وطريقة كطريقتي وأسلوبي ... وهلم جرا )
هذا بالنسبة لعلاقة الرجل، بالرجل..
فكيف لو تخطينا هذا لعلاقة الرجل بالجنس اللطيف، فهي إذا اعتادت صفحته فهي معجبة به، وإذا وضعت له قلبا على صوره الشخصية فهي تحبه، وإذا خاطبته في الخاص فالجميلة قد وقعت في الشراك، وإذا آنس منها عاطفة فهي عاطفة خوف على شخصه العظيم
وتبدأ الأفكار الدرامية في النسج في عالم اللاوعي، وتبدأ في هذه الخواطر:
( نعم أعرف، هي أعجبت بي لعقليتي، لطرحي، لأسلوبي، لفكري، لوسامتي، لأنني إذا تحدثت فأنا رافعي الأسلوب، عقادي التنظير، زياتي التركيب، سردي طه حسين، فكاهي كالبشري والمازني، وسيم كتوم كروز أو رشدي أباظة.. وووووو )
هذا العيب الكبير في تكويننا نحن المشارقة أننا نلون كل شيء في واقعنا بروح عاطفية
لا نستريح إلا إذا خلقنا لكل صورة ظاهرة ولكل ظاهرة قصة ولكل قصة أحداثا ولكل أحداث تفصيلات، ولكل تفصيل أبواب ولكل أبواب أوراق وأوراق وأوراق
وتجد التساؤلات الغبية ...... :/
على المستوى الثقافي ( العلمي ) النخبوي
على المستوى الثقافي ( الفني ) الشعبي
على المستوى الإعلامي ( الخبري ) الشعبي
على المستوى الإعلامي ( الإنشائي ) النخبوي
وأخيرا: انظر حتى أنا وأنا أثرثر معك في كل هذا الكلام صنعت من الكلام دراما
وجعلتك تقرأ ههههه
ألم أقل أننا أمة تخلق من اللاشيء دراما
#أحمد
-
أحمد صبريمحب للأدب والشعر والتاريخ