لا يزال يتربع في ذلك الركن منذ ما يقرب الساعتين..بشعره الأسود المنسدل على كتفيه..وقد ابتل حتى الأطراف..لم يحتمي من المطر كما فعل هؤلاء المارة..بل تركه ينهمر عليه يزيل عنه بقايا حزنه الأسود..ثم توقف المطر..واختلى بركنه ثانية..أشعل سيجارته وشرع يدخنها بصمت بينما يتأمل دخانها يتصاعد مبتعدا..تمنى لو أن قلبه ينال ما لدخانه من حرية..فبينما يغادر هذا الأخير أرضه دون عودة..ويشق طريقه نحو السماء متجردا من كل ما يبقيه على الأرض..لا يزال قلبه أسيرا لديها..و يا له من أسر..
قد يبقى كذلك أياما ..شهورا ..أو ربما أعواما..هذا ما كان يناجي به نفسه سنوات قد خلت ..أما الآن فقد صار على يقين بأن قلبه لن يفارق أسرها حتى يرث الله الأرض و من عليها..و ما أبعده من أجل..................................
سيظل يشاطر سيجارته طريقا يغلفه السواد..يبثها همه و حزنه..و تبثه سمها يجري مجرى الدم في عروقه..و آسرة قلبه ترقد كالملاك بسلام تحت التراب تنتظر يوما يجاورها الرجل الأسود القبر ..و تنتظر....................
-
Tasnim_NASSIRIكاتبة شغوفة في أول الطريق