الفردوس المفقود (مقال أدبي) أغنية عبد الحليم حافظ (توبة ) - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الفردوس المفقود (مقال أدبي) أغنية عبد الحليم حافظ (توبة )

  نشر في 05 أبريل 2021  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .




                                                الفردوس  المفقود

بعض الخيبات لاتحرقك ولا توجعك بقدر ماتخبرك أنّك غبي للمرّة الألف أوربّما المليون ,, إنّ الطبيعة ليست قاسية وإنّّما هي مجرّد غير عابئة لما يحدث لك أو لي .. إنها العبثيّة المتجسّدة في أعظم أدوار وأطوار الكون والحياة ... الحياة التي تدور في فلك من الفوضى المقنّنة ! او قل الفوضى المنسّقة! قلها ولاتخف .. ولماذا الخوف؟ ..ومن ما ؟ اليست هذه هي الحقيقة ؟ لما تتجّنّبها دائما وكأنّك تخشى أن تلامسك فتنتقل لك العدوى ! عدوى الحقيقة الصّادمة .. عجيب أمرك ! تخشى على نفسك أيّها الكائن من الصدمة دائما بينما لاتخشى أن تغوص في لج بحر من الأوهام ... بحر أوهاومك الذي صنعته لنفسك أو صنعوه هم لك ,, وربّما كان ذلك لتتصبّر وللتقبّل ما يحدث حولك برحابة صدر . بل عن طيب خاطر !أعلم أنّه من الصعب بمكان تجرّع كأس الحقيقة العارية المتشبّعة بمرارة العلقم ... أكاد أجزم أنّك لو تجرّعت هذا الكأس دفعة واحدة لقتلتك الحقيقة ..وإغتالتك بشراسة أنيابها .... ستصدم ... تتفاجأ ...!!!! تتعجّب!!!! ماكنت تحسب أن الأمر هكذا .. أو أنه يسير بهذه الطريقة .. عبثية تعربد في كل مكان ... بإختصار ..انت لعبة في يد الأقدار ... لاتنخدع بما حشوه في رأسك منذ زمن بعيد ... ثم القوا بك في غياهب جب سحيق من الميتافيزيقا الخرافيّة وأوهموك أنه جسر الوصول لأرض النّعيم !!! أى نعيم هذا ؟!,,وهم سيلقون بك أثناء الرحلة الشاقة وفي وسط الطريق عند أول حفرة يجدونها تتسّع لك وتناسب قياسك .. وليأتي غيرك ..مالمشكلة ,, سيلاقي نفس المصير ,, ولستغيث كما شئت ,, فلن تجد من مغيث ,, اتدري لما ..لأنّه حتي أملك في إطلاق صرخة إسغاثتك المكلومة بجرح فقدك لن تستجيب لك !!!

ولن تعينك على إطلاق صرخة واحدة لأن جرحها قتلها . قتلتها خيبة الآمال التّي ماتت على أعتاب حياتك ..ولن تجد حولك سوى الفناء يحيط بك من كل جانب ... الفنااااااااء فقط ..واللاّشئ .... نعم اللاّشئ....فقط هو من سيكون رفيق دربك في رحلتك للعدم للفناء ... وحين إذن لاتسأل ولن تجد سبيلا لأن تسأل ؟ أين هم ؟ أين ماوعدوني به ؟؟ أين ؟؟ أين ,,أين ؟؟؟ إنه العدم ياعزيزي, فقط العدم ....ربّما يسمع العدم صوت مطرقة أقدامهم وهم يعربدون فوق الأرض ويدهسون فوقك بخطوات من سياط تجلد ظهر العدم وهو لايملك أن ينبث بكلمة أو بحرف ..وكيف ذلك وهو (عدم ) ,,لاشئ,,تنخر أصوات قهقهات ضحكاتهم كالسوس مخترقة مسامع هذا العدم ..هذا اللاّشئ ..فيكاد يصرخ وهو يسمعهم يعربدون في الأرض ,,وكأنّما هم فرحون أن تخلّصوا منك أيّها الأبله ...وليكملوا طريقهم الذي بدأوه ,, إنّهم يعشقون تلك العبثيّة ,,وتلك العربدة الفوضويّة التي لاتقيم وزنا لأحد ولا تضع إعتبارات لرغبات أو أهداف مهما كانت نبيلة أو كان لابد أن تتحقّق لو كان القدر أمهلها فرصة لذلك .. إنّهم يعشقون الخداع ويتدلّهون ويتولّعون بحبّه .... فما أجمل الأوهام إن كانت ستحقّق تجارة رابحة ..نعم رابحة جدا ...فلا أبدع من تجارة بالوهم ..ما أروع أن يسرقون منك عمرك وحياتك وأنت تسير وفق ما خطّطوه ورسموه لك ..وقدّسوه حتي تنجرف في تيّارهم ويصبح هذا هو مبدؤك وعقيدتك وناموسك الأوحد .المتفرّد الذي لاشريك له لديك .. ما أربحها من تجارة ..ولعلك الآن تسأل ؟ أو أنّي أرى العدم يسألك ودموع الحسرة والدهشه تقطر دما ونارا من عينيه وهو يتسأءل ؟ أين ما وعدوك به ؟؟؟!!! أين ما كنت تلهث طوال الوقت من أجل أن تحصّله وتفوز به في نهاية المطاف ؟؟!! ألم يقولوا لك أنّ الحياة معدّة من أجلك ,, !!! إنّي أسمع الآن بل أشعر بحز سكين باردة تقطر دما من صوت نحيب العدم وهو يبلغك وبكل أسى وكأنّه يخشى عليك من الصدمة وهو يقول لك : يؤسفني ياعزيزي أن أبلغك أن الحياة لم تكن معدّة من أجلك .. ولا في يوم ما ..!!! أبدا ... ولم تكن يوما ما مهيّئة لإستقبالك أنت تحديدا ..وليس لديها الإستعداد لأن تفترش تحت قدميك سجّادة حمراء حينما تهل بطلعتك البهيّة قادما إليها لستقبلك بحفاوة كبار الزوّار ...كنت طوال الوقت تظن انّك المتميّز ,,المفضّل على باقي الكائنات الأخرى ! أيظن؟ ,,,طوال الوقت وأنت تطير في فضاء من الوهم دون أن تستند على قاعدة لتهبط من عليائك متّكئا عليها وموكلا أمرك بين يديها ,, فلاتستغرب الآن اذ نزلت إلى أغوار الأرض السحيقة وأعماقها دونما هوادة ولا شفقة أو رحمة !!!! إنّه مصيرك المحتوم ولن تفر منه مهما حاولت ....ومهما فعلت ..,,خطؤك أنّك صدّقت تجارة الوهم وأسلمت عقلك وقلبك معا لها كأم تسلم طفليها وأعز مالديها الى يد المجهول المرعب وهي تحسبه جنّة النّعيم والهناء المقيم !...يالها من خدعة !!! بل قل يالها من مفارقة عجيبة متناقضة وغريبة !!!,, ومن ذا الذّي يصدّق هؤلاء التجّار الحقراء ويكون له مصير غير هذا المصير ,, عزيزي لك أن تعلم أنّ الحياة صندوق مقفل على مابه لن يفتح لأحد ما ..وحتّى لو سبرت أغواره وظننت أنّ يدك إمتدّت الى داخل هذا الصندوق وأنّك عبثت بأحشائه وإستخرجت ما تريده أو ماينفعك أو ما ظننت انّه كذلك ..فلن تنال شئ غير أوهامك وظنونك ,, وغير مايجود به عليك هذا الصندوق .. لأنّك لم ولن تخرج بشئ .. وما ظننت أنّك إستخرجته او أخرجته من أعماق هذا الصندوق ليس سوى قطرة في بحر من السراب والمجهول والعدميّة ستظل تسبح به وتغوص في لجّه دون أن تصل الى شط نهاية محدّدة الملامح ولن تعرف البداية مهما حاولت ويكون أحمق من ظنّ أنه عرفها تحديدا ...لك أن تعرف أنّ هناك نهاية واحدة فقط دائما هي في إنتظارك إنّه العدم أو الفناء ,,اللاّشئ... وعندما تصبح لاشئ ستدور في نفس الفلك وتكمل نفس الدّائرة لكن بشرط بعد أن تصبح (فناء وعدم ولاشئ !,,عزيزي إنّ صندوق الكون لم يكن يوما ما معدا لك أبدا كما كنت تظن ,, أنت رقم في سلسلةأرقام ,, فرد في قطيع ,, قطرة في بحر المجهول ,, ريشة في مهب ريح ( أوعواصف عاتية تعبث بها يد الأقدار كيفما شائت ووقتما تشاء ... العبثيّة هي دائما من تشاااء ,, فقط العبثيّة ولاشئ غيرذلك ... ( خدعوك فقالوا) ,, إن كل محتويات هذا الصندوق مغلقة على مابداخلها وكل منها وضع تباعا للآخر او كل قطعة من محتويات الصندوق جاءت بالأخرى وهكذا دواليك ..وكأنّما كوّنت كل قطعة وجودها وإستمدته من وجود قطعة أخرى قبلها ..دائرة تلف وتدور حول بعضها تكمل كل قطعة وتكتمل بوجود الأخرى وتجذبها لها بمغناطيس البقاء والإستمراريّة والوجود ,, كل يبني وجوده ويستمده من وجود الآخر ,, او قل من خلال بقاء آخر وفناء آخر بنفس الإتّجاة وعلى نفس الدرجة,, ومن الأهميّة بمكان أن يبقى آخر وفي المقابل يفنى غيره ليبقى هذا الآخر ولكي تدور العجلة وتكتمل المسيرة ,, لكنّها مسيرة غير مبالية لك أو بك غير عابئة ,, إنّها فقط عابثة تمضي في طريقها بكل صلافة وقسوة وجبروت ..تدوس بأقدامها الخشنة كل ما تطأه تحتها غير مهتمة لما يحدث له أو لما ينالك من ألم أو عذاب او معاناة ,,أتود أن تعرف محتويات الصندوق اليك هي : ( عبث في عبث الم بألم لامبالاة ثم فناء وفناء وعدم بعدم ..) ومادمت قد إتّطلعت على محتويات الصندوق وقد علمت مابه ,,لايجدر بك الآن أن تأتي اليّ متخذلقا متفلسفا أو مرقّعا في محاولة يائسة بائسة تداوي بها جراحك وتشفي بها الآمك وأوجاعك وتقول بكل ثقة : أنّك تستطيع ياصاح( ياصاحبي ) ان تصنع جنّتك ونعيمك بيديك في هذه الحياة وقبل مماتك ,, ظنا منك أنّك تخلق لنفسك نعيما وجنّة وأنت على الأرض هنا لتعيش بهذا النعيم وتستمتع به كما لو كان قصة من قصص ألف ليلة وليلة تحيا على المتعة وتنام عليها ,, !ناسيا أو متناسيا أنّ صندوق الكون المغلق هذا المخبّئ دائما للأسرار.. به ألف يد ويد تريد أن تنهشك بمخالب الزّمن وعبثيّة الأقدار الرعناء الهوجاء التي تترنّح دائما وهي سكرانه بخمر عربدتها وتتخبّط دونما حساب ودون أي إعتبار يمينا ويسارا بعاصفة هوجاء تقتلعك أو تقتلع بعضا منك وهي تزأر غير عابئة بك ..أو حتّي إنّها لن ترثي لحالك بعدما قد يصيبك من جرّاء هبوب رياحها الهوجاء الرعناء ...التي تمتد فجأة وبدون سابق إنذار بيد مجنون مختّل لايعي مايفعله فيلوّح بسكّين حادة يمينا ويسار وفي كل إتّجاه .. إنها العبثيّة لامحالة ,, وأنت قابع تحت رحمتها ورهن إشارتها تدفع بك في أى إتّجاه دون أن تمتلك حق الإختيار أو تقرير المصير !!!ليس لك في الأمر من شئ .. فخياراتك محدودة وإختياراتك معدودة ,,والآن أجبني ( هل أنت حقا وسط كل هذا العبث وذاك؟ هل حقّا أنت مستمتع بالنّعيم الذي صنعتة يداك على هذه الأرض وهذا الكوكب ؟؟!.. أشك في ذلك ,, بل إنّه المستحيل بعينه ,, ولكن دعني أبث فيك جرعة من أمل قد تشفي جسد ألآمك المتعب والذي أنهكته العبثية واللاّمبالاة .. ودعني أقول لك ... أنّك ربّما تستطيع وهذا إن أردت وصمّمت والححت في ذلك ..تستطيع أن تترك لك في هذا الكون وهذه الحياة الماجنة المستهترة العابثة بك ربّما إن أردت تترك أثرا طيّبا وذكرا خالدا تتنعّم به بعد رحيلك وفنائك ...سيظل ذكرا تقرع طبوله وترن أصداء صداه في أذان وعقول وشعور السّامعين للأبد ...أو ربّما تكون نبراسا أو مثلا أعلى يقتدي به لراغبينك وطالبينك أو بالأحرى طالبين فكرك ومبادءك ونهجك في الحياة .... لكن يبقى السؤال حائرا بدون إجابة أو إنها إجابة مخفيّة قابعة تحت أنقاض اللاّشئ ..هل ستشعر وقتها بهذا النعيم ؟ وهل ستستمتع حينها بمتعة ولذّة ذكرك الخالد هذا ؟ وتمجيدك الباقي هنا وهناك ؟!!!!!! هل سيحيطك النعيم الذي كنت تريد أن تخلقه لنفسك قبل فنائك وأنت على الأرض بهالة من نور السعادة ووميض من الهناء المقيم في فنائك وأنت عدم ؟؟!! هل ستصرخ من شدّة فرحك ومتعتك في نعيمك ؟؟؟!!!! هل تعتقد انّك حين ذاك وفي هذا التوقيت تحديدا ستشعر بشئ ؟؟! أيّها اللاّشئ ....... للأسف نحن نجتاز الحياة مرغمين ولانعيشها ... ومؤلمة تلك الدمعة التّي تسقط منك وأنت صااااامت من شدّة القهر ... صدّقني عزيزي وصدّقيني ياعزيزتي نحن لاننسى الحقيقة التي توصّلنا إليها أو جزء منها أو بعضها .. أبدا لاننساها ..نحن فقط نغلق أعيننا قليلا كي نستطيع أن نعيش ....عزيزي ,, من المهم جدا أن أخبرك أنّ الحقيقة الكاملة هي محض سراااب وخيال ولن تصل إليها في يوم ما ,, وكاذب أو أحمق من يدّعي عكس ذلك,, قد تصل الى جزء منها أو بعض منها وقد يريح عقلك إلى حد ما ويرضي منطقك وعلمك,,وربّما هذا حل مؤقّت وقد يكون ما وصلت إليه جزء من اليقين ..لكن هيهاااااااات هيهااات أن تصل إلى اليقين كاملا مكتملا !!! فجمال تلك الحقيقة وقيمتها تكمن في كونك تلهث وراءها وتظل باحثا عنها لاهثا وراءها إلى مالا نهاية ,, ولو سقطت التفاحة من فوق الشجرة لماتت لهفتك عليها وقتل شوقك إليها ..فلتستمرّي ياتفاحة الحقيقة معلقة للأبد فوق شجرة الحياة ولتظل أيدينا تحلم بالوصول إليك وتذوّق لذّتك ,, لاهثة متشوّقة إلى أبد الآبدين ,, ستظلين الحلم , الهدف ,, الدّافع ,, حتّى لو كنت وحي من سراااب أو موجة هائجة تعلو وتهبط في بحر الغموض فتصطدم دائما بصخور ترقد بسلام على شاطئ الغيااااب.

بقلم ( منال خليل )



   نشر في 05 أبريل 2021  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا