مشكلتنا ليست مع التكنلوجيا
مشكلتنا ليست مع التكنولوجيا بحد ذاتها ، بل في طريقة التعامل معها
نشر في 29 نونبر 2017 .
مشكلتنا ليست مع التكنولوجيا بحد ذاتها ، بل في طريقة التعامل معها
ففي كل اختراع جديد يظهر نضطر ان نتعلمه لضرورة الحياة ، نعيد أخطائنا السابقة بكل تفاصيلها المؤلمة ، ونرفض ان نتعلم منها ، رغم قسوتها نصر على ان ندفع كل مرة ثمناَ يكلفنا وقتاَ وجهداَ .
كل التكنولوجيا التي جاءتنا أثارت جدلاً لدى المجتمع
فعند اختراع المطبعة في زمن الدولة العثمانية أفتى شيخ الإسلام (مفتي الدولة العثمانية) بأنها رجس من عمل الشيطان فتأخر دخولها أكثر من قرن من الزمن ، وحين دخلت في زمن الوزير الأعظم إبراهيم متفرقة ، احتشد الناس وأرادوا حرقها لظنهم أن الشيطان من ينسخ كل تلك الأوراق بهذه السرعة فحرم بعضهم القراءة في تلك المصاحف .
وبعد مدى أصبحت فرمانات شيخ الإسلام تطبع في المطابع لتعمم على أرجاء الدولة ؟
(الستلايت) كان يسميه خطيب الجمعة عين الشيطان ، وان الصهيونية هدفها ان تلهينا عن ديننا ، وبعد سنوات أصبحت القنوات الدينية أكثر من قنوات الأغاني ، والإفتاء أصبح على الهواء او في اشتراك (sms)تدفع رسوم اشتراك مقابل حصولك على تفسير حلم او فتوى شرعية .
والذين وقفوا يحذرون من الستلايت أصبح لهم محطات تحمل أسمائهم ! أو برامج خاصة يظهرون فيها !
كذلك (الانترنيت) اذكر ان خطيب مسجد أخر : حذر الإباء ان يدخلوه للبيوت لأنه خطر على العائلة ، ونفسه جاء بعد فترة داعياً الناس ان يتعلموا عن طريق اليوتيوب الذي يظم كافة العلوم والمعارف وهو يملك ألان صفحة استطيع ان اعمل له تاك .
صدرت أيضاَ فتاوى تحريم الدراجة الهوائية والراديو والتلفزيون والهواتف التي تحتوي على الكاميرا ثم رفعت عنهم فتوى التحريم فيما بعد .
لو كان هذا التبدل ناتج عن دراسة وعلم لكان الأمر جيد ، ولكن ما يحدث ان الآراء تطلق بصورة عشوائية من غير دراسة للواقع ولا مقدره لموقعنا الحالي بين الحضارات ، وقصور الفهم الحيوي لطبيعة الحياة ،وعدم معرفة لحقيقة دورنا في الإصلاح وظن البعض ان باستطاعتنا ان نعيش منعزلين عن الحياة .
وان سألت احد منهم اليوم عما كان يقصده بحكمه السابق ، لن يجد إجابة تسعفه وان وجد سيقول : لم يتبين لنا الحق في حينها ؟
هذه الآراء تتكرر في مختلف العصور وتخرج من نفس العقلية التي ترفض ان تتقبل إننا اليوم أمة متأخرة جداً وليس لنا السلطة ان نحاكم نتاج التكنولوجيا الحديثة وفق معايير منظومتنا الأخلاقية والدينية ، وحتى وان أسعفتنا الدلائل فإننا لن نستطيع ان نحتوي الجماهير لفترة طويلة بدون ان نقدم لهم بديل يوازي المنتج المحظور ليحل محله ويقوم بالدور الذي يقوم به ، وهذا الأمر من الصعب ان يحصل ونحن نفتقد لأساسيات النهضة .
بما أننا كأمة لا ننتج التكنولوجيا نحتاج لوقت لاستيعاب غاياتها وظهور الفتاوى التي تمنع استخدمها تؤخرنا أكثر ، وبما أن الوازع الديني يؤثر على النخب (حصراً) ولا يملك التأثير على باقي التيارات جعلت هؤلاء يتقدمون في دخول سوق التواصل العصري واكتسبوا خبرة في هذه المجال مما صعب المهمة على النخب التي تفتقد للخبرة بالرغم من امتلاكها أفكار ومشاريع جيدة للمجتمع إلا أنها لم تقدر على جذب الجمهور الذي أصبح مشغولاً بمن جذب انتباهه ، ممن دخل السوق أولا .
كل هذا الثمن الذي دفعناه من الممكن ان ندفعه مره أخرى ما لم نتوقف عن خلط الأمور ببعضها ، ومحاولة حجب وسائل العصر الذي نعيش على هامشه اليوم ، بحجج وبراهين غير مقنعه ،والتي سرعان ما نقضت من قبل نفس الأشخاص الذين حرموها على الناس ، لان أدلتهم كانت تمثل في بعض الأحيان سوء استخدام فردي او لتحقيق مصلحة السلطة الحاكمة .
فالفتوى الحركية للحياة تؤخذ من العلماء الذين يعرفون جيداً اننا لايمكن ان ننعزل ببساطة ويمتلكون ثقة كبيرة بمبادئهم تمكنهم من استخدام كافة الوسائل المتاحة مع الحفاظ على شخصيتهم المستقلة دون الذوبان في المحيط .
-
امين الحطابهم أمة في ... كلمة