منذ ايام ليست بالقليلة كان احتفال الامم المتحدة باللغة العربية ، وفى خضم احتفال الكثير من الدول العربية بتلك اللغة الساحرة ، بدأت الأصوات تتعالى -ومن جديد - بأن مصر ليست عربية !! .

كيف يكون ذلك ؟ ، وأين العروبة ؟ وأين (تحيا جمهورية مصر العربية ) فى طابور كل صباح ؟!.

بات واضحاً أن تلك النكسة التى نحن على اعتابها ،ليست إلا نكسة فكر  تعكس ضعفنا ، لماذا ضعفنا ؟

لأنك عندما ترى اسباب فعلتهم تلك  ، تدرك فوراً انهم أنما فعلو ذلك ليثبتوا انهم منفتحين غير متخلفين  -حسب وجهت نظرهم- فأولاً قارنوا الملابس وقالو ان العرب متخلفين لان نساءهم يرتدون الملابس الكاملة غير مبدين شيئاً من اجسادهم ... ولكن المصريين الفراعنة اعتادت نسائهم ان تظهر الكثير من اجسادهن .

بالتأكيد فعلوا ذلك تأكيدا منهم على أنهم متطورون ومنفتحون ... ولكن هلى هذا سر التطور والتقدم الحقيقى ؟!! ... أم أن هناك اسباباً أخرى ؟! .

بالتأكيد لم ترتد روزاليند فرانكلين البكينى لتفهم تركيب الكود الوراثي DNA. ... ولم تتخلى سميرة موسى عن عروبتها كى تصبح أول عالمة ذرة مصرية  ، ولم تتعرى مارى كورى كى تحصل على نوبل .

أتدرى ماذا فعلن  حتى يصلوا إلى كل تلك الشهرة ، اتدرى ماذا فعلن كى تصبحن دولهن الأكثر تقدماَ وتأثيرا فى الأقل تقدماَ والأكثر تخلفاَ ؟... ببساطة إنه العلم ... إنها الثقة بالنفس .... إنه إيمانهمن بأنهن يستطيعن أن يفعلن شيئاص لأمتهن ولأنفسهن .

مارى كورى لم تكن تغير فستانها الذى ترتديه وهى تلك المرأة الأوروبية التى تستطيع أن ترتد ما تشاء دون أى انتقاد ، ولكنها كأوروبية عالية التعلم والثقافة بحكم مجتمعها المتقدم ، أدركت وبشكل حتمى أن قيمتها فيما تفكر فيه وتعتقده وتعمل به ، ليس بما ستبديه من جسدها أو ما ستخفيه .

أما فى بلاد توقفت فيها سلسلة التطور عند مرحلة القرد ، اصبح الناس يقيسون مدى تطور بعضهم عن البعض الأخر ... بمقدار مساحة أجسادهم الظاهرة ... أو بمقدار تخليهم عن لغتهم ،ظناً منهم بأنهم سيلحقون بركب التقدم ، وكأن من تقدموا فى الحقيقة ساذجون ليقيسوا تقدم الأمم بمظهرهم.

وإن كان المظهر دليل التقدم ، فكيف للأمة العربية أن تكون فى يوم من الأيام -ولقرون عديدة_ أقوى أمة بين كل الأمم ؟!! .

لو أستطعت أن تجيب على ذلك السؤال فببساطة ستدرك أن التقدم والقوة قرينان مرهونان بالعلم .

لو ان التقدم مرهونا بالعرى .. لأاصبحت العاهرات عالمات ؟، ولو انه مرهون بالمال ، لكان السارقون رمزا له ، ولكنه شئ بغيض ، صعب على المتخلفين فهمه والعمل به ،يحتاج لبشر وصلو الى كامل تطورهم ليفهموه ... إنه وللأسف العلم .

وفى النهاية يجب ان نرى الرابط بين ضياع لغتنا من بين أيدينا ، وبين ضياع هيبتنا وشخصيتنا ، فكيف بشخص لم تسحره تلك اللغة الساحرة ، ولم تحركه معانيها التى اذهلت اهل اللغة والكلام ، ان يدرك سر التقدم الحقيقى الذى احتاج الكثير من الوقت وبعد النظر .

إنه وببساطة قد توقف عقله عن فهم لغة يعيش بها ...فكيف له أن يفهم شيئاً لم يعشه قط ؟!! .