قرار .. لم يتخذ قراره في التنفيذ بعد !
نشر في 22 أكتوبر 2018 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
تمادت القرارات في حقن جرعة الإضطراب داخلي ..
تلك الجرعة التي لا تعرف سوى الزيادة , كأنها إتخذت قراراً بمحوي من على قيد الهدوء والأمان النفسي , تزداد الحيرة وتفيض التساؤلات علي , كأن الحياة قد إتخذت هي الأخرى قراراً بتبديدي , بقتلي حتى آخر كرة دم حمراء تنطلق بحرية داخلي ولا تكترث لهذا البركان العنيف الذي سيعتصرها ويُزيل أي أثر لها , قراراً من الشرق وقراراً من الغرب يتهافتوا علي , علي عقلي البرئ الذي لم يطمح يوماً إلا للإرتقاء , وهو في طموحه هذا يُعاني أقسى لحظات قد تمر يوماً عليه , لحظات تُخيره بين أن يستكمل في قراره بأن يتمسك بكل قرار يُراوده مهما كان بسيط , أو بين قرار أن يتخذ الطريق المُضاد و يمحي كل قرارته المؤجلة ويعتبرها مجرد أوهام لا صحة لها ولا واقع قابل لتحقيقها ! ..
ألم تجدك بين حروف تلك الكلمات ؟ , ألم تجد أن تلك المأساة قد مرت عليك ذات يوم ولم تكن تعي أنها حالة مُهلكة ؟ , ألم يُراودك إحساس العجز , الضيق , الحنق و أخذوا يتباروا على التخلص منك ؟ , كأنهم قد إجتمعوا على قرارهم الوحيد وهو ألا يتركوا منك سوى نظرات يائسة , وقلب مُنطفئ , وأنفاس على وشك التحلل ! , كأنهم قد وجدوا راحتهم تلك في سحقك أنت ! , في التمثيل بأعضاء أملك وإقبالك على الحياة , كأنهم قد وجدوا حياتهم في مماتك أنت , وأنت البشري الذي ينظر لكل هذه الجلبة والفوضى التي تحدث داخلك نظرة قلق , ولا تقوى حتى على أخذ قرارك بالإنسحاب من ساحة القتال تلك ! ..
قرارك نفسه بدأ يفقد قراره في الإستكمال ! ..
ذات ليلة , وجدت أن فكرة ما بدأت في التوهج , وأخذت تنثر أشعة تفاصيلها حتى تملكتك أشد التملك , لدرجة السيطرة القصوى , التي لا فرار منها , أخذ جسدك يتشبع بها , بكل ما فيه , ضلوعك أخذت تنحني كما تأمرها تلك الفكرة , عقلك لا يستوعب شئ سواها , رافضاً كل ما يلفت إنتباهه إلا هي , تشعبت فيك وبدأت خلايا الإصرار على تنفيذها في إستكمال مهمتها هي الأخرى , بمعاونة الفكرة بدأ الإصرار في الإمساك فيما تبقى منك ولم يتم السيطرة عليه , سيطرة لا تُقارن , ولن تشهد مثلها فيما تبقى من عمر زمنك , فرضت تحكمها حتى خُيل لك أنك قد عدت لعصر العبيد , وأصبحت كالعبد الذي لا يقوى على التلفظ حتى بلفظ الرضا على أوامر سيده ومالكه ! , أصبحت خاضع للفكرة بشكل قد يُسقط عليك صاعقة المفاجأة ! , وبها ستجد الحياة أصبحت غريبة إلى حداً ما , فأنت لم تعهد نفسك هكذا من قبل , ولن ترى ذلك يحدث لك كثيراً ! , مجرد فكرة معنوية لا يُمكن حتى لمسها , لا تراها كما ترى ملامحك كل يوم في مرآتك اللامعة , لا يُمكنك حتى الشعور بأنفاسها تُشاركك اُكسجين الحياة , مجرد فكرة تعبث بك ولا تستطيع رؤيتها ! , لا تستطيع التحكم بها ! , لا تستطيع فرض سيطرتك أنت عليها ! , هي تتمادى وكأنها قد وجدت ورقة فارغة وقلم مُمتلئ حبره وهي للكتابة مُدمنة ! , أوتدري من أنت في تلك الحالة ؟ , أنت الورقة ! , الورقة التي لن تترك فيها أي فراغ , ستتفنن في الكتابة وفرض الأفكار الجديدة , ستدعو جميع أفراد أسرتها على حفل ساهر لن ينتهي , لن ينتهي لأن نهار النهاية والقاضي عليها لن يأتي , أوتدري أين مكان هذا الحفل ؟ , أنت !! ..
أنت .. أرض المعركة !
تدخلت الفكرة في معركتها معك وانتهت من فرض سيطرتها الكاملة عليك , وسلبت كل مواطن إستقرارك , ومنحتك فيضان الفكر الكاسح لإتزانك , تياراً جارفاً من الأفكار , سعادتك لقدوم فكرة جديدة إليك كانت في البداية كبيرة , ومع شعورك بالإضمحلال هذا إنتهت السعادة وأعلنت عن نهايتها الأبدية , فما لها من قيمة الآن وأنت غائصاً في بحور ضوضاء فكر لن يهدأ , واشترك الإصرار على تنفيذ تلك الفكرة في إقتحام أبواب كيانك , تلك الأبواب المُغلقة بإحكام , ولم تكن تقوى الحياة على الدخول فيها أو حتى الطرق عليها مجرد الطرق للإستئذان ! , اصبحت الآن مفتوحة على مصراعيها بلا أي رفض أو إنزعاج , تخلل خليط الفكرة والإصرار عليها تلك الفجوات الصغيرة التي تُسمى راحة بالك , وأخذت تتشابك معه تشابكاً عنيفاً , وتتساءل الآن من هو الفائز في تلك المعركة الصغيرة ؟ , هنا تتضح صحة المقولة القديمة " الكثرة تغلب الشجاعة " , فأيهما تتوقع فوزه ؟ ..
وبعد أن أجبت على سؤالك بنفسك , دعنا نستكمل ..
بعد نجاح المهمة الأولى , من ضمن عدة مهام سنكتشفها لاحقاً , أو قل سننصدم بها بعد قليل ! , تبدأ مهمة جديدة , مهمة تفريغ الشحنة السلبية عليك , شحنة من الطاقة السلبية التي لم تحسب لها حساب ! , طاقة مدمرة أقوى من طاقة الزلازل والبراكين , فالتدمير هنا مختلف , التدمير هنا تدمير نفسي وفكري , وليس تدمير منشآت أو بيئة طبيعية خلابة , والتدمير في حالة النفس البشرية لن يحتمل إصلاح , فما دُمر فيها لا إستعاضة له , بينما إن قمت بتهشيم كوباً من الزجاج الأصلي فيُمكنك إسترجاعه من جديد كما كان ! , ولا تسألني عن الطريقة , فـ السر يكمن في " فهلوة " البشري التي بها يُمكنه تحويل مرض العصر إلى دواء شافي لكل الأمراض ! , " إنها الفهلوة عزيزي القارئ " ..
تهشيم راحة البال لا استعاضة عنها , تهشيم السعادة لا بديل عنها , تهشيم الهدوء النفسي لا راحة بعده ! , وتلك هي المهمة التي تقوم بها الطاقة السلبية المنطلقة من قبضة الفكرة نحوك , لتنهش بك , لتستخلص من جذورك الطمأنينة وتُحدث بها بعض التفاعلات النفسية فتتبدل لطاقة لا تقوى على تحملها ! ,وبعد ذلك نتنقل لك أنت , الأثر المترتب عليك انت بعد كل هذه المهام , كأنك حقل تجارب يا مسكين ! ..
أنت .. على حافة الإنهيار ..
وليكن المثل على ما حدث كالأتي :
فتاة جميلة , مُقبلة على الحياة , تبتسم ولا تكترث لحوادث دُنياها , ينبعث منها طاقتها الإيجابية الخاصة , تسللت إليها ذات ليلة فكرة ! . هنا بدأت المُعاناة الحقيقية !! ..
فتبدأ الرحلة بمجرد إستساغه لها , تبدأ الفكرة بالتمثيل على فتاتنا بأنها الفكرة المُكملة لشكل السعادة في حياتها , طرق ماكرة ذات أصول خبيثة لتكسب ود فتاتنا وتسمح لها بالدخول إلى عالمها الخاص والسري جداً , عالم كيانها ونفسها وفكرها , الذي أرسل لها هو الأخر رسالة بوجوب الترحيب بها وتقديم لها واجب الضيافة , وكيف لكرمها أن يتناثر عليه عار البخل ! , فسمحت لها بالدخول ..
السيناريو القادم مرعب , فعلى قارئ المقال الآن الحذر ..
وها هي تتقدم الفكرة , وتبدأ ملامحها في التغيير , بعد أن كانت باسمة أمام الفتاة حتى تفوز بحبها , فقط لتُحقق مُرادها " الدخول دون أي عقبات " , فتبدأ بسلب كل ذلك , ملامحها تضيق , وتتحول لـ وحش مفترس , يبدأ في فرد أجنحته المُظلمة على شمسها الداخلية وقذفها نحو الغروب الذي لا شروق بعده , وبعدها تبدا مرحلة الإنتشار التشعب , الفكر الذي هو سبباً أساسياً في تلك الحالة , بدأت خطواته في التأخر , بدأت يُعطي أوامراً دون أن يحسبها جيداً , بدأ يشيب ويهذي بالقرارات اللامنطقية ! , قرارات كفيلة أن تهدم قصر أفكاره في غمضة عين ! ..
انتشرت , وبدأت في إطلاق طاقتها السلبية , التي بدورها تبدا بإطلاق تساؤلات تُعزز من عملها وأثرها : كيف سأحقق تلك الفكرة في ظل الظروف المانعة التي تُحيط بي ؟ , لمَ لا اؤجل التنفيذ قليلاً ؟, هل هي فكرة صائبة أم مجرد أحلام ؟ , تساؤلات تبدأ في تفتييت أقوى قوة على وجة الأرض , فما بالك بالبشري الضعيف ؟! ..
وها قد أتت نهاية المهمة ..
نهاية متوقعة .. لن تكن غريبة على حساباتك , نعم ستنسحب من أخذ قرارك بتنفيذ الفكرة , نتيجة التشتييت الغريب الحادث فيك , إصرارك عليها اختفى , وأنت في ذلك أيضاً تُفنى ولن تجد لك وجود من جديد ..
فكن على يقين أن القرار كالحلوى .. إن تركته كثيراً فسيتعرض لعوامل التلوث التي بدورها قادرة على إفساده وجعله لا فائدة منه , يتغير مذاقه إلى المرارة التي لن تقوى عليها , وإن إتخذت قرارك بتناولها في حينها , ستجد ألذ مذاق يُمكن أن تتذوقه يوماً ما ..