وائل غنيم والمنطقة الرمادية - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

وائل غنيم والمنطقة الرمادية

  نشر في 06 نونبر 2022  وآخر تعديل بتاريخ 06 نونبر 2022 .

▪ينشأ الإنسان وسط جماعة ، تكون غالباً هى الإطار الأول المحدد لكثير من معالم شخصيته ، يرتبط بقوانينها ، وينهل من ثقافتها ، وتكون هى نافذته الأولى على هذا العالم الفسيح ، ينتهى بصره إلى سقف معارفها ، ويتسع أفقه على مدى تجاربها وخبراتها التى علقت بأذهانها ، وتناقلتها الأجيال داخل إطارها ، لكنه ربما يشعر بعد حين ، أن هذا الإطار لم يعد مرناً بما يكفى لإشباع تطلعاته التى لا تنقطع ، واكتشافاته التى تتوالد عن خبرات جديدة ، وأبطال جدد لم يكن له بهم سابق عهد فى روايته التى تشربها ، وأصبح على علم بكل تفاصيلها ، ويدخل حالة من الشغف الذى يقوده إلى طرح كثير من الأسئلة ، وعرض كثير من الاستشكالات التى أصبحت تؤرقه ، ولا مفر له من إجابات يطمئن لها عقله ، ويسكن عندها قلبه ، ويبدو أنه هذه المرة قد أصبح على أهبة الإستعداد لإختراق هذا الإطار القاسى ، مهما كلفه الأمر ، حتى يجد الإجابات التى ربما تقبع على الجانب الآخر .

▪ولأن الإنسان مهما اختلفت توجهاته ، وتنوعت مشاربه ، يميل دائماً إلى إشباع روحه ، قدر حرصه على إشباع جسده ، ويفزع إلى قوة تشد أزره ، وتجبر إنكساره ، وتضئ منطقة مظلمة فى جنبات روحه ، وتدفعه إلى الإستمرار ، والتعامل مع المادة التى تحيطه من كل جانب ، وتجعله يصبر على الطاقات السلبية التى يصدرها له أبناء جنسه ، فليجأ إلى رب ، يعلم فى قرارة نفسه أنه لا يمكن أن يكون داخل هذا الوجود المادى الفيزيقى الذى لا يخفى على حواسه المباشرة ، وإنما لابد أن يكون وراء هذا العالم ، لا تدركه أبصار ، ولا تحيط به أفهام ، هذا الإله الخالق الذى لم يخلق عبثاً ، ولم يتركه دون رسالة ترسم له منهج هداية وتوجيه ، فيقبل الإنسان على الدين بدافع فطرى ، ذلك الدين الذى لا يأتيه باطل من بين يديه ولا من خلفه ، ولا يخالطه ريب ولا نقص، لأنه الكمال فى ذاته .

▪ هكذا شرع وائل غنيم مرحلة البناء بدءاً من الدين ، فالتحق الشاب ذو الخمسة عشر عاماً بصفوف الإخوان المسلمين ، تجره عاطفته الدينية ، مفعم بحماس الشباب ، وربما هذه الفئة العمرية التى تفضلها جماعة الإخوان المسلمين ، وتكون وقوداً لأفكار الجماعة التى تبثها فى أذهان هؤلاء الشباب ، والتى تخدم أهدافها الرئيسية ورؤيتها السياسية ، ومن اللافت للنظر أن وائل غنيم كان قد صرح فى بعض مرئياته أن اتجه أيضاً إلى السلفيين ، وأنه كان قريباً منهم ، وسواء تزامنت المرحلتين ، أو سبقت إحداهما الأخرى ، فيبدو أن وائل غنيم لم يقدر على الإستمرار وسط أجواء لم تعبر عنه ، ولم تصمد أمام ثورته الداخلية ، حتى أنهما قد فشلتا فى تقديم رؤية واضحة المعالم ، أمام شاب مقبل على حياة مفتوحة ، عميقة المعانى ، متعددة المساقى ، والإقتصار فيها على أسلوب واحد للتفاعل مع معطيات المجتمع ، والتعامل مع فئات بعينها ، مزودة بآلية لا تقبل النقد ، أمر يدعو للجمود ، ويقطع الطريق على إمكانية الحصول على إجابات شافية أمام أسئلة ثائرة طوال الوقت .

▪ لكن يبدو أن الشاب الثائر ، لم يثر لتصحيح الأوضاع التى ثار عليها ، وحاول الإفلات من قيودها ، وإنما فضل أن يقتلع جذور الماضى ، ويمضى يغرس بذور الحاضر ، محولاً مساره إلى طريق آخر ، لعله يستطيع أن يجد نفسه فى نهاية المطاف ، ويبدو أنه قد شعر أن كل ما يحيطه يحتاج إلى تغيير من الجذور ، كانت خطته أن يطرح كل ما تلقى من أفكار ، ليبحث عن أخرى تعبر عنه ، برع وائل غنيم فى مجال التكنولوجيا والمعلومات ، وقام بإنشاء مواقع شهيرة له على الانترنيت ، ومن الطريف أنه حينما أراد أن يتزوج ، أنشأ موقعاً يخدمه فى ذلك ، حتى استطاع الزواج من أمريكية ، وهو فى سن الثمانية عشرة عاماً ، ويبدو أنه بعد هذه الخطوة ، قد زاد تعلقه بالتكنولوجيا ، وأصبح على ثقة أنها قد تقلب حياته رأساً على عقب ، حيث شرع يكثف تطلعاته ، وبدأ حلم الإلتحاق ب(جوجل) يطفو على السطح ، وقام بالفعل بتقديم أوراقه ، وخوض الإختبارات واحداً تلو الآخر ،

وبعد محاولات عدة فاشلة للإلتحاق ب(جوجل) ، تأتى الأقدار لتجعل من الشاب وائل غنيم مديراً للتسويق على مستوى الشرق الأوسط فى شركة جوجل العالمية ، ليبدأ إطار مرحلة أخرى تماماً فى الظهور ، ربما كانت نقطة فاصلة فى حياة هذا الشاب .

▪ انتقل وائل غنيم للعمل فى الشركة العالمية جوجل كمديراً للتسويق فى منطقة الشرق الأوسط ، ومن ثم اعتلى قمة طموحاته ، وهناك شعر أنه الآن بإمكانه تغيير كل ما كان يدعو لسخطه ، أو يثير حفيظته فى مصر ، وأحس برياح التغيير تعصف من داخله ، وعليه فقط أن يضغط على الأزرار التى تحول مسارها إلى مصر ، للقضاء على النظام القابع هناك ، والذى كان يمثل له ولكثير من المصريين رمزاً للفساد والظلم ، وبعد تظاهرات انقلبت لثورة عارمة عمت أرجاء البلاد ، استطاعت رياح التغيير الإطاحة بنظام جثم على الصدور لمدة ثلاثين عاماً ، وهنا تنفس وائل غنيم الصعداء وأحس بنشوة الإنتصار تملأ صدره للمرة الثانية ، ظناً منه أن تمكن تماماً من قواعد اللعبة ، وأنه يستطيع تغيير الشرق الأوسط بكامله إذا ضاعف من جهوده ، وأحكم خطته على نحو أعمق .

▪وبين نشوة الإنتصار وأحلام اليقظة ، أفاق وائل غنيم على حقيقة لم يجد بداً من الخضوع لها ، فعند سقوط نظام بالكامل ، سيحل مكانه أقوى الكيانات الموجودة على الأرض ، وحتى لو كان يرفضها هو ، وتربطه بها ذاكرة سيئة ، فقديما انتقد الإخوان المسلمين ، وهرب من سطوتهم الفكرية ، ليكون هو بنفسه سبباً فى توليهم سدة الحكم ، ثم يظهر الجانب السلفى مرة أخرى ، ولكنها المرة الأولى له فى حلة سياسية ، ذلك الجانب الذى هجره وائل غنيم ، ولم يره إطاراً مرناً يستطيع العيش بين جنباته . انصاع وائل غنيم لواقع الأمور ، متعللاً بأن هذه الأطراف التى خلفها وراء ظهره قديماً ، قد تكون قد طالتها رياح التغيير ، وأنها ربما تعلمت قواعد اللعبة الجديدة .

▪غير أنه وإن كان النظام قد سقط ، فقد بقيت أذنابه ، التى عاثت فى الأرض ، وأصبحت تكيد المكائد للإخوان المسلمين وهم فى سدة الحكم ، والاخوان يحاولون الرد ، ثم مشاكل أخرى بين الأخوان والجانب السلفى ،وأفخاخ وأنصاب ، سقط على إثرها الأخوان المسلمون ، الذين لم يكونوا على قدر كافى من المرونة السياسية منذ البداية ، لإستقطاب المشهد والسيطرة عليه ، ووقعوا فريسة سهلة لقلة خبرتهم إضافة إلى عنادهم وطريقتهم الجامدة فى التعامل مع المعطيات ، على أن هذا السقوط كان قد توقعه من رأى المشهد بوضوح منذ البداية ، ودخل الأخوان بعدها فى مجموعة صراعات يائسة ، خاسرة فى نهاية المطاف . فى الحقيقة لم تمر كل هذه الأحداث مرور الكرام على وائل غنيم ، ووجد نفسه فى حاجة لمراجعة أفكاره من جديد ، فهل قام بالتغيير كما أراد ؟؟ أم أن قواعد اللعبة تغيرت وفق حسابات أخرى على الأرض ؟؟ تلك الحسابات الجديدة التى فرضت نفسها فرضاً ، وبدلت المرسوم ، وغيرت المخططات ، وأظهرت جوانب أخرى خفية ، لا يمكن التغافل عنها فى اللعبة .

تساءل الشاب فى حيرة : طالما أن هناك دائما حسابات أخرى ، فهل كان الأمر يحتاج للثورة ؟ وما هى الثورة إذاً ؟؟ وهل هناك وجود لما يسمى الثورة فى قواعد لعبة الحياة ، أم أن هناك مصطلحاً آخر قد يصلح للعبة ، من شأنه أن يصل لأهداف مشروعة وحقيقية يمكن تنفيذها على الأرض ؟؟

▪فى الواقع يبدو أنه لا فائدة من إسقاط الأنظمة ، فى حال عدم توفر رؤية كاملة ، وخطط بديلة ، من شأنها أن تشغل الفراغ الذى قد يسببه إسقاطها ، وأن الأقرب دائما هو الأقوى ، وربما ليس الأجدر ، وما يجب أن يعول عليه هو الإصلاح ، ومحاولة التخفيف من وطأة الفساد ، والإصلاح الحقيقى يبدأ من الفرد ، ولا تتصور أن فساداً قد ينقضى ، أو ظلماً قد ينقشع ، فى حال فساد الفرد ، فهذا أشبه بالنقش على الماء ، تلك الأمور التى فطن إليها وائل غنيم فى نهاية المطاف ، بعد مراجعة لأفكاره وربطها بما حدث على الأرض .

▪ثم توارى وائل غنيم عن الأنظار ، ويبدو أنه قد فضل الغياب عن المشهد ، الذى ربما خلف عنده نوعاً من الإرتباك ، ودفعه دفعاً إلى مزيد من المراجعات ، وفرز الأفكار ، ومراقبة المستجدات من خلف الستار فى حالة من الترقب ، واستنباط الدلائل من قلب الأحداث ، لا عن أحكام مسبقة ، ساقتها تصورات ناقصة ، وأهواء مترنحة ، وحماسة ساذجة فى نبض قلب ثائر، فبعد الجزم بنقص الرؤية ، وتخبط الأفكار ، قرر وائل غنيم أن يعيش السكون ، ويشق غبار الوحدة ، فأطفأ سراجه المتوهج ، ولزم كهفه المظلم ، بعد أن شق عليه أن يرى نور حقائقه المزعومة ، والتى تهاوت أمام عينيه واحدة تلو الأخرى ، ولكن يبدو أن ثورة أخرى اخترقت ظلمات الكهوف ، وأمسك الشاب- الذى لم يعتد سكنى الكهوف – بمعوله ينقب ، لعل بعض النور ينفذ إلى عمق الظلام فيذيب جدرانه ، ويخرج الشاب يلتمس طريقاً لتجاوز المرحلة ، ومعالجة كل المدخلات ، والخروج بتفسيرات يستطيع إعتمادها كحقائق على أرض الواقع .

▪ وبعد اعتماد الحقائق الجديدة ، كان لابد من طريقة لعرضها ، ولأنها كانت فى أغلبها بخلاف الصورة الأولى التى رسمها وائل غنيم لجمهوره ، فكان لزاماً أن يغير طريقة العرض ، ويحاول بطريقة تدريجية ، أن ينتزع الصورة القديمة من إطارها ، وتركيب أخرى مكانها ، وبطبيعة الحال لم يكن هذا بالأمر باليسير ، إلى أن اهتدى وائل غنيم لطريقة قد تمكنه من الوصول لجمهور افتقده ما يقرب من ٦ سنوات متتالية .

▪انها طريقة ( مهرج السيرك) الذى يمزج ما بين الضحك والبكاء ، والحركات الساذجة المثيرة للسخرية ، والمضمون الكامن الذى يريد إفراغه من جعبته ، حيث تبين للشاب الثائر أنه ليس من المعقول أن يطل على جمهوره بأفكار مباينة تماما لسابقاتها فى نفس الثوب القديم ، فقرر إرتداء ثوب (البهلوان) الذى يتلوى ليظن الناس أنه مجنون ، فيقوم بإرسال رسائله لهم ، ولو أنه قدم عروضه بشخصية العاقل ، لثار ثائرة جمهوره واتهموه بالتناقض ، ورموه بالخيانة .

▪ استقبل الجمهور وائل غنيم ( البهلوان) بعقول مشدوهة ، ومشاعر مضطربة ، تغلب عليها الحيرة ، وقد رثوا لأمره ، وظنوا أنه قد فقد عقله ، ربما لما تعرض له من ضغوطات فى المرحلة السابقة ، والتى أخلت بتوازنه ، وأفقدته إتزانه ، غير أن وائل غنيم بدا عليه أنه ارتاح لطريقة العرض الجديدة ، فهى كما يراها الطريقة المثلى للمثول أمام جمهوره والنفوذ إلى عقله من جديد ، وهى مرحلة مؤقتة للتواصل ، تعقبها مراحل أخرى .

▪ نزع المهرج قميصه أمام كاميرا هاتفه المحمول أثناء عرض مرئى له ، ثم ضحك ، ثم بكى ، فى محاولة لكسب التعاطف ، بدلاً من التعرض للإنتقاد ، وكأن رسالته أنه يكشف عن الزيف الذى سكن عقله ، ووضع عنه هالة القداسة التى طوقها به جمهوره ، وذلك للتخفف من أحكام الإدانة التى قد يصدرها جمهوره ، بعد غيابه الغير مبرر عن المشهد ، وكأنه قد أدار ظهره لهم .

▪ثم فى حركة بهلوانية أخرى يحلق رأسه أمام الكاميرا ، فى دعوة منه للتخلى عما يحب ، وأنه يجب أن يتجرد مما يحبه ، ليكشف الغطاء عن آثار قد تصيب الإنسان عندما يختار ما يركن له قلبه ، ظناً منه أنه الحق ، وكأن وائل غنيم يحذر من إتباع الهوى ، والفحص والتمحيص فى كل ما يدور فى أفلاكنا ، وطرحه من المعادلة ، حتى وإن كانت تميل إليه القلوب .

▪يستطرد وائل غنيم فى بهلوانيته ، فيشعل سيجارة الماريجوانا أمام الكاميرا ، وكأنه يشير إلى طبيعته البشرية ، وأنه يخطئ ، فيتناول المخدرات معترفاً بأنه بذلك اقترف ذنباً ، وهذه فرصة أخرى يطرقها وائل غنيم ليدك آخر حصون القداسة التى طالما يضعها الشعب المصرى حول بعض الأشخاص لإقدامهم على أى عمل ربما ينبئ ظاهره أنه بطولياً ، وسرعان ما ينتزعونها منهم لمجرد اقتراف خطأ بسيط ، هذا التحرر من شأنه أن يساعد وائل غنيم فى أن ينفذ إلى جمهوره دون أن يحاكمه إلى حياته الشخصية .

▪منتقلاً إلى خطوة أخرى من عرضه الجديد ، يطل وائل غنيم على جمهوره ، يتلو ما تيسر من آى الذكر الحكيم على مسامعهم ، فى محاولة منه لإقناعهم أنه يعترف بذنبه ، ويحاول جاهداً التقرب إلى الله ، ليغفر له خطاياه ، ويساعده فى إجتناب الذنوب .

▪ وهكذا ينتقل وائل غنيم المهرج ليقدم عرضاً تلو الآخر على المسرح الذى أعده خصيصاً ، وراهن أن جنباته ستمتلئ بالمتفرجين .

▪إن وائل غنيم الذى راهن على أن طريقته البهلوانية ستجذب المتفرجين ، قد ربح رهانه ، وتمكن بطريقته الرمادية من أن ينفذ إلى أقطار الشارع المصرى من جديد ، وما بين داعم ومستنكر ، وفاهم ومستفهم ، برز وائل غنيم كموضوع يشق طريقه إلى عقل المشاهد ، وظاهرة تفتقر إلى تفسير .

▪ويبدو أن الرمادية فى العرض ، وتمييع المواقف التى يجدر بها أن تكون حاسمة ، ترفع الحرج عن الشخص كونه محسوباً على فئة أو عقيدة أو فكر ، وتزيد من مطاطية الإطار المحيط به ، فيعرض أفكاره دون خشية من تبعاتها ، حيث يتم عرضها على المتابع على أنها مجرد تصورات حيال قضايا بعينها ، ولكن يتم خلالها غرس أفكار جديدة على طريقة سحرة فرعون .

▪فلا مانع من شرب الخمر وتدخين الماريجوانا ، إن كان ذلك سيصرف عنى إتهاماً بأننى محسوب على طائفة دينية ، وفى الوقت ذاته سأقرأ على مسامعك نصوصاً مقدسة حتى لا يتسرب لداخلك أننى منزوع الفطرة الدينية ، وما بين هذا وذاك سأطرح عليك أفكاراً ربما كانت على نقيض أفكار كنت قد تبنيتها فيما سبق ، على أن أفكارى الجديدة ليست مذهبية أو طائفية ، وإنما من واقع التجربة الإنسانية .

▪ فى الحقيقة هذه الأفكار التى لا تستند فى مضمونها إلى أوليات ثابتة ، يمكن المحاكمة إليها ، قد تتسبب فى تشويش ذهن المتلقى ، وربما قد يغرق فى بحر النسبية المظلم ، فيحاكم الأمور إلى قناعاته الشخصية ، والتى ربما نبعت من تجربته ، التى كانت لتختلف بإختلاف البشر فى معالجتها .

▪ ولا غرابة إذاً من أن يقع وائل غنيم نفسه فى شراك الإلحاد لفترة زمنية ، وهذا بإعترافه فى إحدى فيديوهاته ، فإنعدام المركزية والإعتماد على التحليل البشرى النسبى دون الإتكاز على قواعد يحتكم إليها البشر ، يخلخل الدعائم ، ويفقد الإتزان ، ويجعل الإنسان عرضة للسقوط .

▪لكن وعلى نفس الصعيد ، يبدو أن هناك ما دعا وائل غنيم إلى اللجوء للمنطقة الرمادية ، فوائل غنيم الذى نفر من الإخوان المسلمين ، وهرب من السلفية ، ربما وجد نفسه مضطراً إلى ذلك أمام منظومة غير متكاملة ، تشوبها النقائص ، ولا تقدم تصوراً شاملاً للتعامل مع مجتمع خانع أمام ثقافة الغربى ، يستلهمها فى أسلوب حياته ، وسن تشريعاته وقوانينه ، وربما كانت الحلول التى قدمتها له هاتان الطائفتان حلول تصادمية مع سلطان منهج عالمانى مكتسح ، وربما نأت أحدهما أو كلاهما عن التعامل المباشر ، فخلفت حيرة عند المريدين فى مواجهة العالم ، وتساؤلات لا حصر لها حول منهج من شأنه التعامل مع مفردات الواقع ، منهج لإنسان لا يمكنه العيش سوى فى جماعات سيطرت على صيرورة حياتها برامج ومشروعات وأفكار ، لا يجدى معها نفعاً تصنيفها على أنها محلية أم مستوردة من الخارج .

▪هل تمكن وائل غنيم من إيجاد طريقة مناسبة للعيش فى خضم مجتمع أصبح فيه الدين عمداً مجموعة من الشعائر ؟؟ هل استطاع التكيف مع الأوضاع نفسها التى ثار عليها من قبل ؟؟ هل حقاً فهم قواعد اللعبة ؟؟

والسؤال الأهم : هل المنطقة الرمادية هى الحل ؟؟



   نشر في 06 نونبر 2022  وآخر تعديل بتاريخ 06 نونبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا