القوة الكامنة في رحلة النجاح - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

القوة الكامنة في رحلة النجاح

القوة الكامنة في رحلة النجاح

  نشر في 27 فبراير 2020 .

القوة الكامنة في رحلة النجاح

إن الأفكار التي تنتقل للناس، وتتناقل بينهم في بيوتهم وأماكن تجمعاتهم كثيرة ومختلفة، منها استقدام العمالة، فتخصص مكاتب استقدام، تقدم خدماتها وبرامجها، في الجانب الآخر تبدو "الهجرة المؤقتة"، وكأنها حلم الفردوس، تسبقها الدعوات والصلوات، وما أن تتم، حتى تبدأ طقوس الوداع والبكاء والتذكارات والوصايا، وكثير من الآلام، إنها فرصة تحسين الحياة، حِلم يتحقق مع رسالة قصيرة من مكتب استقدام: "عزيزي، لقد حققنا كل المطوب لاستقدامك، سنكون في استقبالك، وسنرتب لك الأمور الرسمية، بانتظار حضورك."، إن وظيفة مكاتب الاستقدام تشبه وظيفة طيور الزاجل في الزمن الماضي، تحمل الرسائل بانتقالها من مكان إلى آخر، تحمل رسائل السلام والحرب، وحنين العشاق، وفراق الأحبة، إنها الحياة بكل تفاصيلها، الهجرات للاستقرار حول الماء والزرع أو الهروب من الحروب، والأوبئة، والمتغيرات البيئية.

في الأسبوع الأول، كان لابد من زيارة استطلاع إلى مطاعم المدينة المنورة، البحث عن أفضلها، هناك الكثير من الأسماء، وبعضها تعود إلى منتصف القرن الماضي، لكنها تتطور بتجهيزاتها ورونق إطلالتها ونظافة ما تقدمه من وجبات وما تزود به موظفيها من ثقافة وحسن استقبال ونظافة في الهندام والأدوات والابتسامة العريضة الغير متصنعة، تتميز مطاعم المدينة المنورة، بالإبداع الهندسي لمبانيها، والخدمة المميزة فيها، والقوائم الغنية بالذوق الرفيع، والخبرة الطويلة، والمذاق الساحر، إنها المدينة بجلساتها الهادئة الساحرة، لقد اختارني مكتب الاستقدام لأعمل في أكثرها شهرة، لقد تعلمت كيف أرتب أفكاري وأولوياتي، وأحدد برنامجي اليومي. إن الحصول على الاستقرار والوظيفة الآمنة والعمل بالشهادة او الخبرة المهنية، أفضل أدوات تحويل "الغربة" إلى وطن جديد، يتحول فيه المجهول إلى معلوم، والخوف إلى ثقة، والفشل إلى نجاح، والتعثر إلى تقدم، وكلما كانت مكاتب الاستقدام قوية وموثوقة، كلما كان الحصول على الاقامة أيسر وأسرع، لقد رحل الناس إلى بلاد بعيدة، وفي كثير من الرحلات، لم يصلوا، فإما أنهم وقعوا في المحظور وتم احتجازهم، أو تاهوا في وسط البحار والمحيطات والغابات والصحاري، ضاعت منهم بوصلة الوصول، لقد حاولوا الحصول على "الوهم"، والالتفاف على قوانين البلاد، فربطوا مغامراتهم بالخيال ، فسقطوا صرعى بين أنياب البرد القارس، والحر الشديد، وأطماع المهربين، والأمراض، فانتهت رحلتهم قبل أن تبدأ، وبعضهم دفنت قصصهم في أعماق المجهول، لا أحد يعرف هل هم أحياء أم أموات.

في كتاب مذكراته، وعلى أصوات الموسيقى الهادئة، كان يكتب يومياته، بأسلوبه الجذاب ومشاعره المفعمة بالأشواق لأمه المُقعَدة ووالده المُسِن وزوجته الصابرة واطفاله الصغار ديما، وطن، وفارس. كان التفكير بالتخيل يسيطر على عقله، لكنه واقعيا جادا في يومه، وقد استفاد من دراسته وخبرته، فَأَعجب مُشَغِلَه بحسن عمله، كيف لا، وقد طوره وربطه بالتكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي وسرعة حصول الزبون على طلبه، وحوَّل طريقة تقديم المأكولات والمشروبات والخدمات من أسلوب ورقي تقليدي إلى اسلوب تقني مدعم بتأثير الصورة، والمشهد المرئي والصوتي، فكانت رغبة القادمين للمطعم مفعمة بالتجريب، وتنتهي رحلتهم فيه إلى ذكريات زاخرة بما لم يتوقعوه وبما يمكن أن يحدثوا به وعنه الأهل والأصدقاء ونشر صورهم وعروضهم المرئية من داخل المطعم، ليساهموا في تكثيف استقدام الزائرين له، وهكذا تعمل مكاتب استقدام العمالة بعرضها أفضل الوسائل والتسهيلات للعمالة من البلاد القريبة والبعيدة والناطقين باللغات المختلفة والعاملين في مجالات عديدة.

في إحدى صفحات مذكراته كتب غريب الديار: "تغمرني سعادة غامرة، كلما أشاد بي صاحب المطعم لمكتب استقدام العمالة الذي تولى حضوري وتوظيفي، فكما أن قلبه كان سعيد بي، كان قلبي سعيد بذلك، فكما يقولون "إن القلوب سواقي"، وكما للأرض جاذبية، ففي كل منا تكمن ارداة وجاذبية خاصة، ومليئة بالطاقة الهائلة، فالطاقة الموجودة في جسم الفرد البشري الواحد تكفي لتغذية مدينة كبيرة لمدة اسبوع كامل."

مكاتب الاستقدام، تقدم الفرص التي تغير مجرى حياة الانسان، فتمنحه مشاعر إيجابية من السعادة واحترام كيانه، والفرح لفرصة العمل، وكما تكتشف فيه مشاعر الحزن للبعاد، والغربة، والسفر الطويل، ومعاناة الوِحدة، إنها مشاعر إنسانية مشروعة، ظاهرة انسانية ليس من السهل تفسيرها، كذكريات تطل على الانسان بألوان قوس قزح في وسط نهار شتائي ماطر، جميلة ألونها، تختلط مع مذاق طعام مميز ولذيذ يقدمه إلى زبون جديد، يمنحه بُعدا خاصا ويحجز مساحة في ذاكرته، تختلط بسحر المكان وترتيب زواياه وتوزيع الاضاءة وزخات ممتعة من الموسيقى تنعش القلب والجسد معا. هكذا يتميز المكان مقارنة بباقي مطاعم المدينة المنورة، وفعلا إنها منورة دائما بأهلها وطيبتهم وحسن استقبالهم للضيف وروعة مشاعرهم، فهم الأنصار لكل غريب ومهاجر، وهم الزاد لكل من طال به السفر.

لقد استمر عملي سنوات طويلة في نفس المطعم الذي اختارته لي مكاتب الاستقدام، وفي نهاية كل عام يُطلب مني تعبئة استمارة تقييم من عدة اسئلة ومنها "كيف تطور نجاح عملك"، فكتبت في إحدى المرات، أن السمات الإقناعية للموظف ومهاراته المتمثلة في القدرة على الاقناع والابتكار والعرض، والضبط الانفعالي و تقبل نقد وملاحظات الزبون، بالتعبير الواضح وتنقية الحديث من المعاني الصعبة والمعقدة ، ونطق الكلمات والألفاظ بتعبيرات الوجه الايجابية وحركة اليدين والجسم التي تتلاءم مع سياق الحديث، واستخدام الاستمالات العاطفية والمنطقية، وتقديم كل ما يمكن للوصول إلى رضا الزبون عن المطعم والخدمة، لتنتهي رحلته بمشاعر إيجابية واقتناع بأنه حصل على أفضل ما يمكن."

إن هناك تشابه كبير في أسلوب العمل والدعاية بين المؤسسات، في تقديمها لخدماتها والوصول إلى رضا العملاء، إن أساليب مكاتب استقدام العمالة، والمطاعم مثل مطاعم المدينة المنورة، متشابهة في رسالتها ورؤيتها، فتحقيق النجاحات والتفوق، يعتمد على العامل البشري أولاً، ومن ثم القدرة على توظيف كل الامكانيات من الحوار الناجح والأدوات والوسائل المناسبة لتبدأ رحلة النجاح، إنها رحلة شاقة ولكنها مثمرة في كل الاحوال.


  • 4

  • مازن صافي
    أنا طبيب صيدلاني، كاتب محتوى ومقالات، مفكر وأديب، لدي القدرة على التعامل مع برامج الكمبيوتر وخاصة WORD PDF EXCEL
   نشر في 27 فبراير 2020 .

التعليقات

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا