يعيش المرء سنواتٍ وهو ميت حتى ينظر إلى إنعكاسه في وجه من يُحب ..
#إبتسام
كانت هذه بداية رسالة رومال إلى زوجِها عبر حدود أرض بدوية منخفضة و كانت تجلس هناك على قمة جبل عالٍ ، تنظر إلى مكان موطِنهْ لعله يستجيب ..!
وتنتظره هناك كل يوم تبحث عنه في فراغ المكان وزحمة المشاعر التي استوطنتها منذ رحيله فجأة إلى الأرض المقابلة من دون أن يترك لها رسالة أو كلمة ..
نسيان مقابل إهتمام هو ما سيجعلها تُجن ، كيف تعيش هي على أمل اللقاء دون أن يترك لها بصمة لهذا اللقاء ، حماقة رومال كحماقة نساء العالم ..تعتلي على وجوههن ابتسامة عريضة و تُوقف كل منطق يتسلل لذاك العقل الكسول وتوقفه تماما كأنها تلغيه من جسدها فتصبح بقلبين و تعطي كل شئ بتعبئة مضاعفة فتسكن بعد كل هذا العطاء وتنتظر في زاوية المكان ...
بين أذرع إحتياجاته الزمنية و المِزاجية فتأخذ نصيبها منه كطير يخطف قضمة من طبق نسر ...كارثة !
رومال تريد كل شئ و تفعل كل شئ وهذا ما جعلها تفقد كل شئ ..
عندما تفكر ما المميز فيه كرجلْ ، تصمت ..تفكر طويلا فتندهش من روعة الصورة التي ترسمها له فرشاة مخيلتها فتعلمُ أن هروبه منها وراءه اندفاعها نحوه و تبتسم إبتسامة خبيثة فتبيع مخيلتها بلا ثمن له ربما يفهم ما يحصل لها..
يهرب من أرض إلى أخرى يبحث عن امرأة تصمت و تطيع إلا التي تركها خلفه فلا قيمة لها في نظره وهي تحب بوضوح وتكره بوضوح ..رجل كهذا يتكرر كل يوم ..
وجهة نظر :
إن الرجل يحب المناورة في العلاقات ..تعطيه سهولة العلاقة إحساسا بالملل ، بعض النساء كذلك شُعلةُ العلاقة في الوهلة الأولى تجعل البصيرة منعدمة و الاحساس على أوجه وربما تصبح ربيبة الشيطان لتحصل عليه !
وتختفي رغبة الحصول على الآخر حين تهوى أجسادهم في قاع مظلم لا نهاية له ..
رومال كجميع النسوة تحب بصخب ورغبة طفولية في تملك من تُحب لكنَّها تتهمُ بأبشع الألفاظ لكونها ترفض الجميع وتريده هو ..فقط هو لا غير !
سمعتْ أنه تزوج بفتاة عشرينية فقررت أن تفك القيود التي تسمع صوتها كل يوم وهي تقيِّد حركتها فقررت أن تكتب له أطول رسالة كتبتها منذ أن تعلمت الكتابة ..
تكتب ُ له كأنَّ حبرها ينقطع و سينتهي:
كيف حالك يا رجل ..
أعلم أننا أخطائنا جميعا و لكن أكلُّ الناس تحب ؟!
أنحن أفضل في الغياب أم نلنا منه ؟!
كيف تجدُ قلبك ؟!
حسنا ..كما تشاء ، رأيت من واجبي عليك أن تسمع مني وتقرأ لي ما يهيج به صدري من كلمات ..
عزيز ٌ عليَّ أن أراك في زاوية الجفاء ..ولكن هذا واجب علي َّ ما دمت أنك ميت و ما زلتَ حي ْ !!
إن كان الله عز وجل رخصَّ لنا الحوار وها أنا أصنعُ هذا الحوار فأين أنت من كلِ هذا ..!
كحدس أنثى أظن أنك إستوطنت غيري وهذا ما اراه في عيون غراب أسود حاقد ... لن ألوم على ما تفعله بي يا رفيق دربي و هذا واجب ٌ عليَّ ...واجبٌ علي أن أذكرك أن صيام رمضان شهر لا أكثر و عشتُ هذا الشهر بصبر لن تتحمله ...
عشْ ما شئت لكن بعيدا عني وإهجر هاته الأرض إلى الأبد..
..كلمةٌ واحدة كفيلة بالخلاص ، أعطني عذرا واحد وبسيطا حتى أصفح عنك !
إذا كنتَ تهوى الترحال فأنت أنيس الغربة و هذا الأمر جديد عليَّ لكن عمركَ لن ينقص أو يزيد إذا تغيرت أما القلوب كالماء تتغير مع مسارها ...
بعد أن أرسلت رسالتها إليه مر زمن بسيط ثم وجدته يدخل عليها مترددا فنظر إليها ثم قال :
لما كلُ هذا العتب يا رومال ؟!
نظرت إليه بعتابٍ و في صمت ثم قال كأنه يواسي الضلع المنكسر "رومال" :
أنتي يا رومال تنفُخين في رماد شعلة علاقة دامت زمنا طويلا ، زيجةٌ كهذه ليست سوى لقمة قبل الموت ْ !
قالت في عتب : لا أخشى فراقك لكن أحقا لقمة ستكفي حتى و الموتُ مُرافقك !
خيَّم الصمت على المكان ثم قال بصوت منخفض :
جعلتُ لك مكان الروح و جعلتُ لها مكان الجسد ..
ضحكتْ ثم قالت:
الروح هي من ربي و المكان هناك للجميع وحتى الجسد لهن ..رأيت ُ فيك مكر أهل البدع فإمضي الى ارضك الجديدة وإهجرني حتى تفقد الذاكرة ..
-
..